فتح القنصلية الأميركية للفلسطينيين في القدس لا يزال يتعرقل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

قبل 3 أسابيع، وخلال زيارته إلى رام الله، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن إدارة بايدن تنوي إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، والتي أُغلقت في سنة 2018 بأمر من الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي كانت تقدم خدماتها إلى سكان الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية. لكن حتى الآن لم تدخل هذه الخطوة حيز التنفيذ.

الرئيس الأميركي جو بايدن أراد إعادة فتح القنصلية ضمن إطار مساعيه لتحسين علاقة الولايات المتحدة بالسلطة الفلسطينية بعد فترة طويلة من التوتر خلال ولاية الرئيس السابق. مع ذلك تقول مصادر سياسية إن تغيّر السلطة في إسرائيل بالإضافة إلى رغبة الولايات المتحدة في التأكد من استقرار الحكومة أديا إلى تأجيل تطبيق الخطة. "فتح القنصلية يمكن أن يزعزع مكانة نفتالي بينت"، هذا ما قاله مصدر إسرائيلي مطّلع للصحيفة، وتابع المصدر: "في تقدير الإدارة الأميركية، لا توجد فرصة في المستقبل المنظور لقيام أي عملية سلام مع الفلسطينيين. لذا لا سبب للإسراع في تحقيق بادرات دبلوماسية."

 ما ترغب فيه إسرائيل هو تراجُع بايدن عن العملية تماماً. في رأي مصدر سياسي، نظراً إلى أن الولايات المتحدة اعترفت مؤخراً بالقدس عاصمة لإسرائيل، يبدو فتح قنصلية تخدم الفلسطينيين تحديداً داخل حدود المدينة  أمراً غير منطقي.

لكن السبب الأساسي لاهتمام إسرائيل بتراجُع بايدن عن تعهده فتح القنصلية هو سياسي:  إذ تتخوف الحكومة من أن تؤدي هذه الخطوة إلى خدمة رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو في صراعه ضد الحكومة، وأن تخلق توترات داخل الائتلاف. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الدولة السابق رؤوفين ريفلين سبق أن طرح الموضوع خلال اجتماعه بالرئيس الأميركي في أيار/مايو الماضي في واشنطن، وكان لديه انطباع بأن الإدارة لا تنوي إلغاء المشروع.

عامل آخر يجعل من الصعب على الولايات المتحدة فتح القنصلية هو الموعد الذي سيبدأ فيه طوم نيدس عمله كسفير في إسرائيل. والتقدير أن جهات رسمية في واشنطن لا تريد أن يتمحور عمل السفير نيدس في الأسابيع الأولى لتسلمه منصبه حول الخلاف على إعادة فتح القنصلية. ومن المحتمل استخدام التأخير في استلام نيدس منصبه كذريعة لتبرير التأخير في فتح القنصلية. لكن التأخير الطويل يمكن أن يثير انتقادات ضد بايدن من المشرّعين الديمقراطيين الذين سيرون في ذلك فشلاً في محاولة تطبيق سياسة مختلفة عن سياسة ترامب.

يبدو أن مساعي الإدارة الأميركية للسير بين النقاط والدفع قدماً بالوعود للفلسطينيين إلى جانب الامتناع من المس بالائتلاف الحكومي الإسرائيلي لها علاقة أيضاً بقضايا أُخرى. فقد ردت الولايات المتحدة رداً معتدلاً نسبياً على إعلان إسرائيل نيتها الدفع قدماً بالبناء في المستوطنات. وقد فوجئوا في إسرائيل من التنديد الضعيف وأشاروا إلى أنهم بلّغوا الولايات المتحدة بالخطوة قبل إعلانها. مصدر إسرائيلي رفيع المستوى أشار إلى أن جزءاً من ردود وزارة الخارجية الأميركية على الموضوع، ومنها الدعوة إلى تخفيف التوترات مع الفلسطينيين، تتطابق مع خطوات تنوي حكومة بينت القيام بها حيال السلطة الفلسطينية، وبينها منح آلاف أذونات البناء في البلدات الفلسطينية، وإعطاء 15 ألف إذن عمل جديد لعمال بناء فلسطينيين للعمل في إسرائيل.