بين نتنياهو وترامب (هذا يمكن أن يحدث هنا أيضاً)
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- هل يمكن أن ينشأ عندنا وضع يحاول فيه جمهور يحرضه زعيم متسلط وشعبوي يحتقر الديمقراطية ومؤسساتها، تقليد ما فعله في الأسبوع الماضي رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب وأنصاره عندما اقتحموا الكونغرس في محاولة للقيام بانقلاب على السلطة؟ هل هذا يمكن أن يحدث هنا؟ نعم لقد سبق أن حدث.
- في السابع من كانون الثاني/يناير 1952 جرى نقل الآلاف بالباصات من شتى أنحاء البلد إلى القدس للمشاركة في التظاهرة التي نظمها حزب حيروت بزعامة مناحيم بيغن ضد نية الكنيست الموافقة على اتفاق التعويضات مع ألمانيا. خرج بيغن إلى المتظاهرين وحمّسهم بخطاب ناري: "أقول للسيد بن غوريون: لن يكون هناك مفاوضات مع ألمانيا، من أجل هذا كلنا مستعدون للتضحية بأنفسنا. نموت ولن تمرّ. لا يوجد تضحية، لن نضحي بها من أجل إحباط المؤامرة." الجماهير الغاضبة هاجمت مبنى الكنيست، ورجمته بالحجارة، وتصدت لهم الشرطة مستخدمةً قنابل مسيلة للدموع (من إنتاج ألمانيا).
- هذا الحادث حدد لسنوات الصورة العامة لمناحيم بيغن كزعيم شعبوي مُعاد للديمقراطية، كل الوسائل للوصول إلى السلطة هي مشروعة في نظره. لكن يمكن أيضاً التعامل مع هذه الحادثة الخطيرة كـ"مرض طفولي" لديمقراطية هشة خرجت للتو من صدمة حرب 1948، وشعب عاد إلى الحياة من رماد المحرقة. مع مرور السنوات، ولاحقاً بعد موت بيغن، تغيرت النظرة إليه وبات يصوَّر كرجل ديمقراطي حقيقي، سيادة القانون، وتعزيز المنظومة القضائية، والحرص على الفصل بين السلطات، وفكرة الوطنية الرسمية، كانت كلها على الدوام في صدارة اهتماماته، وفوق أي اعتبار آخر. قوله "يوجد قضاة في القدس"، الذي يعبّر عن وجهة نظره، لا يزال يتردد صداه حتى يومنا هذا. هذه السمة الجديدة لبيغن والحنين إليه يزدادان بسبب الفوارق الهائلة بينه وبين بنيامين نتنياهو، وبين الليكود آنذاك والليكود في أيام نتنياهو. تقريباً من أي زاوية، شخصية قيادية، سياسية، وأيديولوجية لا يمكن المقارنة بين الاثنين، وبين الليكود آنذاك والحزب في أيام بيبي اليوم.
- ما دمنا نتحدث عن مقارنات، فإن نتنياهو يشبه أكثر ترامب، وهناك بعض السِمات المشتركة بين الاثنين - النرجسية، الشك، جنون العظمة، اعتبار نفسه قادراً على كل شيء، مع قدرة شخصية على الصمود - فيما يلي عشر صفات سلوكية متشابهة بين الزعيمين، لا تشكل بالضرورة قائمة كاملة، ولا تتناقض مع حقيقة أنه يوجد أيضاً فوارق بين نتنياهو وترامب، لكن يجدر بها أن تُقلق مواطني إسرائيل:
- أنا الذي يقرر ما هو الواقع. يرفض الزعيمان الاعتراف بواقع لا يتلاءم مع تطلعاتهما. ترامب أعطى نموذجاً لذلك من خلال رفضه الاعتراف بنتائج الانتخابات، ونتنياهو من خلال موقفه تجاه لوائح الاتهام الموجهة ضده.
- مَن هو ضدي هو عدو الشعب. اعتبار معارضيهما يساراً متطرفاً، خونة وفوضويين، وخطرين على الدولة.
- وسائل الإعلام هي عدو. هجوم دائم على وسائل الإعلام. اتهامها بالوقوف ضدهما وبنشر أخبار ملفقة، بينما المسؤولون الأساسيون عن نشر الأكاذيب هما الزعيمان ومَن يساعدهما.
- مؤامرة في كل زاوية. أطراف مجهولة وقوية (الدولة العميقة) تتآمر من أجل إسقاطي، وبأي وسيلة ممكنة.
- أنا فوق الجميع. أنا أذكى من الجميع، لا يوجد شخص مؤهل أكثر مني لقيادة الدولة.
- فرّق تسُد كسياسة داخلية. توسيع الفجوات والتصدعات بين أجزاء الشعب بهدف تحريض الشعب ضد بعضه البعض، ونشر الكراهية حيال الآخر كسياسة دائمة.
- القدرة على الكذب من دون أن يرف له جفن، وإظهار براعة في البهلوانيات. أمور قلتها وفعلتها في الأمس ليس بالضرورة أن تتلاءم مع ما سأقوله وأفعله اليوم أو غداً.
- غياب الضوابط الأخلاقية. العالم "غابة"، والبقاء للقوي فقط.
- الأنانية وخطوط نرجسية بارزة.
- قمع أي معارضة داخلية. خلق خوف في أوساط وزراء الحكومة وكبار مسؤولي الحزب من أن مكانتهم ستتضرر إذا وجهوا انتقادات لخطوات تضر بالديمقراطية.
- تطرح خطوط الشبه هذه إمكانية حدوث أمر مشابه لما حدث في هضبة الكابيتول في واشنطن أيضاً في إسرائيل، إذا خسر نتنياهو الانتخابات وطُلب منه مغادرة المقر الرسمي في شارع بلفور في القدس. نتنياهو، وخصوصاً ابنه يائير، ومن وراء الكواليس سارة نتنياهو وبعض وزرائه ومحاميه، يمكن أن يدّعوا أن الانتخابات مزورة، وإذا رُفض الالتماس الذي قدموه إلى اللجنة المركزية للانتخابات، وأيضاً المحكمة العليا لم تقبل شكواهم، سيدعون أنصارهم إلى المجيء إلى بلفور وإقامة سلسلة بشرية تمنع إخلاء المقر الرسمي لرئيس الحكومة، أو الذهاب إلى الكنيست لمنع تنصيب رئيس حكومة جديد، هذا يمكن أن يحدث هنا أيضاً.