الجدار العائق ضد الأنفاق بدأ يؤتي ثماره، وفي القطاع يدرسون البدائل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • اكتشاف نفق على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل اليوم (الثلاثاء) يذكّر إسرائيل و"حماس" بأيام أُخرى، كانت قوة الاحتكاك العسكري بين الطرفين خلالها أقوى بكثير. لكن الظروف الحالية - وباء الكورونا، وحاجة "حماس" الماسة إلى مساعدة اقتصادية للقطاع، ورغبة إسرائيل في الدفع قدماً بصفقة الأسرى والمفقودين - مختلفة تماماً. لذا، على الرغم من الرصيد العسكري المهم الذي خسره الفلسطينيون، هناك فرصة معقولة في ألّا يؤدي اكتشاف النفق إلى تدهور نحو العنف. هذا المساء أُطلق صاروخ واحد من القطاع على مستوطنات غلاف غزة، اعترضته بطارية القبة الحديدية.
  • بدأت إسرائيل بإقامة العائق ضد الأنفاق على حدود القطاع في سنة 2017، كدرس متأخر لمفاجأة الأنفاق التي حدثت في عملية الجرف الصامد في صيف 2014. الجزء الأكبر من المشروع فوق الأرض وتحتها قد أُنجز، والختم النهائي للمشروع سيكون في آذار/مارس السنة القادمة. التكلفة الإجمالية ضخمة - نحو ثلاثة مليارات شيكل، من الصعب أن نتخيل كيف أن الجيش حصل على موافقة على ميزانية كهذه، جرى تمويل معظمها من خارج ميزانية الأمن في فترة الأزمة الاقتصادية الحالية.
  • لكن حتى خلال فترة العمل بدأ العائق يؤتي ثماره. حتى الآن جرى اكتشاف نحو 20 نفقاً، جزء منها بواسطة تكنولوجيا جرى نشرها خلال تشييد الجدار الجديد. هذا ما جرى أيضاً مع النفق الجديد، الذي حُفر من المنطقة الواقعة شرقي خان يونس إلى منطقة كيسوفيم في أراضي إسرائيل في القطاع الأوسط من الحدود مع غزة. وتمكن الحفارون من التسلل إلى داخل الأراضي الإسرائيلية مسافة عشرات الأمتار وعلى عمق كبير نسبياً. النفق لم يعبر الجدار نفسه، الذي لا يحاذي الحدود بصورة مطلقة، وفي بعض الحالات يمر شرقها قليلاً. ونظراً إلى أن النفق لم يعبر الجدار فهو لا يشكل خطراً على المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة الموجودة على الطرف الثاني منه.
  • الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي هدي زيلبرمان قال هذا المساء إن النفق على ما يبدو كان في قيد "الإنشاء" واكتشفه الجيش الإسرائيلي قبل انتهاء العمل فيه. بكلمات أُخرى، هذا النفق جديد نسبياً، جرى العمل عليه في السنوات الأخيرة على الرغم من بناء العائق في الجانب الإسرائيلي. رفض زيلبرمان أن يذكر اسم التنظيم الذي حفره، بحجة أن الأمر لم يتضح استخباراتياً بصورة نهائية. مع ذلك، التقدير المعقول هو أن "حماس" هي وراء المشروع. حفر الأنفاق هو عمل مكلف للغاية. من بين كل التنظيمات في القطاع، في الأساس التنظيم الذي يمسك السلطة يقدرعلى تمويله. حتى اليوم أنفاق معدودة فقط حفرها تنظيم الجهاد الإسلامي.
  • كما في أغلب الصراعات بين تنظيمات إرهابية وحرب عصابات وبين جيوش أكبر، يجري نوع من"مسابقة تعلّم" يحاول فيها الطرف الأضعف تحديد نقاط الضعف في تنظيم الطرف الأقوى، ويعمل هذا الطرف على إصلاحها. هذا ما جرى طوال سنوات أيضاً في القطاع.
  • حتى سنة 2011 كان السلاح الأساسي للتنظيمات الفلسطينية في غزة هو الصواريخ. منذ اللحظة التي دخلت فيها منظومة القبة الحديدية إلى العمل، اتضح أن الجيش ينجح بواسطتها في اعتراض أغلبية الصواريخ التي تُطلَق في اتجاه المناطق المبنية في جنوب البلد. الفلسطينيون بدأوا العمل على بدائل، وكان نجاحهم جزئياً، لكن خلال عملية الجرف الصامد استطاعوا أن يتسللوا إلى الأراضي الإسرائيلية من خلال عدة أنفاق وقتلوا جنوداً. العملية العسكرية التي كانت ضد الصواريخ تحولت إلى عملية ضد الأنفاق، وإلى حين انتهائها جرى اكتشاف وتدمير نحو 30 نفقاً.
  • إنجاز العائق من المفروض أن يجعل من الصعب تسلل أنفاق أُخرى إلى أراضي إسرائيل. ومن الواضح منذ الآن أن التنظيمات في القطاع تعمل على وسائل بديلة، تلتف على المنظومة الدفاعية الإسرائيلية. ومن المعقول، من بين أمور أُخرى، أن تبذل جهداً لاستغلال النطاق الجوي- من خلال استخدام متزايد لمسيّرات وطائرات من دون طيار.
  • لكن حالياً تعتقد الاستخبارات الإسرائيلية أن أغلب الخطوات العسكرية لـ"حماس" تهدف إلى بناء القوة، أي الاستعداد تحسباً للمواجهة المستقبلية، وليس بهدف الوصول إلى تصعيد في مواجهة إسرائيل في وقت قريب. في نهاية سنة 2020 يبدو، على الأقل في الأمد القصير، أن زعيم "حماس" في القطاع يحيى السنوار حسم خياره الاستراتيجي. فهو مهتم بتحسين الوضع اليائس لسكان القطاع، ويركز على أن يفعل ذلك بوسائل اقتصادية.
  • يسعى السنوار لضمان الحصول على مساعدة دائمة تتخطى 30 مليون دولار في الشهر التزمت قطر بتحويلها إلى قطاع غزة حتى نهاية العام. من المحتمل أن دخول لاعبين جدد - قدماء إلى الساحة، مثل الإمارات والسعودية، يمكن أن يقدم له مصادر دخل إضافية. إزاء الخارج، تحرص إسرائيل على إظهار خط حازم حيال "حماس". لكن إذا أمعنّا النظر في السنوات الماضية يمكن أن نرى أن لديها تفضيلاً استراتيجياً علنياً؛ تفضل حكومات نتنياهو المتعاقبة إدارة النزاع مع "حماس" بأقل ثمن، والامتناع بقدر المستطاع من مواجهة مكلفة جداً، حتى لو أن من شأنها أن تؤدي إلى تغيير جوهري في الوضع.
  • حالياً، التقاطع بين ضائقة الكورونا وبين الحاجة إلى حل ضائقة عائلات الأسرى والمفقودين، أوجد على ما يبدو فرصة للتوصل إلى تسوية تؤمّن الهدوء لأمد طويل في القطاع. مصادر أمنية، وبالتأكيد في الجيش الإسرائيلي، تؤيد الموافقة على مشاريع كبيرة في مجال البنى التحتية في القطاع، على أمل التوصل إلى وقف إطلاق نار طويل.
  • الحكومة مشغولة بالكورونا، وممزقة إلى قسمين بسبب الأزمة السياسية، وتلاقي صعوبة في هذه الأثناء في توفير الحبل الذي يمكن أن يؤدي إلى مثل هذه النتيجة، وخصوصاً إذا كان مرتبطاً بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين.