على الرغم من استطلاعات الرأي الديمقراطيون قلقون: ترامب عوّدهم توقُّع الأسوأ
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • ترافق المعركة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة مقارنات لا تنتهي بالمعركة السابقة التي جرت قبل 4 سنوات. وعلى الرغم من وجود ما يبرر أن ما نراه سبقت رؤيته، يمكن الإشارة على الأقل إلى فارقين بارزين. الأول والأهم هو أزمة الكورونا التي احتلت مركز الاهتمام، وتُلقي ظلاً كثيفاً على فرص دونالد ترامب بإعادة انتخابه لولاية ثانية، وأدت إلى تحوّل دراماتيكي في عملية الانتخابات، وهو ما دفع مئة مليون ناخب تقريباً إلى تجنب صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم إلكترونياً، أو عبر البريد.
  • الفارق الثاني هو أن المعركة الانتخابية في سنة 2016 والاستطلاعات النهائية أظهرتا أن ترامب يقلص الفجوات مقابل هيلاري كلينتون، وعلى الرغم من ذلك، فإن الديمقراطيين ظلوا مطمئنين، وظل الجمهوريون يائسين. في سنة 2020 تُظهر الاستطلاعات في أسبوع الانتخابات تقدماً قوياً وثابتاً لجو بايدن على ترامب، هو ضعفيْ أو ثلاثة أضعاف التقدم الذي سجلته كلينتون، على الرغم من أخطاء إحصائية محتملة. مع ذلك، إن الديمقراطيين منهارون عصبياً، وعلى ما يبدو، الجمهوريون على أحسن ما يرام.
  • الأرقام الجافة قاطعة. استطلاع شبكة NBC والوول ستريت جورنال الذي نُشر في الأمس أظهر تقدم بايدن بـ10% على ترامب، 52% - 42%. في العالم الطبيعي هذه فجوة لا يمكن إغلاقها في الساعات المتبقية. استطلاعات النيويورك تايمز والواشنطن بوست منحت بايدن تقدماً أقل بكثير، لكن مع ذلك هو متقدم في أغلبية الولايات الأساسية إن لم يكن فيها كلها. التايمز تعتقد أن بايدن متقدم في فلوريدا، والواشنطن بوست تمنح ترامب التقدم. للمرشح الديمقراطي طرق مختلفة ومتعددة للتوصل إلى 270 عضواً في مجلس الناخبين لانتخاب رئيس الولايات المتحدة (electors).
  • لكن الديمقراطيين يتخيلون في كوابيسهم كيف سيندفع ناخبو ترامب إلى صناديق الاقتراع، بينما يقرر الناخبون الديمقراطيون أن هذا ليس ضرورياً بسبب الاستطلاعات. هم يحلمون بكيف سيجتاز ترامب الجسر الضيق جداً الذي لا يزال مفتوحاً أمامه ويفوز بأربع سنوات أُخرى في البيت الأبيض. هم يتخيلون كيف سيفوز بنسب مئوية قليلة في الولايات نفسها التي فاز فيها قبل 4 سنوات، وعندما يصلون إلى بنسلفانيا، هناك بعون الله أو القدر أو الكرملين، سيفوز مجدداً بكل الأصوات.
  • يكفي التفكير في هذا السيناريو الذي لديه فرصة واحد من عشرة، بحسب المعلق الكبير نايث سيلفر، كي يشعروا بمرارة سوداء. لكن بخلاف مطلق مع الوضع قبل 4 سنوات، قلق الديمقراطيين لا يعتمد على نتائج الانتخابات وحدها. ليس أقل من ذلك يخافون من عملية  الانتخابات بحد ذاتها، ومن احتمالات حقيقية بأن يرفض ترامب قبول النتائج، وأن يحاول عملياً القيام بانقلاب.
  • الانتخابات قبل 4 سنوات كانت مملوءة بالتوتر والإهانات، لكن لم يخطر في بال أحد أنه من الممكن أن تنشب خلالها مواجهات عنيفة بين مؤيدي الديمقراطيين والموظفين الرسميين في صناديق الاقتراع و"المراقبين" الذين يرسلهم ترامب إلى الصناديق للتأكد من عدم حدوث "تزوير كثيف"، هو في أغلبيته من صنع خياله. لم يتحدث أحد قبل 4 سنوات عن ميليشيات بيضاء عنصرية ومسلحة أعلنت التعبئة العليا باتجاه الحسم، وعن استعدادها لإراقة الدماء لمنع أعداء ترامب من سرقة الصدارة.
