من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- في اليوم التاسع تبدو عملية "حارس الأسوار" في غزة الحرب الإسرائيلية الأكثر فشلاً ولا ضرورة لها، وتتنافس مع حرب لبنان الثانية، وعملية الرصاص المصبوب، وعمود سحاب، والجرف الصامد في غزة. نحن أمام فشل عسكري وسياسي خطر كشف خللاً في استعدادات الجيش وأدائه، وفي قيادة الحكومة المتعثرة والضعيفة. وبدلاً من تضييع الوقت والسعي غير المجدي لـ"صورة انتصار" من خلال القتل والدماء في غزة وتعطيل الحياة في إسرائيل، يتعين على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وقفها الآن، والموافقة على وقف إطلاق النار، على أمل أن يستوعب الجمهور بسرعة التقصير كما في كارثة ميرون. في عالم طبيعي كان يجب أن نضيف هنا "المطالبة بفحص داخلي جذري في الجيش الإسرائيلي"، لكن بالنسبة إلى المتهم الجنائي نتنياهو الذي يدافع عن بيته في شارع بلفور، فليس لديه صلاحيات ولا قوة سياسية لقيادة مثل هذا التغيير الضروري.
- فيما يلي المشكلات المركزية التي ظهرت في الإعداد للحرب، وفي إدارتها:
- فوجئت إسرائيل مفاجأة كبيرة باتخاذ "حماس" المبادرة، وبالجرأة والقدرة على القتال اللتين أظهرتهما من خلال إطلاق آلاف الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
- تركز الاهتمام الأمني في إسرائيل في العقد الأخير على "المعركة بين الحروب" في الشمال، وعلى الصراع ضد إيران. اعتُبرت غزة ساحة ثانوية يمكن احتواؤها بتضافر وسائل اقتصادية- تمويل "حماس" من قطر بتأييد إسرائيلي وتسهيلات معينة في ظل الحصار، مثل إدخال مواد بناء؛ وفي توظيفات كبيرة (ومحقة) في وسائل الدفاع، وعلى رأسها القبة الحديدية والعائق تحت الأرض على الحدود مع غزة، التي أثبتت قدرتها على إحباط عمليات تسلل بري وقلصت المسّ بالجبهة الداخلية.
بدت "حماس" مثل جار سيئ، لكنه معزول وضعيف، والأمر الوحيد الذي أثار اهتمام الرأي العام الإسرائيلي هو استعادة المدنيين والأسرى وجثامين الجنود الإسرائيليين. كما هو معلوم لم ينبّه أي شخص من "عناصر التقدير" من أن "حماس" قادرة بجهد بسيط على الخروج من القفص الذي وضعتها إسرائيل فيه، وأن تقف على رأس النضال الفلسطيني كمدافعة عن الأقصى، وتضخيم الفجوة بين حكومة نتنياهو والإدارة الأميركية الجديدة لجو بايدن.
- إلى جانب الإخفاق الاستخباراتي الاستراتيجي والاستخفاف بنيات "حماس" وقدراتها، برز أيضاً الفشل الاستخباراتي التكتيكي: لم يجمع الجيش الإسرائيلي ما يكفي من الأهداف النوعية في غزة، والتي يمكن أن يؤدي المسّ بها إلى انهيار الحافز وقدرة "حماس" على مهاجمة الجبهة الداخلية الإسرائيلية. صحيح أن سلاح الجو ضرب أهدافاً كثيرة ستضطر "حماس" إلى العمل على إعادة بنائها، لكن هذا لم يكن كافياً. أيضاً ساعات الطيران والسلاح للجيش لهما ثمن اقتصادي، مثل حفر الأنفاق والصواريخ لدى "حماس". وكما كتب ذات يوم اللواء يسرائيل طال: "عندما نستمد الاستراتيجيا من التكتيكات ننتصر في معارك ونخسر حروباً."
