تهديدات التجمع الوطني الديمقراطي تزيد في حدة الاستقطاب في المجتمع العربي

فصول من كتاب دليل اسرائيل

المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • تترافق تهديدات التجمع الوطني الديمقراطي "بلد" بالانسحاب من القائمة المشتركة مع شعارات تدعو إلى الدفع قدماً برؤية بديلة وموضوعات تدل ظاهرياً على طريق مختلفة، لكنها عملياً ليست سوى صدى لأفكار ماضية لم تنجح في التوصل إلى تحسين وضع المواطنين العرب في إسرائيل، أو في إعادة صوغ علاقتهم بالدولة والمجتمع اليهودي.
  • يدّعي "بلد" أن القائمة المشتركة أضاعت طريقها الأصلية، وهو ما أدى إلى تقليص مشاركتها في النضال الوطني الفلسطيني والتركيز على ما وُصف بالمشكلات المدنية، وعلى النضال ضد بنيامين نتنياهو. وحذّر مسؤولون رفيعو المستوى في "بلد" من أن أي تأييد، ولو غير مباشر، لتولّي لبيد رئاسة الحكومة سيُنهي مشاركة حزبهم في القائمة المشتركة. وأضاف هؤلاء أن على العرب الامتناع من أي ارتباط سياسي مع أحزاب صهيونية من اليسار أو من اليمين، وأن على الجمهور العربي العمل بقوة لتحويل إسرائيل إلى دولة لجميع مواطنيها.
  • تصريحات "بلد" تعكس صورة السياسة العربية كما كانت عليه قبل سنوات، وتجسّد الاختلاف العميق عن الطريق الجديدة التي رسمها منصور عباس في السنة الماضية: التخلي عن الموقف التقليدي في الوقوف موقف المتفرج، لمصلحة اندماج غير مسبوق في الدولة واكتساب النفوذ، من خلال إظهار مرونة معينة إزاء مسائل تخلق شعوراً بالاغتراب في مواجهة الجمهور اليهودي.
  • والظاهر أنه حتى ولو أدت تهديدات "بلد" في نهاية المطاف إلى تفكيك القائمة المشتركة، فإنها تساهم في خلق اليأس العام الذي يسيطر على المجتمع العربي قبيل الانتخابات. من الصعب تلخيص التجربة التاريخية لحزب القائمة العربية الموحدة (راعام) كنجاح؛ الطريقة التي عملت فيها القائمة المشتركة لم تنجح في تحقيق إنجازات مهمة تتعلق بمسائل حساسة تهم المجتمع العربي (الجريمة، وأزمة جيل الشباب، والصعوبات الاقتصادية)؛ جميع الأحزاب الصهيونية وضعت مرشحيها العرب في أماكن غير واقعية على لوائحها.
  • على هذه الخلفية، يزداد وسط المواطنين العرب التوجه نحو الامتناع من المشاركة في الانتخابات، وبحسب استطلاعات الرأي العام، فإن نسبة الاقتراع في أوساطهم من المتوقع أن تكون منخفضة بصورة غير مسبوقة، وأن تصل إلى 40%، وربما أقل، الأمر الذي سيؤثر في التمثيل العربي في الكنيست، وفي الخريطة السياسية الواسعة في إسرائيل.
  • يمثل "بلد" نموذجاً سياسياً هجيناً: فهو يواصل مشاركته في اللعبة البرلمانية، لكنه ليس مستعداً لإبداء مرونة بصورة تجعله لاعباً مؤثراً. قرار الحزب خوض الانتخابات بصورة مستقلة يمكن أن يسهل على زعماء القائمة المشتركة التساهل في مواقفهم بكل ما له علاقة بالتعاون مع الأحزاب الصهيونية، من جهة، لكن من جهة أُخرى، فإن هذا سيُضعف الصوت العربي في المنافسة (سيكون من الصعب أن تجتاز بلد نسبة الحسم، وبهذه الطريقة ستساهم في خسارة أصوات).
  • في هذه الأثناء، يواصل الجمهور العربي تأرجُحه بين قطبي الاندماج والتمييز، والذي ازداد في السنة الماضية، وتنقّل بين احتكاك غير مسبوق بالدولة (أحداث أيار/مايو 2021) وبين اندماج غير مسبوق (مثل انضمام راعام إلى الائتلاف الحكومي).
  • تشكل رؤيا "بلد" رؤيا من الصعب هضمها، سواء من جانب اليهود أو العرب: فهو يقترح نموذجاً من المتوقع أن يحافظ على الاغتراب ويفاقمه بين المجموعتين السكانيتين، وفي المقابل، لا يقدم جواباً عن تطلعات أغلبية الجمهور العربي من أجل تعميق الاندماج في الدولة، وإعطاء الأولوية لحل المشكلات المدنية على المشكلات السياسية، بما فيها الموضوع الفلسطيني (هذا هو التوجه الذي أظهرته استطلاعات الرأي العام التي جرت في الأعوام الأخيرة).
  • المواقف التي يطرحها "بلد" الآن توضح أن المجتمعَين [العربي واليهودي] يقفان أمام خيارين استراتيجيين. الأول: تعميق الارتباط، ومحوره استعداد العرب للاندماج في إسرائيل وفي صورتهم الحالية كمواطنين متساوين في الحقوق، إلى جانب فتح الأبواب الواسعة في الأحزاب والمجتمع في إسرائيل أمام الجمهور العربي. والثاني: التمسك بمبادىء الماضي، والتي تعني تعميق الاغتراب المتبادل وزيادة فرص الاحتكاك التي يمكن أن تقوّض الواقع الداخلي في الدولة.

 

 

المزيد ضمن العدد 3854