عباس استغل انتخاب بايدن كي ينزل عن الشجرة، وأقر خطوة مطلوبة منذ وقت
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة أثمر في الأمس (الثلاثاء) ثماره الأولى في الشرق الأوسط. القيادة الفلسطينية استغلت التغير المتوقع للإدارة في واشنطن في 20 كانون الثاني/يناير المقبل لإقرار خطوة مطلوبة منذ وقت طويل - استئناف التعاون الأمني والمدني مع إسرائيل في الضفة الغربية. هذا القرار استُقبل أيضاً بشيء من الارتياح في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، إذ وُصف عدم التنسيق في الأشهر الأخيرة بـ"عظمة في الحلق".
- التدهور في العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية كان نتيجة التأييد الكبير الذي أظهرته إدارة ترامب لمواقف حكومة نتنياهو، تقريباً طوال السنوات الأربع للرئيس المنتهية ولايته في البيت الأبيض. رئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن) قلّص بالتدريج العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، رداً على خطوات الأميركيين والإسرائيليين. وصلت الأمور إلى ذروتها هذه السنة، عندما عرضت "صفقة القرن" لترامب في كانون الثاني/يناير، ومع الدفع قدماً بخطة نتنياهو ضم المستوطنات في أيار/مايو. هذه الخطة التي جرى وضعها على الرف خلال الصيف، بحجة أن تأجيلها فتح الطريق للتطبيع مع الإمارات والبحرين.
- توقفت السلطة عن استلام أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل لها، والمبلغ المتراكم وصل إلى 2.5 مليار شيكل، رداً على القرار الإسرائيلي منْع تحويل دعم مالي للأسرى الأمنيين الفلسطينيين. في أيار/مايو، قطع عباس كل قنوات التنسيق الأمني والمدني. عملياً جرى إيجاد وسائل غير مباشرة، كما جرت المحافظة على قنوات للتواصل في حالات الطوارىء، مثل إنقاذ إسرائيليين دخلوا عن طريق الخطأ إلى مناطق السلطة في الضفة الغربية وتورطوا. لكن الجزء الأكبر للعلاقات جُمّد، وتوقفت تقريباً اللقاءات بين الطرفين.
- السلطة هي التي دفعت الثمن الأكبر: المال الذي رفضت الحصول عليه كانت بحاجة إليه في ضوء ضائقة اقتصادية حادة، وأدى وقف التنسيق المدني إلى استئناف العلاقة المباشرة بين مئات الآلاف من سكان الضفة والإدارة المدنية الإسرائيلية، بصورة اعتُبرت نوعاً من الاعتراف بالاحتلال. حالياً، وكما توقعوا في الجيش الإسرائيلي مباشرة بعد فوز بايدن قبل أسبوعين، عباس يستغل الانقلاب السياسي الأميركي للنزول عن الشجرة، على الأقل من الشجرة الأولى. من المتوقع أن يؤدي استئناف التنسيق إلى تمهيد الطريق أيضاً للحصول على الأموال المعلّقة وبذلك التخفيف من ضائقة السلطة، والتي تفاقمت مع ازدياد أعداد المصابين بالكورونا في الضفة. يبشر القرار لأول مرة منذ فترة طويلة بأن السلطة قادرة على تحسين وضع سكان الضفة إلى حد ما. في المقابل، من المعقول أن ينعكس استئناف التنسيق سلباً على جهود مصالحة السلطة مع "حماس"، لأن هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى استئناف اعتقال نشطاء "حماس" في الضفة.
- على ما يبدو سنشعر بتأثير بايدن في الأشهر المقبلة في الساحة الفلسطينية، عندما تتوقف السلطة عن ميلها إلى التحصن بمواقفها ورفض أي اتصال بإسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركية. لكن مفاوضات بناءة لن تجري قريباً، حتى عندما يخلي ترامب في النهاية، طوعاً أو بالإكراه، البيت الأبيض. الشرق الأوسط إجمالاً، والقضية الفلسطينية تحديداً، لن يكونا في رأس سلم أولويات الإدارة المقبلة التي يتعين عليها قبل كل شيء إنقاذ أميركا من الضرر الصحي والاقتصادي الخطِر الذي سببته أزمة الكورونا. في السياسة الخارجية أيضاً المنافسة الاستراتيجية مع الصين هي موضوع أكثر إلحاحاً بكثير. لن يكون لدى بايدن ورجاله أي أوهام بشأن قدرتهم على حل سريع للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.
- في الأمس جرت أخيراً محادثة هاتفية أولى بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وبين بايدن هنأه فيها على فوزه في الانتخابات. جرى هذا بعد امتناع نتنياهو عن قصد من قول كلام واضح في البيان الذي نشره في الأسبوع الماضي، وأيضاً في الجواب المتلعثم عن سؤال في مؤتمر صحافي في الأول من أمس. إعلان نتنياهو المحادثة جاء بعد دقائق معدودة من إعلان محادثة مشابهة أجراها رئيس الدولة رؤوفين ريفلين.
- إلى جانب ذلك، فإن روح ترامب لا تزال تحوم هنا، كما يدل على ذلك ما نشرته النيويورك تايمز في الأمس بشأن درْس ترامب في يوم الخميس الماضي هجوماً جوياً ضد المنشأة النووية الإيرانية في نتانز، وتراجعه عن ذلك بضغط من مستشاريه.
- في هذه الأثناء، من المفيد الانتباه أيضاً الى الاحتكاك الإسرائيلي - الإيراني المتزايد في هضبة الجولان. أمس، اكتشف الجيش الإسرائيلي عبولت ناسفة في الجانب الإسرائيلي من الحدود في المنطقة عينها التي قُتل فيها 4 مخربين وضعوا عبوات مشابهة في آب/أغسطس الماضي. هذه المرة أيضاً التقدير أن شبكة محلية في الجولان السوري يشغّلها إلإيرانيون تقف وراء الهجوم. بالاستناد إلى تجربة الماضي، لا يبقى هذا النوع من العمل من دون رد إسرائيلي، سواء بالتصريحات أو على صعيد الأفعال على الأرض.