  • الانتخابات قبل 4 سنوات جرت، بحسب التعريف، في عهد ما قبل ترامب، عندما كانت الحياة تسير على الأقل وفق التقاليد والقواعد. قبل 4 سنوات لم يخطر في بال أحد أن الرئيس شخصياً سينشر تخيّلات عن أعمال احتيال ورشى كثيفة في الاقتراع عبر البريد، وسيشكك في موثوقية العملية الديمقراطية، وحتى سيهدد بعدم الاعتراف بالنتائج. من خلال الاعتماد على المساعدة التي سيحصل عليها كما يبدو من المحكمة العليا التي عيّنها شخصياً. بهذا المعنى، غداً ستجري الانتخابات في كوكب تغير وجهه فيها من النقيض إلى النقيض خلال السنوات الأربع الأخيرة. حالياً نحن نعيش في فترة ليس من المستبعد أن يخطط رئيس الولايات المتحدة لانقلاب.
  • المتفائلون يعتقدون أن ترامب في نهاية المطاف يحضّر لنفسه ذريعة إذا خسر. صحيح أن الرجل غير مستعد للاعتراف بأخطاء أو فشل بأي ثمن، وسيتذمر من أنهم سرقوا منه الفوز إلى أن يخلي منصبه في كانون الثاني/يناير القادم. هم يقولون إن ترامب ينبح بصوت عال، لكنه عموماً لا يعض. وإذا شئتم حدوث انتقال منتظم للمنصب من ترامب إلى بايدن، يجب ببساطة المحافظة على كرامة الأول، وهزّ الرأس موافقةً عندما يدّعي حدوث مخالفات.
  • الأكثر واقعية يدعون أن تهديدات ترامب برفض نتائج الانتخابات ليست مجرد مناورة للزعامة، بل نابعة من إيمان مطلق بنيات خصومه الخبيثة. ويضيفون أن ترامب هو بطل العالم في إلقاء أخطائه على الآخرين. هو يعلم بأن لو كان لديه الإمكان لنظّم بنفسه تزويراً كبيراً يساعده على إعادة انتخابه، وليس أكيداً من أنه لا يحاول ذلك الآن.
  • طبعاً ترامب لن يتحرك قيد أنملة إذا اتضح، كما يتخوف الديمقراطيون، أنه قادر على الفوز بصورة شرعية. هو سيستخدم سلاح يوم الحساب فقط إذا شعر بأنه يخسر، لكن بفوارق ضئيلة جداً. ترامب يعلم جيداً بأنه إذا حقق بايدن تقدماً كبيراً كافياً وواضحاً، فإنه سيخسر تأييد كثيرين من كبار مسؤولي حزبه. حتى قضاة المحكمة العليا مع كل إرادتهم الحسنة، وعلى الرغم من كونهم يدينون لترامب بتعيينهم، فإنهم لن يسارعوا إلى إعطاء الصلاحية لخطوة تتعارض بصورة واضحة مع نتائج فرز الأصوات، ولما يُتوقع أن يكون عليه موقف الرأي العام تجاه الموضوع.
  • الافتراض هو إذا حقق بايدن نصراً ساحقاً وقاطعاً، لن يجرؤ ترامب على الاعتراض على النتائج، لكن مع ترامب من الصعب معرفة كل شيء. ومع أن كل اهتمام المعلقين توجّه في المعركة الانتخابية حول احتمال أن يحقق ترامب فوزاً ساحقاً على الرغم من استطلاعات الرأي ضده، الحقيقة هي أن فرصه تحقيقه مفاجأة أقل من فرص بايدن بإلحاق هزيمة مؤلمة بالجمهوريين، وربما تاريخية، ستُفقدهم السيطرة على مجلس الشيوخ.
  • بالاستناد إلى توقعات نيث سيلفر، فرصة ترامب بالفوز في الانتخابات هي نحو 10%. في المقابل، هناك فرصة بنحو 35% لفوز بايدن على ترامب بفارق أكثر من 200 عضو في مجلس الناخبين لانتخاب الرئيس. الديمقراطيون يصلّون، على الرغم من كونهم لا يزالون خائفين من تجدد صدمة 2016،  من أجل أن يفوزوا في هذه الفوضى بانتصار يحقق أحلى أحلامهم.