بعد رسائل من الولايات المتحدة إسرائيل وافقت على تهدئة عملياتها ضد إيران
تاريخ المقال
المصدر
- بالاستناد إلى قرارات المستوى السياسي - الأمني الرفيع المستوى، ستبدأ إسرائيل بمسعى دبلوماسي مكثف لتحسين الاتفاق الذي ستوقّعه إدارة بايدن والدول العظمى مع الإيرانيين في الموضوع النووي قدر الإمكان. في المؤسسة الأمنية، بما في ذلك الجيش والاستخبارات العسكرية أمان والموساد، هناك اتفاق في الآراء على أن إدارة بايدن، مع الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا - مصرة على العودة إلى الاتفاق النووي الأصلي من دون تغيير بنود إشكالية تسببت بانسحاب إدارة ترامب.
- في أحاديث مغلقة مع جهات إسرائيلية وشرق أوسطية أُخرى يسمي الأميركيون ذلك "اتفاقاً موقتاً" يسمح برفع العقوبات عن إيران. من المتوقع بعد هذا الاتفاق، بحسب قولهم، البدء بمفاوضات جدية على اتفاق نووي جديد مطوّر، تجري في إطاره معالجة موضوعات، مثل إنتاج صواريخ بعيدة المدى قادرة على حمل رأس حربي نووي، وأيضاً النشاطات التآمرية التي تزعزع الاستقرار، والتي تقوم بها إيران في الشرق الأوسط بهدف فرض هيمنتها بواسطة وكلاء شيعة من مختلف الأنواع.
- التخوف المركزي في إسرائيل من أن يبقى الاتفاق الموقت على حاله. وبعد رفع العقوبات، وبعد الانتخابات في إيران، المتوقعة في حزيران/يونيو المقبل، ألّا يسارع الإيرانيون إلى الدخول في مفاوضات على اتفاقات جديدة ويماطلون، لذلك تقرر في القدس البدء بحملة إقناع مكثفة من خلال عدة قنوات مع إدارة بايدن.
- التقدير في القدس أنه لا يمكن منع توقيع اتفاق موقت كهذا يرفع الأميركيون في إطاره معظم العقوبات القاسية المفروضة حالياً على إيران خلال أسبوع أو أسبوعين. لكن بالتأكيد في الإمكان "مساعدة" الولايات المتحدة على عدم ارتكاب أخطاء خطرة تسمح لإيران بالتحول إلى دولة على "عتبة النووي" خلال بضع سنوات بموافقة المجتمع الدولي. لذا من المتوقع القيام بهجوم دبلوماسي "صاعق" في واشنطن، عسكرياً وسياسياً.
- في النقاشات التي جرت مؤخراً في إسرائيل جرى التوصل إلى خلاصة أن إيران تقدمت كثيراً في السنة الأخيرة في تكنولوجيا وتقنيات تخصيب اليورانيوم بواسطة أجهزة طرد مركزي من طراز متطور، وكذلك في تقنيات إنتاج مكونات القنبلة بحد ذاتها. لذلك قصُرت الفترة الزمنية التي تحتاج إليها إيران كي تمتلك قدرة على إنتاج سلاح نووي، إلى عام وحتى عام ونصف العام، من اتخاذ القرار بالتوجه في هذا الاتجاه، حتى إذا عادت إلى الاتفاق النووي الأصلي.
- هناك اتفاق في إسرائيل بين كل الأطراف المعنية بالموضوع بشأن الحاجة إلى التجاوب مع طلب الأميركيين بعدم القيام بأعمال يمكن أن تخرب المفاوضات، مثل العمليات التي نُسبت إلى إسرائيل في إطار الحرب البحرية، أو تفجير منشأة تخصيب اليورانيوم في نتانز.
- لم تطلب إدارة بايدن ذلك علناً، لكن جرى نقل رسائل من خلال عدة قنوات أمنية في الإدارة الحالية في واشنطن، طُلب فيها من إسرائيل إظهار "حد أقصى من ضبط النفس" ما دام أمن إسرائيل ليس معرّضاً لخطر حقيقي، في الوقت الذي تجري فيه المفاوضات مع الإيرانيين.
- يتخوف الأميركيون من أن تخرب العمليات الإسرائيلية عملية العودة إلى الاتفاق النووي الأصلي مع الإيرانيين، ويشكّون في نية إسرائيل منع رفع العقوبات بواسطة استفزازات في مواجهة إيران ضمن إطار المعركة بين الحروب، التي تخوضها إسرائيل ضد النشاطات المتعددة لإيران التي تعرّض أمنها للخطر.
- المشكلة المركزية مع إدارة بايدن، بحسب ما قال وزير الدفاع بني غانتس علناً، هي عدم وجود اتصالات مباشرة وأحاديث حميمة بين رئيس الحكومة نتنياهو وبين الرئيس بايدن. ليس لأن نتنياهو لا يريد مثل هذه المحادثات، بل لأن الأميركيين يفضلون أن تجري الاتصالات على مستوى مهني وليس على مستوى سياسي - دبلوماسي.
- لذا تسعى إسرائيل حالياً إلى تحسين علاقتها بالولايات المتحدة، وهذا هو سبب رغبة كلّ من القدس ووزارة الدفاع في تل أبيب في إظهار حد أقصى من ضبط وكبح العمليات في إطار المعركة بين الحروب. والنية هي تخفيض ألسنة اللهب والقيام فقط بالعمليات الضرورية، مثلاً إحباط تسليح حزب الله والسوريين بصواريخ دقيقة، وبمنظومات جديدة مضادة للطائرات، وبمنظومات عسكرية أُخرى يمكن أن تغيّر بصورة جوهرية التهديد في الساحة الشمالية - الشرقية.
- كما ذكرنا سابقاً، كل هذا بهدف تجنيد الإرادة الحسنة لإدارة بايدن والتوصل إلى تفاهم كامل وحميم أيضاً على المستوى القيادي الأعلى مع حليفتنا الولايات المتحدة، وخصوصاً في حال أصبحت إيران دولة على عتبة النووي، وربما نووية، بحيث يكون في مثل هذه الحالة من نعمل معه.
- هذه الموضوعات يمكن التقدير أنها بُحثت في جلسة المجلس الوزاري السياسي - الأمني المصغر التي لم تنته فعلاً. فقد حُدّدت جلسة في الأسبوع المقبل ستتواصل فيها مناقشة هذه الموضوعات المتعلقة بإيران وغيرها. يمكن الافتراض أن أحد الموضوعات المطروحة على طاولة المجلس هو تحسين التنسيق بين الجيش والموساد ومجلس الأمن القومي بشأن كل ما له علاقة بالمعركة بين الحروب، وفي الأساس فيما يتعلق بسياسة النشر أو الغموض التي ستنتهجها إسرائيل لاحقاً. من المعروف أن وزير الدفاع غانتس، وكذلك مسؤولين رفيعي المستوى في الجيش الإسرائيلي، يعتقدون أنه حدث تآكل مؤخراً، أو حتى إهمال فيما يسمونه "ثرثرة"، وأن ما يخيف الأميركيين ويشجع الإيرانيين على الاستفزاز هو تلك الثرثرة وليس الأفعال بحد ذاتها. يبدو أن هناك توافق على العودة إلى سياسة الغموض القديمة الجيدة في الأيام والأشهر المقبلة.