تقرير: عام على توقيع اتفاقات أبراهام، الإنجاز الأساسي يبقى اقتصادياً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

قبل سنة تماماً بدأت تنتشر الأخبار الأولى بشأن بلورة اتفاق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات. في نهاية آب/أغسطس 2020 قام وفد إسرائيلي بزيارة رسمية إلى الإمارات، وبعد أسبوعين جرى توقيع الاتفاقات مع الإمارات والبحرين في البيت الأبيض في واشنطن.

ما هي التغييرات التي أحدثتها اتفاقات التطبيع بعد مرور عام؟ بحسب المؤسسة الأمنية، أشياء غير قليلة تحسنت، لكن أقل مما جرى تقديره في البداية.

الخطوة التي قام بها نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد في الإمارات محمد بن زايد كسرت الجمود في العلاقات بين الدولتين، والذي دام أعواماً. لكن الثلاثة أملوا بتحقيق أكثر من ذلك"، فقد هدف الاتفاق إلى تمهيد الطريق في اتجاه اتفاقات تطبيع مع دول عربية عديدة أُخرى وعلى رأسها السعودية؛ وكان يجب أن ينشأ بموجبه حلف استراتيجي جديد موالي لأميركا في الشرق الأوسط كردّ على المحور الشيعي الذي تقوده إيران؛ كما كان يهدف إلى إثبات أن إسرائيل ليست بحاجة إلى السلام مع الفلسطينيين لتحسين علاقاتها بدول المنطقة.

الخطوة بحد ذاتها، التي انضم إليها لاحقاً السودان والمغرب، هي خطوة دراماتيكية ومثيرة للإعجاب، وتُعتبر الإنجاز الكبير والوحيد لترامب في المنطقة، وتشكل إحدى النقاط الأكثر إيجابية في السياسة الخارجية الإسرائيلية خلال 12 عاماً من حكم نتنياهو. لكن النتائج الاستراتيجية الإقليمية أقل تأثيراً. بحسب مصادر أمنية في إسرائيل، الثمار الحقيقية للسلام مع الإمارات تحققت في المجالين الاقتصادي والتكنولوجي كما توقع نتنياهو، ومشايخ الخليج يُظهرون اهتماماً كبيراً باستثمارات كبيرة في إسرائيل.

في هذه الأثناء تتوثق العلاقات الأمنية والاستخباراتية بين الدولتين على الرغم من عدم معرفة تفاصيلها. التقارير التي نُشرت مؤخراً عن نشاط شركات سيبرانية إسرائيلية كشفت أن الإمارات في طليعة الدول التي تستورد تكنولوجيا إسرائيلية. لكن إذا أملت إسرائيل بأن تشكل الإمارات جزءاً من حلف يعمل بالقوة على كبح التحركات الإيرانية في المنطقة يبدو أن أملها خاب. أيضاً بقي تدخّل الإمارات في الساحة الفلسطينية خجولاً، ولم يحل المال الإماراتي محل المال القطري في غزة، على الرغم من التأييد الإسرائيلي الكبير للفكرة.

يبدو أنهم في الخليج يتوخون الحذر النابع من اعتبارين مرتبطيْن ببعضهما البعض. أولاً تعتبر إيران قوة إقليمية قوية لا تنوي التراجع أمام الولايات المتحدة ولا تخاف من المس بمصالح أميركية وإسرائيلية في المنطقة. ثانياً؛ تغيّر الإدارة في الولايات المتحدة خفف من الشهية في توثيق العلاقات مع إسرائيل، سواء في الإمارات أو في السعودية.

لقد كان ترامب العراب المركزي لاتفاقات التطبيع. الرئيس الحالي جو بايدن أكثر شكوكاً. توجُّه الخروج من الشرق الأوسط، والذي وُضع في نهاية ولاية إدارة أوباما، مستمر بوتيرة أسرع خلال ولاية بايدن. أميركا تركز اهتمامها على الشرق الأقصى، وعلى علاقاتها المشحونة بالصين. في مثل هذه الظروف وعود الإمارات بتوثيق علاقاتها علناً بإسرائيل تبدو خطوة بعيدة الأجل.