"حماس" ربما خسرت في الحرب لكنها ربحت المعركة على الوعي
تاريخ المقال
المصدر
- عندما أطلق يحيى السنوار صواريخ على القدس في يوم القدس هو فعلاً لم يبدأ حرباً ضد الجيش الإسرائيلي، بل معركة أُخرى موجهة نحو الساحة الداخلية -الفلسطينية. في استطاعة إسرائيل الاستمرار في الادّعاء أن المواجهة التي أتت في أعقاب إطلاق الصواريخ كانت انتصاراً عسكرياً كبيراً، وفي هذا شيء من الحقيقة، لكن هذا لا يهم تنظيم السنوار، لأن الأخير حقق انتصاراً كبيراً في المعركة لكسب قلوب الفلسطينيين.
- يُظهر استطلاع للرأي نُشر أمس (الثلاثاء) صورة انتصار واضحة: بحسب نتائج الاستطلاع حدث ارتفاع دراماتيكي في تأييد الفلسطينيين لـ"حماس" بعد عملية "حارس الأسوار"، ورأى ثلاثة أرباع الذين شملهم الاستطلاع أن "حماس" خرجت منتصرة من المواجهة الأخيرة مع إسرائيل.
- أجرى الاستطلاع المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، الذي يقوم باستطلاعات للرأي العام الفلسطيني منذ أكثر من عقدين على الأقل ومركزه في رام الله. مَن يجب أن يشعر بالقلق من نتائجه هو أبو مازن، لأنه يدل على تراجُع مكانته.
- وبحسب الاستطلاع، 53% من الفلسطينيين يعتقدون أن "حماس" هي التي يجب أن تمثل الشعب الفلسطيني، و14% فقط يفضلون أبو مازن. في إسرائيل اتُّخذ القرار بإخراج "حماس" من المعادلة وتعزيز مكانة أبو مازن. والآن يتعين على المؤسسة الأمنية أن تفحص ما إذا كان هذا الأمر ممكناً، لأن التراجع في مكانة أبو مازن يبدو أمراً لا عودة عنه.
- يكشف الاستطلاع التغيّر الكبير الذي مرت به "حماس مقارنة بفترة ما قبل عملية "حارس الأسوار"، حين تراجعت شعبية السنوار إلى أدنى درجاتها منذ وصوله إلى السلطة بعد إطلاق سراحه من السجن الإسرائيلي. هذا هو سبب مفاجأته لإسرائيل وتخلّيه عن التسوية ورهانه على التصعيد، والآن يبدو أن هذا الرهان قد أتى ثماره في المدى القصير. لكن في المدى البعيد، إذا وقفت إسرائيل بصرامة فإن "ما حدث لن يحدث"، بحسب قول رئيس الأركان أفيف كوخافي، وإن تأييده للتسوية كان خطأ- في المدى البعيد ستدفع "حماس" ثمناً باهظاً، بحسب قول رئيس الموساد المنتهية ولايته يوسي كوهين. إذا ذهبت إسرائيل حتى النهاية بالتشدد في الشروط على غزة، فسيؤدي هذا إلى انشقاق داخل "حماس" ويتسبب بالعديد من المشكلات للسنوار، لكنه أيضاً سيؤدي إلى تصعيد إضافي وجولات في مواجهة "حماس" كل بضعة أسابيع أو أشهر.
- عودة إلى الاستطلاع: 77% من الفلسطينيين يعتقدون أن "حماس" هي التي انتصرت في المواجهة، ونسبة موازية تعتقد أنها قاتلت للدفاع عن القدس والأماكن المقدسة - وليس كجزء من المواجهات الداخلية مع "فتح". لكن بالنسبة إلى مصدر سياسي أمني، "ليس من المؤكد أن هذا ما يشعر به الفلسطيني العادي"، ويتابع: "هم يعرفون كيف يوحدون رسائلهم ويعرفون أن هذا هو الموقف المتوقع منهم. لست أكيداً على الإطلاق من أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يشاهدون ما يجري في غزة ويتمنونه لأنفسهم. في النهاية حياة الرفاه في الضفة الغربية لا تشبه كابوس غزة. ولن أسارع إلى تصديق أنهم يريدون "حماس" وليس "فتح".
- تأثير عملية "حارس الأسوار" سيبقى ظاهراً على الأرض لوقت طويل. هذه الليلة ترددت "حماس" كثيراً ولم تتجاوز الحدود. صحيح أنها أرسلت ناشطين لإطلاق بالونات مشتعلة، لكنها بذلت جهداً كبيراً لمنع تنظيمات مارقة من إطلاق الصواريخ. هذه هي نتيجة الردع، وأيضاً نتيجة قدرة "حماس" على فهم الوعي في إسرائيل، فهي ردّت على الرغم من كل شيء، لكنها حافظت على درجة مواجهة منخفضة.