لماذا يخاف اليمين من السلام مع الأردن؟
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- ظاهرة غريبة تحدث في هذه الأيام وسط سياسيين من الجانب اليميني في الخريطة السياسية: ردود غاضبة وخائفة من محاولات تحسين العلاقات السياسية مع الأردن أحد أهم الشركاء الاستراتيجيين لإسرائيل.
- منذ نشر تقرير بارك رابيد في الأسبوع الماضي (في موقع "واللا") عن لقاء سري جرى بين رئيس الحكومة نفتالي بينت والملك عبد الله في قصره في عمّان، أُصيب بعضهم بالبارانويا. هم يتخوفون من أن يؤدي ترميم العلاقات الباردة - التي تدهورت كثيراً خلال ولاية نتنياهو - إلى أن تدفع إسرائيل أثماناً باهظة متنوعة: فرْض عملية سياسية مع الفلسطينيين؛ القضاء على التحالف مع دول الخليج في مواجهة الإيرانيين؛ التخلي عن الجيوب؛ التمسك الهستيري ببضعة أمتار مكعبة من المياه. هكذا على سبيل المثال قال نداف هعتسني في برنامج "لقاء مع الصحافة" إن الأردن دولة "تتصرف كدولة معادية"، وفي "يسرائيل هَيوم" وصفت كارولين غليك لقاء ملك الأردن بـ"الإهانة".
- هناك إجماع تقريباً في المؤسسة الأمنية على أهمية التعاون الأمني - الاستخباراتي مع الأردن. حتى مجلس الأمن القومي في فترة نتنياهو لم يقلل أبداً من أهمية المملكة في الدفاع عن أطول حدود للدولة. على العكس، هو لم يتوقف عن التشديد – على الرغم من المصاعب الواضحة في المجال السياسي - المدني وبين الزعامتين - على العلاقة الوثيقة ما وراء الكواليس بين الأذرع الأمنية للدولتين وفي مجاليْ الطيران والطاقة. وأشار التقدير الاستراتيجي السنوي لمجلس الأمن القومي إلى أن "توثيق العلاقات مع الدول المجاورة" هو من الأهداف المركزية. حكومة نتنياهو اهتمت بالدفع قدماً بمشروع تشغيل عمال أردنيين في الفنادق في إيلات على البحر الميت، كتعويض ضئيل عن فشل المشروعين المدنييْن "قناة البحرين" [التي تربط بين البحر الأحمر والبحر الميت] و"بوابة الأردن" [إقامة منطقة صناعية على الحدود بين البلدين].
- لم تكن المشكلة قط في إنكار أهمية العلاقات مع الأردن والحاجة المبدئية إلى ترميمها، بل في الكباش المستمر بشأن كل ما له علاقة بتدخّل الأردن ومواقفه من القضية الفلسطينية وموضوع الحرم القدسي. هذا إلى جانب الإهمال الإجرامي للعلاقات على المستوى المدني، في ضوء شلل وزارة الخارجية في فترة الحكومة السابقة، وعدد من التقصيرات الدبلوماسية التي يمتاز بها نتنياهو، مثل قضية استقباله رجل الأمن الإسرائيلي [المتهم بقتل مواطن أردني]. وطبعاً ساهمت خطة الضم وسلوك إدارة ترامب في "صفقة القرن" و"اتفاقات أبراهام" في زيادة الشرخ مع المملكة.
- في اليمين يلوحون دائماً بالتطرف الذي شهدته المملكة والعائلة المالكة والرأي العام في الأردن إزاء سياسة إسرائيل. هذا صحيح. بين الأردن وإسرائيل هناك دائماً مشكلة الاحتلال. "جريمة" الأردنيين الكبيرة أنهم مثل الكثيرين من الإسرائيليين متحمسون للدفع بها قدماً بحل الدولتين ورفاه المنطقة كلها. تاريخياً هذا التأييد ناجم طبعاً عن القضاء على نظرية "الخيار الأردني" التي تدّعي أن الضفة الشرقية هي الوطن القومي للفلسطينيين.
- طوال أعوام حاولت شخصيات يمينية إقناعنا بأن المشكلة الفلسطينية لم تعد مطروحة وفي الإمكان إقامة السلام مع دول عربية (بعيدة) من دونها. الآن هم يقولون لنا إن هذه المشكلة ما زالت حية تُرزق، ولذا، يجب التنازل من أجلها عن السلام الذي تحقق مع دولة عربية (مجاورة). هم يريدون منا التراجع إلى الوراء.
الكلمات المفتاحية