نتنياهو هو المسؤول عن تحويل "حماس" إلى نموذج مصغر من حزب الله
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • "إسرائيل ستغير المعادلة في مواجهة ‹حماس›"، هذا ما تعهده رئيس الحكومة أمام رؤساء المجالس المحلية في غلاف غزة. وأضاف: "بعد انتهاء هذه العملية فإن أي إطلاق نار من جانب ‹حماس› سنرد عليه فوراً وبشدة." هذا الكلام عززه رئيس شعبة العمليات اللواء أهارون هاليڤا في مقابلة مع القناة 13 حين قال: "ما حدث لن يحدث مجدداً. انتهينا." من دون أن يعطي تفصيلات. بالنسبة إلى هاليڤا، وهو من الألوية الذين لهم تأثيرهم في قيادة الأركان الحالية، من الآن فصاعداً تغيرت قوانين اللعبة. وكلما سارعت "حماس" في فهم الواقع الجديد كلما كان ذلك أفضل.
  • يُخيل إليّ أن مَن لم يفهم الواقع الجديد ليس زعماء "حماس" تحديداً. فليسمح لي نتنياهو وهاليڤا، لكن هذا كلام فارغ. كيف أعرف ذلك؟ لديّ أرشيف. هذه التصريحات حرفياً سبق أن سمعناها هنا بعد كل جولة من الجولات الأخيرة.
  • الجيش الإسرائيلي أيضاً سبق له أن أعلن بصوت عالٍ تغيير سياسته بشأن إطلاق الصواريخ من غزة. لم أعد أذكر، هل كان هذا على شرف وزير دفاع جديد (ليبرمان، بينت)، أو رئيس أركان جديد (كوخافي)، لكن سبق أن قرر أن كل إطلاق للنار، حتى ولو كان مفرقعة أو بالوناً، سيرد عليه بهجوم من سلاح الجو. هكذا قرر. سلاح الجو يهاجم و"حماس" تطلق النار، وإذا لم تكن هي فالجهاد الإسلامي، وإذا لم يكن الجهاد فالتنظيمات المارقة.
  • المستوى السياسي عالق وليس أهلاً لاتخاذ القرار الصحيح. نتنياهو، الذي يعرف أن قاعدته ليست متحمسة فعلاً لخطواته في كل ما يتعلق بـ"حماس"، يتخوف من أن يظهر كأنه يسعى لوقف إطلاق النار قبل تحقيق انتصار. غانتس موجود في نفس الورطة تقريباً. فهو يتمتع بشعبية متجددة ويريد تمييز نفسه من نتنياهو المتردد. غانتس الجديد يريد الاحتكاك بالخصم، بخبرته الأمنية هو مَن يقود الجيش الإسرائيلي في عملياته في الفترة الحالية.
  • براڤو، تصفيق شديد. المشكلة هي أن وراء التصريحات والوعود والبيانات لا يوجد شيء. إسرائيل بحاجة إلى زعامة تحل مشكلة "حماس" في غزة. الزعيم الحالي تعهد إسقاط حكم "حماس"، وتفكيك وكر الدبابير والصواريخ الذي بُنيَ في ساحتنا الجنوبية، لكنه خيّب الأمل. لقد حوّل "حماس" إلى حليف استراتيجي ووضعها في قفص. المشكلة أن "حماس" خرجت منذ وقت طويل من القفص. قريباً مَن سيجد نفسه في القفص هو بنيامين نتنياهو. وإلى حزب الله الشمالي سينضم حزب الله آخر جنوبي.
  • أنا مع غزو واسع لغزة وإسقاط "حماس". ليس لدى إسرائيل حالياً زعامة أو خطة لمثل هذه الخطوة. ونظراً إلى عدم وجود ذلك، فإن السؤال المطروح هو: هل استمرار التخبط حيال "حماس" في الصورة الحالية يخدمنا؟ هل استمرار التصريحات المتغطرسة عن صورة الانتصار الوشيك، وعن ضربة لن تستطيع "حماس" التعافي منها يمكن أن يجدي؟ الجيش الإسرائيلي يُظهر أداء جيداً. لكن في الحقيقة، منذ تدمير المترو بدأنا بالنزول إلى مستوى تدمير منازل الفلسطينيين، وهذا فعلياً لن يؤدي إلى أي مكان.
  • لو كان الجيش الإسرائيلي يعلم بأن قدرة "حماس" على إطلاق الصواريخ ستُحسَم وتُقلَّص بصورة كبيرة، أو ستختفي في الأيام المقبلة، فإن هذا يستحق الجهد. لكن "حماس" تواصل إطلاق الصواريخ. كل دقيقة تمر تزيد من فرص حدوث خلل كبير يقلب الطاولة علينا. الشرعية الدولية تتراجع وبايدن ينفذ صبره. العالم العربي حولنا يغلي، والجبهات تُفتَح، الواحدة تلو الأُخرى، والنيران تشتعل بوتيرة سريعة، ونحن نواصل انتظار صورة النصر.
  • أعضاء المجلس الوزاري المصغر ليسوا متحمسين جميعهم إزاء هذا الوضع. على سبيل المثال غابي أشكنازي الوحيد الذي ليس لديه اعتبار سياسي في هذه المرحلة، عبّر عن موقف مشفوع بالبراهين يعارض فيه استمرار التخبط. وهو ليس الوحيد. لا يمكن اتهام أشكنازي بالانهزامية، فهو رئيس الأركان الأخير الذي نفّذ مناورة برية مهمة في غزة بنجاح. يدرك أشكنازي أن ثمة حاجة إلى حدوث احتكاك بالخصم والانتصار عندما يكون هناك دعم وأوامر ملائمة. وعندما لا يتوفر ذلك، فمن الأفضل السعي لاستنفاد الإنجازات.
  • ونظراً إلى أنه من الصعب إلحاق الهزيمة بـ"حماس"، فإننا تحولنا إلى شركة الخليوي سيلكوم التي أعلنت ساعة إضراب تضامناً من أجل "السلام والتعايش والأخوّة"، مما حولها إلى كيس لتلقّي الضربات من التيار الإسرائيلي السائد. إذا كانت ساعة إضراب هي تماهٍ مع "حماس" (وهذا غير صحيح)، ماذا نقول عمّن يسمح بتمويل "حماس" بعشرات ملايين الدولارات شهرياً، وعن الشخص الذي أدخل مليارات الدولارات إلى غزة في الأعوام الأخيرة؟
  • هذا الشخص الذي وعد بإسقاط "حماس" وانتُخب على أساس هذه الوعود، ثم تخلى عنها بوقاحة، هو الذي حوّل "حماس" إلى شريك استراتيجي واعترف بذلك بالفم الملآن. هو المسؤول الحصري والمباشر عن تحويل "حماس" إلى نموذج مصغر (موقتاً) من حزب الله، على طريق توازن رعب متفجر على الحدود الجنوبية.