الناخبون العرب أنقذوا حركة ميرتس في سنة 2019، وهي ستحتاج إليهم هذه المرة أيضاً
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- موعد إغلاق تقديم القوائم الانتخابية هو على ما يبدو موعد تعسفي، تحول في الجولات الانتخابية الأخيرة إلى لحظة مصيرية. هذا ما جرى هذه المرة أيضاً، وخصوصاً فيما يتعلق بحزب العمل وحركة ميرتس. انتخاب ميراف ميخائيلي أدى إلى حصول حزب العمل الضعيف على استطلاعات رأي مشجعة منحته 7 وحتى 8 مقاعد، وهذا ما أدى إلى ارتفاع التوقعات في الحزب وانخفاض في مستوى الاستعداد للعودة إلى الاندماج مع ميرتس - الأمر الذي منع اختفاء الحزبين أو أحدهما في سنة 2020، وعدم حدوثه يمكن أن يؤدي إلى تحقق سيناريو الرعب.
- الاستطلاعات المشجعة لميخائيلي يمكن أن تنقلب، لكن ميرتس والعمل سيضطران إلى خوض الانتخابات بصورة منفصلة، مع قائمتين يعتبرهما الجمهور متشابهتين، ومع قاعدة انتخابية ضيقة، ومضطرة إلى أن تتوزع بصورة معيّنة بين الاثنين لمنع إحداهما من الاختفاء. إذا كانت الغنيمة حصل عليها حزب العمل، بفضل ميخائيلي، يجب على ميرتس أن تجد لنفسها طريقاً أُخرى للبقاء فوق نسبة الحسم. وكل المؤشرات تدل على أن هذه الطريق تمر بالشوارع الرئيسية في كفرقاسم وبلدات المثلث.
- ليس هناك من خيار لميرتس: مخزون الأصوات اليساري - الليبرالي في وسط إسرائيل ومنطقة شارون فضّل تلقائياً في المعارك الانتخابية الأخيرة التوجه نحو إمكانات "استراتيجية"، مثل حزب يوجد مستقبل، أو نحو حزب أمل جديد لجدعون ساعر، والباقون يفضلون، بحسب الاستطلاعات، الخيار المتجدد، حزب العمل.
- نظرة خاطفة إلى استطلاعات الرأي تُظهر أن ميرتس تجد صعوبة في تجاوز نسبة الحسم استناداً إلى قاعدتها الكلاسيكية: في استطلاع أجرته محطة كان في الأسبوع الماضي هي لم تجد صعوبة في تجاوز نسبة الحسم فحسب، بل حتى فشلت في عبورها - لذلك يوجّهون في الحزب أنظارهم نحو الجمهور العربي، الذي يشعر بخيبة الأمل جرّاء الانشقاق في القائمة المشتركة، وإذا كان هناك بينهم مَن يفكرون في إمكان التصويت لحزب صهيوني مثل الليكود، يمكن الافتراض أنهم يمكن أن يكتفوا أيضاً بحزب صهيوني مثل ميرتس.
- الحزب لديه مرشحان عربيان في مواقع حقيقية - غيدا ريناوي - زعبي في المركز الرابع وعيساوي فريج في المركز الخامس، 40% من المراكز الحقيقية - وهم يأملون أيضاً بأن يكون وفقاً لذلك 40% من ناخبيهم عرب.
- هذه ليست أول مرة تتوجه ميرتس إلى الناخب العربي من أجل إنقاذ نفسها. في انتخابات نيسان/أبريل 2019 التي تُعرف في إسرائيل بـ"الانتخابات الأولى"، بذلت ميرتس في حملتها الانتخابية مجهوداً كبيراً في الوسط العربي بقيادة فريج، الأمر الذي أثمر نتائج غير سيئة. الذروة كانت في يوم الانتخابات نفسه. رئيسة الحزب آنذاك تمار زاندبرغ اتخذت أهم قرار سياسي في حياتها، وبالتأكيد أهم قرار كرئيسة للحزب.
