السعوديون لم ينضجوا لإقامة علاقات مع إسرائيل
تاريخ المقال
المصدر
- اسم المدينة السعودية نيوم – NEOM - التي التقى فيها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وولي العهد محمد بن سلمان، مؤلف من كلمة NEO، أي جديد باللغة اليونانية، والحرف الأول من كلمة "مستقبل" بالعربية. "مستقبل جديد". هذه المدينة من المفترض أن تكون إرث ولي العهد، الذي لا يهدأ، للأجيال - مدينة ذكية، خضراء، وُلدت باستثمارات ضخمة بمئات مليارات الدولارات، يجتمع فيها الشرق مع الغرب، وقبائل بدوية مع التكنولوجيا المتطورة، مدينة ستكون وطناً لمجتمع، متعدد الثقافات والأديان، سيكون فيها قمر اصطناعي، ومسيّرات بدلاً من سيارات التاكسي، وخدمات تنظيف يقوم بها أشخاص آليون.
- ظاهرياً، ليس هناك أكثر ملاءمة من نيوم لاستضافة تعاون علني بين أهم بلدين في المنطقة: إسرائيل والسعودية، ولبضع ساعات بدت كأنها هي أيضاً تنتظرنا في حال سئم الإسرائيليون من أبو ظبي ودبي الممتلئتين فعلاً بهم.
- لكن كما جرى في مرات غير قليلة مؤخراً، الشطرنج الإقليمي يتداخل مع شيش – بيش [طاولة الزهر] الحياة السياسية في إسرائيل، الموجودة على حافة معركة انتخابية. لقد سُرّبت الرحلة إلى السعودية لتحويل الحديث عن لجنة فحص شراء الغواصات التي شُكّلت، وفي المناسبة عينها، لإحراج وزير الدفاع بني غانتس.
- المشكلة الوحيدة كانت أن نتنياهو نسي أخذ الإذن من السعوديين. في الرياض سكتوا محرَجين نصف يوم، ونجحوا في فرض التجاهل المطلق على كل وسائل الإعلام التابع لهم - إلى أن كذّب وزير الخارجية السعودية في النهاية حدوث الاجتماع.
- بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين سئموا من الغضب، كان التكذيب كافياً. ليس جديداً على أحد أن إسرائيل والسعودية تقيمان علاقات على مستوى عالٍ جداً. الفلسطينيون يدركون أن للدولتين مصالح. وما دام هناك محافظة على السرية، في استطاعتهم استيعاب ذلك. ما يزعجهم هو الكلام العلني عن السلام والأخوّة بين إسرائيل والعرب، والذي يعتبرونه سكيناً في الظهر. التكذيب السعودي استُقبل بارتياح في رام الله. كلهم فرحوا بالتظاهر أنهم لم يروا سجلات رحلة نتنياهو.
- في حقيقة الأمر التنسيق في مواجهة إدارة الرئيس الأميركي المقبل جو بايدن ضروري للسعودية أكثر مما هو بالنسبة إلينا، لأنها ستكون في موقف حساس جداً في واشنطن الجديدة. تعيين جو بايدن أنتوني بلينكن وزيراً للخارجية، وجاك سلفيان مستشاراً للأمن القومي، هما تلميح إلى أن ما حصل عليه ابن سلمان من باب المجاملة من جاريد كوشنير ودونالد ترامب، قد انتهى.
- لا يؤذي السعوديين الوصول إلى حفل تنصيب الرئيس الجديد لا وهم مختبئون وراء المكانة التي لا تزال لإسرائيل في واشنطن، لموازنة صورتهم الإشكالية في مسائل حقوق الإنسان.
- مع ذلك، فإننا عرفنا في الأمس أن السعوديين لا يزالون غير مستعدين حتى لالتقاط صورة مشتركة. ومع كل الاحترام للإمارات، السعودية حامية الأماكن المقدسة في الإسلام، هي الأمر الأساسي، وهذه خطوة تاريخية على ما يبدو ستتطلب المزيد من الوقت.
- المشكلة ليست مع العرب، والمشكلة هي نحن. الانتقال البسيكولوجي من عهد ترامب وعودة إدارة ديمقراطية تنوي السعي مجدداً لعلاقة دبلوماسية مع إيران، هو أمر معقد جداً. إذن ماذا يفعل الإسرائيليون؟ يضيفون عليها ألعاب قوة لا تنتهي بين رئيس الحكومة ووزيريْ الدفاع والخارجية، وفقدان الاهتمام بسبب معركة انتخابية إضافية، تحديداً في أشهر حاسمة تتبلور فيها إدارة أميركية جديدة. البلد في حالة فوضى.