إسرائيل تستغل ضعفاً تكيكياً نسبياً لإيران لرفع وتيرة هجماتها في سورية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • يبدو أن إسرائيل تستغل ضعفاً إيرانياً نسبياً في سورية - إلى جانب فترة الانتظار التي دخلت إليها طهران في الساحة الإقليمية قبل استلام إدارة بايدن مهماتها في الولايات المتحدة - من أجل زيادة هجماتها ضد مصالح إيرانية في سورية. تحدثت في الأسبوعين الأخيرين وسائل إعلام عربية عن ثلاث هجمات جوية مختلفة في سورية نُسبت إلى إسرائيل.
  • في يوم الأربعاء ليلاً جرى الحديث عن هجوم في منطقة الكسوة غربي دمشق، ليس بعيداً عن حدود سورية مع لبنان. في الأيام العشرة التي سبقت القصف الأخير تحدثت وسائل إعلام عربية عن هجومين آخرين، واحد ضد مجمع للصناعات العسكرية السورية شمالي دمشق وآخر جنوبي العاصمة في الجزء الشمالي من الجولان السوري.
  • بحسب التقارير، الهجمات التي نُسبت إلى إسرائيل وُجهت ضد أهداف متنوعة في سورية: منشآت لصنع السلاح، مخازن عتاد حربي يحتفظ به حزب الله، ومواقع مشتركة للفيلق الأول للجيش السوري و"قيادة الجنوب" التي يشغّلها حزب الله في جنوب سورية لقيادة شبكات إرهابية محلية. كما وُجهت إلى إحدى منظومات الدفاع السورية.
  • مقارنة بالأشهر السابقة التي جرى الحديث فيها عن معدل هجوم واحد تقريباً كل ثلاثة أسابيع، يبدو أن إسرائيل رفعت الوتيرة. بالإضافة إلى الاستمرار في الضرب التكتيكي لمصالح الإيرانيين، فإنها ترسل رسائل إلى نظام الأسد، الغرض منها تقليص تدخّل بطاريات دفاعه الجوي في الدفاع عن أرصدة عسكرية تابعة لإيران وحزب الله في الأراضي السورية.
  • تكشف الهجمات استغلال ما يبدو ضعفاً تكتيكياً وبلبلة استراتيجية في الجانب الإيراني، في الأساس منذ الاغتيال الأميركي لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، في كانون الثاني/يناير العام الماضي. أجهزة استخباراتية في الغرب تشاطر التقدير أن قاآني الذي حل محل الجنرال قاسم يجد صعوبة في أن يكون بمستواه وفي أن يقوم بقيادة الجهد المنظم الذي يخدم المصالح الإيرانية، كما فعل سلَفَه.
  • في الوقت عينه، تحصي طهران الأيام الباقية لمغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض في الأسبوع المقبل في 20 كانون الثاني/يناير. حتى الساعة الإيرانيون يركزون على خطوات رمزية، مثل إعلان استئناف تخصيب اليوارنيوم على درجة 20%، كجزء من تلميحاتهم إلى الأميركيين. بخلاف المخاوف التي سُمعت في الولايات المتحدة وفي إسرائيل، لم تُسجّل محاولة عملية انتقام إيرانية في الذكرى السنوية لمقتل سليماني، قبل أسبوع. مع ذلك، في إسرائيل ليسوا مقتنعين تماماً بأن الخطر قد زال.

حساب مفتوح

  • في الأسابيع الأخيرة حافظت إسرائيل على درجة عالية نسبياً من التأهب. وذلك على خلفية التقدير أن الإيرانيين سيتحركون ضد أهداف أميركية وإسرائيلية، انتقاماً لمقتل سليماني واغتيال رئيس المشروع النووي العسكري الإيراني البروفيسور محسن فخري زادة، في آخر تشرين الثاني/نوفمبر شرقي طهران، والذي نُسب إلى الموساد الإسرائيلي.
  • في إسرائيل يستعدون لمواجهة احتمال هجوم عن بعد من جانب الإيرانيين أو ميليشيات وتنظيمات للمتمردين تعمل بإمرتهم، من سورية والعراق وحتى من اليمن. وعلى الرغم من مسارعة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى التوضيح أن حزبه لن يكون جزءاً من خطط عمل إيرانية في هذه الحالة، ساد نوع من اليقظة أيضاً على طول الحدود مع لبنان. في المؤسسة الأمنية استعدوا لمجموعة سيناريوهات، بينها إطلاق قذائف وصواريخ باليستية طويلة المدى، واستخدام مسيّرات وصواريخ بحرية، أو محاولة الاعتداء على شخصيات إسرائيلية أو ممثليات إسرائيلية في الخارج.
  • حتى الآن لم يتحقق أي من هذه التقديرات. من المحتمل أن ما يفسر ذلك جزئياً يكمن في الصعوبات التنظيمية التي يواجهها فيلق القدس في العراق وسورية. مع ذلك، فرضية العمل في الجانب الإسرائيلي هي أن الحساب لا يزال مفتوحاً في نظر الإيرانيين، وستُنفَّذ عملية انتقامية في وقت تلوح فيه لطهران فرصة لتوجيه ضربة. ناطقون إسرائيليون ذكروا مؤخراً الاستعدادات الإيرانية في اليمن لمساعدة المتمردين الحوثيين. قبل أسبوعين نفّذ المتمردون هجوماً جريئاً على الحكومة اليمنية الجديدة عند وصول وزرائها إلى مطار العاصمة عدن. أُطلقت على المكان قذائف مع مسيّرات هجومية. وقُتل أكثر من 20 شخصاً في الهجوم.
  • مؤخراً جرى استثنائياً نشر بطارية الصواريخ الاعتراضية، القبة الحديدية، في إيلات. في الأسابيع الأخيرة أيضاً لوحظ نشاط غير عادي للمقاتلات الإسرائيلية في سماء جنوب البلد، ويبدو أن ما يجري هو جزء من محاولات لعرقلة عملية محتملة لتنظيمات بالوكالة يشغلها الإيرانيون من الجنوب. وهذا يمكن أن يتجلي في تهديد مباشر موجّه إلى أراضي إسرائيل، أو تهديد النقل البحري الإسرائيلي في البحر الأحمر.
  • مركز الأبحاث الاستراتيجية البحرية في جامعة حيفا أصدر في الأسبوع الماضي وثيقة تقدير استراتيجي للسنة المقبلة. رئيس المركز البروفيسور شاوول حوريف كتب عن الأهمية المتزايدة للبحر الأحمر. وبحسب كلامه، "في هذه المنطقة التي تُعتبر من الممرات المركزية للسفن في العالم يجري صراع على السيطرة بين كثير من اللاعبين. في ضوء الأهمية المتزايدة للتجارة الإسرائيلية مع آسيا التي تعبر في هذه الممرات، وأيضاً العلاقات الوثيقة لعدد من اللاعبين المحليين مع لاعبين إقليميين ودوليين (مثل الحوثيين وإيران)، يتعين على إسرائيل فحص التطورات في المنطقة بصورة دائمة ومعمقة."