هل نحن على طريق تصعيد مع قطاع غزة؟
تاريخ المقال
المصدر
مركز القدس للشؤون العامة والسياسة
تأسس المعهد في سنة 1976، وهو متخصص في الدراسات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية. يترأس المعهد، حالياً، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة دوري غولد. ينشر المركز مقالات يومية يمكن الاطلاع عليها باللغتين العبرية والإنكليزية على موقعه الإلكتروني. كما تصدر عنه سلسلة من الكتب، ويمتاز بمواقفه التي تتماهى مع اليمين في إسرائيل.
- في نهاية الأسبوع الماضي تجدد إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على الأراضي الإسرائيلية بعد فترة طويلة من الهدوء النسبي انشغل خلالها القطاع بشؤونه الداخلية: وباء الكورونا المستمر، والانتخابات الداخلية في حركة "حماس".
- صاروخان أُطلقا من قطاع غزة على المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة بفارق يومين، وسقطا في أراض مفتوحة، لكنهما لم يتسببا بأي ضرر. في الجيش الإسرائيلي يميلون إلى تحميل المسؤولية لـ"جهات مارقة"، لكن أطرافاً في غزة تقول إنه على الرغم من عدم إعلان أي تنظيم مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ، إلاّ إنه من الواضح أن حركة "حماس" هي التي تقف وراء ذلك بصورة مباشرة، أو بواسطة "متعهد ثانوي".
- يقول مصدر رفيع المستوى في أحد التنظيمات في القطاع: "حركة ‹حماس› اليوم لديها سيطرة كاملة على إطلاق الصواريخ، ولا يستطيع أي تنظيم إطلاق الصواريخ من دون أن يبلّغ مسبقاً حركة ‹حماس› ويأخذ منها ضوءاً أخضر، حتى لو أن تنظيماً آخر، مثل الجهاد الإسلامي، هو الذي قام بإطلاق الصاروخين، فيجب التعامل مع الأمر كأن حركة ‹حماس› هي من فعل ذلك."
- وفعلاً يتعامل الجيش مع الأمور بهذه الطريقة، فهو يحمّل "حماس" مسؤولية إطلاق الصواريخ على إسرائيل، كونها المسيطرة على القطاع، ولذلك هاجمت طائرات سلاح الجو أهدافاً تابعة للحركة في القطاع مرتين، رداً على إطلاق الصاروخين.
ما أسباب تجدّد إطلاق الصواريخ؟
- من الصعب الحصول على معلومات من أطراف في "حماس" عن تجدّد إطلاق الصواريخ، لكن عدداً من المعلّقين في القطاع، جزء منهم يتماهى مع الحركة، يشير إلى الأسباب التالية:
- الانتخابات الداخلية في الحركة انتهت، كما أن إنهاء الانتخابات لمنصب رئيس المكتب السياسي للحركة بات في مراحله الأخيرة ومسألة أيام. زعيم "حماس" في القطاع يحيى السنوار، الذي انتُخب بفارق ضئيل جداً لولاية ثانية، يظهر إلى الحياة ثانية كي يؤكد زعامته، وكي يُظهر لإسرائيل أنه لا يزال سيد البيت في القطاع.
- رغبة قيادة "حماس"، وخصوصاً يحيى السنوار، في استخدام الضغط على إسرائيل للتسريع في مفاوضات صفقة جديدة لتبادُل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل. مؤخراً استؤنفت الاتصالات في هذا الموضوع بمبادرة من الاستخبارات المصرية وألمانيا والنروج، إذ زار وفد من الاستخبارات المصرية القطاع وتل أبيب والتقى أطرافاً رفيعة المستوى في "حماس" وفي إسرائيل في محاولة للدفع قدماً بالصفقة.
- ما يجري هو رد لحركة "حماس" على حملة الاعتقالات الواسعة التي تقوم بها جهات أمنية في إسرائيل في وسط نشطاء الحركة في أراضي الضفة الغربية. حتى الآن اعتقل الشاباك الإسرائيلي عشرات النشطاء، جزء من هؤلاء مرشح في قائمة "حماس" لانتخابات البرلمان الفلسطيني في الشهر المقبل. وتدل عمليات الاعتقال الإسرائيلية على محاولة للتشويش على فرص حركة "حماس" في الفوز في الانتخابات النيابية إذا جرت في نهاية الأمر.
- رسالة تحذير من حركة "حماس" إلى إسرائيل بألّا تتدخل في الانتخابات الفلسطينية والسماح لسكان القدس الشرقية بالمشاركة في الانتخابات كي لا يتذرع رئيس السلطة الفلسطينية برفض إسرائيل لتأجيل الانتخابات. بخلاف رئيس السلطة محمود عباس، حركة "حماس" مهتمة جداً بإجراء الانتخابات في موعدها في 22 أيار/مايو من دون تأجيل.
- تقدير الوضع في "حماس" أن للحركة فرصاً جيدة جداً في الفوز في الانتخابات في مقابل الانقسام الكبير في حركة "فتح"، وهي لا تريد أن تسرق إسرائيل منها إمكان الفوز الذي يمكن أن يسقط كثمرة ناضجة في حضنها. لذا يهدف إطلاق الصاروخين إلى ردع إسرائيل عن اتخاذ قرارات أو انتهاج خطوات تؤدي إلى تأجيل الانتخابات.
- من المحتمل أن تكون كل التفسيرات السابقة صحيحة. يبدو أن تجدّد إطلاق الصواريخ متعلق بنتائج الانتخابات الداخلية في "حماس" والانتخابات المنتظَرة للبرلمان الفلسطيني، ويجب أن نضيف إلى ذلك سبباً دائماً هو أن حركة "حماس" تعتبر نفسها قبل كل شيء "حركة مقاومة" ضد إسرائيل، لذا لا يمكنها أن تسمح لنفسها بالبقاء هادئة وقتاً طويلاً، وأن تتحول، في نظر سكان القطاع، إلى حاكم إداري يدير حياتهم اليومية.
- في جميع الأحوال، ليس لدى إسرائيل أي نية بشأن تغيير سياستها، وهي تعارض إجراء الانتخابات البرلمانية في التوقيت الحالي، وتمارس ضغوطاً بسبل متعددة على رئيس السلطة الفلسطينية لتأجيل الانتخابات، وفي المقابل تأخذ في الاعتبار إمكان أن يرفض، وتقوم باعتقالات وسط نشطاء "حماس" في أراضي الضفة لتخريب فرص الحركة في الفوز في الانتخابات إذا جرت فعلاً.
- لهذا، ليس مستبعداً أن نشهد في الأسابيع الأربعة المقبلة حتى إجراء الانتخابات تصعيداً من جهة قطاع غزة من طرف "حماس" بواسطة إطلاق صواريخ على إسرائيل لممارسة ضغط عليها في موضوع الانتخابات البرلمانية الفلسطينية.