تتخوفون من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي: توصلوا إلى تسوية مع الفلسطينيين
تاريخ المقال
المصدر
- قرار المحكمة الدولية بشأن محاكمة إسرائيل بجرائم الحرب، هو طبعاً فضيحة من الدرجة الأولى. لقد منحت المحكمة نفسها صلاحية البحث في موضوع ليس من صلاحياتها أن تنظر فيه على الإطلاق. لقد أخذت المحكمة في لاهاي على عاتقها، أو للمزيد من الدقة، فتحت الباب أمام الادعاء لمعالجة موضوع سياسي مغطى حالياً بعباءة قانونية. ومرة أُخرى نسأل أنفسنا هل هذه الظاهرة تجري فقط في لاهاي؟
- كل هذا لا يخفف من الحقيقة التي من المتوقع أن تسبب صداعاً جدياً لإسرائيل. يمكن أن نضيف إلى ذلك أن الموضوع كان متوقعاً. الفلسطينيون يعملون عليه منذ عدة سنوات، بما في ذلك التدخل في لاهاي وميول المدعية العامة هو أيضاً لم يكن سراً. المسألة الآن هي ماذا يجب علينا أن نفعل، بينما نعلم من تجاربنا بأن ليس من السهل مواجهة مسألة سياسية مغلفة بغطاء قضائي.
- لذا فإن الأمر الأول من حيث الأهمية هو ترميم علاقتنا بالحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الذي يحكم اليوم هذه القوة العظمى. في هذا الشأن نجح رئيس حكومتنا في الإساءة بصورة لا بأس بها إلى هذه العلاقة، وكل من يصرخ اليوم فقط بنيامين نتنياهو هو القادر، من الأجدى أن يفكر في مسار جديد. وإذا حظينا بعد الانتخابات الحالية بزعيم آخر، يجب أن نأمل بأنه لن يفتتح ولايته وهو يلوّح بشعار تأييده للمستوطنات وضمها.
- خطوة لا تقل أهمية هي ترميم علاقاتنا مع الجالية اليهودية الكبيرة في الولايات المتحدة، التي أجزاء كبيرة منها منفصل عنا. كل هذا إلى جانب الحاجة إلى تعزيز مكانتنا في أوروبا.
- وهنا نصل إلى الموضوع المركزي: حتى لو كان قرار لاهاي يستحق كل كلمات الإدانة في العالم، وهو فعلاً يستحق ذلك، على الرغم من هذا كله يجب أن يصحو لدينا تفكير جديد في شأن كل ما له علاقة بالقضية الفلسطينية. كما هو معروف، وهذا الكلام قيل أكثر من مرة في وسائل الإعلام، الفلسطينيون هم المسؤولون عن كل مآسيهم ومآسينا. هم رفضوا السلام، وهم الذين رفضوا كل الاقتراحات التي طُرحت عليهم، وهم يؤيدون العمليات ضد إسرائيل، ويدفعون رواتب للأسرى وعائلاتهم، ويمكن الحديث طويلاً عن كتب تعليمهم.
- كل هذا جيد لكنه لا يعفينا من مساءلة أنفسنا، هل إسرائيل بريئة تماماً. أصدقاؤنا في أوروبا وفي الولايات المتحدة ليسوا مقتنعين بذلك. وأيضاً مسموح لنا بأن نسأل: هل الفلسطينيون في المناطق الخاضعة لسيطرتنا، محميون في وجه مثيري الشغب الذين يهاجمونهم ويهدمون أملاكهم ويلحقون الضرر بمزروعاتهم ومحاصيلهم.
- أكثر من ذلك، هل الفكرة العبقرية، التي جرى وفقاً لها تحديد مناطق واسعة في الضفة الغربية كأملاك للدولة، معناها أن كل ذلك لنا وليس لهم شيء؟ وكيف جرى أننا لم نكتفِ بهذا والآن نحن نشهد استيطاناً بحجم لا بأس به في أراض فلسطينية خاصة؟
- من الطبيعي أن علاقة أكثر إنصافاً مع الفلسطينيين سستحسّن في المقابل علاقتنا بالجهات الليبرالية في الولايات المتحدة وأوروبا، وستساعدنا في مواجهة الصراع غير العادل ضدنا في لاهاي. لكن من أجل الحقيقة هذه اعتبارات مهمة، لكنها ثانوية. الاعتبار المركزي هو أن المصلحة الحيوية لنا، دولة إسرائيل، هي في التوصل إلى إنهاء سيطرتنا على ملايين الأفراد الذين ليست لديهم حقوق مدنية. هذا وضع لا يُحتمل وهو مستمر منذ عشرات السنوات، ويجب ألّا نستمر فيه، ومن المحتمل جداً في نهاية الأمر أنه لا يمكننا أن نفعل ذلك.
- في هذا السياق، يجب علينا التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين، من خلال إعادة التفكير، وعند الضرورة، بواسطة خطوات أحادية عادلة ومتوازنة تغيّر الصورة، وتغيّر كل ما نفعله في الضفة الغربية وفي العلاقة بين الشعبين عموماً.