- تروي زاندبرغ التي تحتل اليوم المركز الثاني في قائمة ميرتس "في أيام الانتخابات أكون موجودة دائماً في صناديق الاقتراع في تل أبيب." [في انتخابات 2019] بدأت نهاري في صناديق كبيرة في وسط المدينة، وشعرت من خلال كل الذين تحدثت معهم بهذا الانجراف الجنوني نحو حزب أزرق أبيض. أشخاص صوتوا لميرتس طوال حياتهم نظروا إليّ بخجل وقالوا إنهم يصوتون دائماً مع ميرتس - لكنهم هذه المرة لن يفعلوا ذلك"، عائلات انقسمت، أزواج اختلفوا فيما بينهم على التصويت. حينها شعرت بالخوف. أنصارنا تدفقوا للتصويت لحزب أزرق أبيض."
- يتذكر فريج ما جرى فيروي : "كنت في مقر الحزب أشجع الناس على التصويت، فجأة جاءت زاندبرغ وقالت لي: عيساوي الوضع ليس جيداً. سألتها ماذا تقصد، ففي القطاع عندنا كان الوضع ممتازاً." شرحت زاندبرغ لعيساوي أن الوضع في معاقل ميرتس في المدن الكبرى صعب. قال لها: "اسمعي نحن سنحصل على 30 ألف إلى 40 ألف صوت." الأرقام فاجأت زاندبرغ.
- المزج بين أجواء التخلي عن الحركة في تل أبيب وتفاؤل فريج والتقارير بشأن نسبة منخفضة لمشاركة الناخبين العرب في التصويت، كل ذلك دفعها في تلك اللحظة إلى اتخاذ قرار من النوع الذي يميز عموماً بنيامين نتنياهو: العثور على فرصة لتغيير التوجه والانقضاض عليها بقوة.
- في ساعات بعد الظهر، في اللحظات الأكثر توتراً في المعركة السياسية، أخذت زاندبرغ فريج وكبار طاقمها وغادروا تل أبيب بسرعة، ونقلت كل نشاطها إلى كفرقاسم، بلدة فريج. تروي زاندبرغ: "وصلنا إلى كفرقاسم، وبدأنا نتجول ونُخرج الناس من منازلهم كي يقترعوا واحداً واحداً. عندما وصلنا إلى مراكز الاقتراع بدأت المراكز أخيراً تمتلىء، وبدأت تظهر طوابير الانتظار، وارتفعت المشاركة في التصويت بنسب جيدة."
- رهان زاندبرغ نجح: في كفرقاسم وحدها حصلت ميرتس في تلك الانتخابات على 39% من الأصوات - أكثر من أي حزب آخر، وتقريباً ثلاثة أضعاف ما حصلت عليه في الانتخابات السابقة في سنة 2015.
- في الطيرة صعدت الحركة من 2.8% من الأصوات التي حصلت عليها في سنة 2015 إلى 24% من الأصوات في نيسان/أبريل 2019، وفي الفريديس سجلت ارتفاعاً من 8% إلى 29%، في المجموع حصلت ميرتس على نحو 50 ألف صوت من الجمهور العربي في تلك الانتخابات، وكانت بعيدة فقط بـ16 ألف صوت عن السقوط تحت نسبة الحسم. رهان زاندبرغ نجح، الناخبون العرب أنقذوا ميرتس.
- هذه المرة أيضاً لدى ميرتس ورقة تجذب الناخب العربي - من جهة هي ليست نتنياهو وليست شريكة له، مثل راعم، ومن جهة أُخرى، بخلاف القائمة المشتركة، هي قادرة في إطار معين على أن تقدم للناخبين العرب خياراً براغماتياً ليس سيئاً. لكن كي تنجح في الوصول إلى الهدف يجب عليها أن تبدأ العمل منذ الآن.
- إذا لم توجه ميرتس كل ثقلها نحو المجتمع العربي منذ الآن، لن تستطيع توفير البنية التحتية التي ستتيح لها تحقيق الإنجاز الذي حققته في انتخابات 2019. بحسب تقديرات واستطلاعات معمقة، نسبة تأييد الحركة وسط الناخبين العرب هي اليوم 15-20 ألف صوت، أقل بكثير من الـ50 ألف صوت التي حصلت عليها ميرتس سابقاً. هذه المرة هي بحاجة إلى أكثر من 50 ألف ناخب عربي كي تبقى في قيد الحياة.
- هذا الرهان يمكن أن تدفع ثمنه في أصوات معاقلها في المدن الكبرى، وفي الكيبوتسات، وفي الموشافيم - التي ستحصل على حضور أقل للمرشحين وميزانية إعلانية أقل. القرار الصحيح بالنسبة إلى نيتسان هوروفيتس [زعيم الحركة] يبدو واضحاً.