يمكننا أن نقنع الجمهور بكل النشرات الإخبارية وبالكلام المتغطرس بشأن "ضربات مؤلمة تلقتها حماس"، ونعرض إلى ما لا نهاية الطيار الذي قتل ضابطاً في الجهاد الإسلامي- يجب ألّا ننسى موازين القوة بين طائرة حربية متطورة مع سلاح دقيق ضد مبنى سكني. كل هذه الطبقات من المساحيق لا تستطيع أن تخفي الحقيقة: ليس لدى الجيش الإسرائيلي أي فكرة عن كيفية إسكات "حماس" وإخراجها من المعادلة. تدمير الأنفاق بالقصف الثقيل كشف قدرة عملانية استراتيجية، من دون المسّ فعلاً بالقدرة القتالية للعدو.
من المحتمل وقوع قتلى في الأنفاق، ربما 100 أو 200، وربما 300 من مقاتلي "حماس"- هل هذا يؤدي إلى سقوط حكمها؟ وسقوط منظومتها للسيطرة والتحكم؟ وقدرتها على إطلاق الصواريخ على إسرائيل؟ عدم وجود مشورة عسكرية واضح في عدد المدنيين الكبير بين القتلى مقارنة بالمقاتلين في الجانب الفلسطيني كلما استمرت العملية- وهذا مؤشر واضح وأكيد إلى إطلاق النار على أهداف عشوائية وقليلة الأهمية.
- بعد عام الكورونا، اعتاد الجمهور الإسرائيلي إغلاق المدارس، والشوارع الخالية، ومطاراً مشلول الحركة، وهو يُظهر قدرة على الصمود أيضاً عندما تُفرَض عليه القيود بسبب صواريخ غزة أو الفيروس من الصين. الخوف العام يتركز على انهيار الحياة المشتركة بين العرب واليهود داخل إسرائيل أكثر من المواجهة الخارجية. ومع ذلك، تسببت "حماس" بالمسّ بقوة بنسيج الحياة العادية في تل أبيب، وفي الجنوب، ولا يبدو أن الجيش مؤهل لمنع أو وقف ذلك حتى بعد أسبوع ونصف الأسبوع من تبادل إطلاق النار.
- القوات البرية في الجيش الإسرائيلي تراجعت، لعبت دوراً هزيلاً كقوة خداع مهمتها إرباك العدو وجرّه إلى فخ الهجمات الجوية. من الجيد أن أحداً لم يفكر في عملية برية تنطوي على خسائر كثيرة في قطاع غزة. ليس لإسرائيل هدف يبرر مثل هذه العملية. مع ذلك يتسلل الخوف إلى القلب من أن سلاح البر غير مستعد للقتال.
- من المفيد العودة إلى التنبؤات الغاضبة للواء في الاحتياط يتسحاق بريك الذي انتقد الجيش بشدة في الأعوام الأخيرة، وعاد وكرر تحذيره من الحرب المقبلة التي ستدور في الجبهة الداخلية، إذ ليس لدى إسرائيل رد على آلاف الصواريخ، والقوات البرية ليست مستعدة للقتال. لقد تطرق بريك إلى الحرب المقبلة مع حزب الله، الذي لديه قوة نار أقوى بكثير مما لدى "حماس"، لكن المواجهة الحالية يجب أن يُنظَر إليها كتدريب على الاختبار الحقيقي والنتيجة ليست جيدة. لقد اعترضت القبة الحديدية الأغلبية الساحقة من الصواريخ وأنقذت حياة الكثيرين، لكنها لاقت صعوبة في الوقوف في وجه الصليات المركزة التي أغرقت المنظومة الدفاعية الإسرائيلية. لم يسبق للجبهة الداخلية أن تعرضت لهذا الكم من السلاح. عسقلان تحولت إلى مدينة أشباح، والمنازل التي لا يوجد فيها ملاجىء باتت مهجورة. وكل هذا يتضاءل أمام قدرات حزب الله الهجومية.
- إزاء الإنجازات الضئيلة هذه، حسناً يفعل نتنياهو إذا أوقف العملية الآن، أو على الأقل أن يمنح بايدن إنجازاً صغيراً يطلبه منه، وقف إطلاق نار فوري. ليس هناك أي فائدة من الاستمرار في التخبط في رمال غزة وشل الحياة في الجنوب وفي وسط البلد. وعلى ما يبدو إصلاح الجيش سينتظر صعود زعامة أُخرى في إسرائيل.