أبو مازن يشعر باليأس، وبرعاية أردوغان يمكن أن يقع في قبضة "حماس"
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • لا شك في أن "اتفاقات أبراهام" الموقّعة مؤخراً في حديقة البيت الأبيض بين دولة إسرائيل وبين الإمارات والبحرين، هي ليست أقل من اختراق مهم في المنطقة. وكما وصف ذلك سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، ما جرى هو "كسر حاجز الشرعية، وشراء المزيد من الوقت للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، بواسطة إزالة خيار الضم من جدول الأعمال." بحسب كلامه، يجب على طرفي النزاع الآن أن يستخدما الوقت بطريقة ذكية لحل الخلافات.
  • يجب ألّا تختلط الأمور علينا. الإماراتيون لم يديروا ظهرهم للفلسطينيين، على الأقل من وجهة نظرهم. هم ببساطة ليسوا مستعدين للانتماء إلى سائر شعوب المنطقة التي ربطت مصيرها بالماضي، ويريدون المضي قدماً على رأس المعسكر الذي ينظر إلى الـ50 عاماً القادمة. في نظرهم، القيادة الفلسطينية الحالية في الضفة الغربية تنتمي إلى تلك الدول التي تنظر إلى الوراء. حتى لو لم يقولوا هذا الكلام بوضوح، فإنه واضح.
  • لكن - ويوجد لكن كبيرة - دولة الإمارات التي اتخذت خطوة شجاعة واخترقت الطريق نحو التطبيع الكامل مع إسرائيل، والمغردون فيها على تويتر يمدحون، ليلاً نهاراً، دولة إسرائيل اليهودية، والتي تعلّم سكانها على مر السنين قبول الآخر، والتسامح، والعيش في بيئة دولية متعددة الثقافات - لم تنس الشعب الفلسطيني. فكم بالأحرى مملكة البحرين الصغيرة التي أغلب سكانها من الشيعة الذين يعرفون واقعاً أقل تجانساً بكثير. الدولتان تواصلان اتصالاتهما المكثفة بالإدارة الأميركية، في الأساس مع جاريد كوشنير، من أجل الدفع قدماً بعملية جيو - استراتيجية طويلة الأجل، يمكن أن تؤدي إلى إنهاء النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.
  • ليس واضحاً ما إذا كانت العملية ستنجح، لكن المؤكد أن الموضوع مطروح على جدول الأعمال وراء الكواليس. وهذا أفضل، لأن النشوة التي أحاطت التطبيع الأول مع جوار إسرائيل من السهل جداً أن تنسينا أننا ما زلنا في الجوار نفسه، وهو صعب. أي عطسة بسيطة يمكن أن تتحول بلحظة إلى انفجار حقيقي. ليس المقصود فقط تفشي وباء الكورونا. مؤخراً قتلت مصر عن طريق الخطأ صيادَيْن اثنين من غزة، وعدم الاستقرار الذي نشب في أعقاب الحادث يهدد بالانزلاق إلى حدود دولة إسرائيل. أيضاً الوضع في غزة يتفاقم بصورة مخيفة منذ سنوات، ومؤخراً وباء الكورونا يهدد بالمزيد من التدهور إلى حد حرب حقيقية. حرب يأس ممزوجة بثقافة الكراهية.
  • في الخلفية، التوتر بين مصر والإمارات والسعودية ورعاتها في مواجهة قطر، وتركيا وإيران هو على حاله. الكراهية هناك كبيرة، ولا تقل عن العداء الذي جرت رعايته منذ سنوات كثيرة ضد إسرائيل. من خريطة المصالح هذه تنشأ معسكرات. نحن في معسكر "الخير". في المقابل القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية، تصر على تحطيم كل القواعد، وتتأرجح منذ وقت طويل بين المعسكرات. وهي قريبة أكثر من أي وقت مضى من وضع نفسها والشعب الفلسطيني الذي يعيش في الضفة في معسكر "الشر".
  • بعد أن شعرت بأنها تعرضت للخيانة والغدر في الساحة الدولية، ومؤخراً أيضاً على الصعيد الإقليمي، وفي أروقة الجامعة العربية، تغازل القيادة الفلسطينية العدو اللدود "حماس" في محاولة أُخرى للتوصل إلى مصالحة وطنية. حتى الآن لم تنجح سلسلة محاولات للتوصل إلى مثل هذه المصالحة. لكن لا شيء محصن إلى الأبد.
  • إذا أثمرت محاولات التدخل الواضح من الحاكم التركي، فمن المحتمل أن يدفع أبو مازن الضفة الغربية إلى أذرع "حماس". الخاسر الأكبر من هذه الخطوة سيكون الفلسطينيين أنفسهم، السجناء رهائن في يد القدر. لكن ليس هم فقط، إسرائيل أيضاً ستخرج خاسرة من خطوة كهذه.
  • المصلحة الإسرائيلية هي في إنقاذ الشعب الفلسطيني، الذي يعيش في الضفة، من قبضة أردوغان، ومن نظام آيات الله في إيران، ومن قبضة "حماس". وهذا ليس أقل دراماتيكية مما يسمع. هذا المحور يعرف جيداً تحريك مشاعر الشارع من أجل الحصول على شرعية لاحتضان الضفة الغربية، إذا تخلى الغرب نهائياً عنها.
  • إسرائيل مشغولة بأزمة زعامة هي أطول ما شهدته على الإطلاق، بالإضافة إلى أزمة صحية واقتصادية خطرة. القيادة في الولايات المتحدة مشغولة بالانتخابات القريبة. من السهل الانغماس في هذه التغيرات، وأن ننسى للحظة خطوات اليأس للقيادة الفلسطينية الحالية، الحرس القديم، والسهولة التي يمكن أن تقع فيها في فخ العسل الذي نصبه لها أردوغان.
  • تتوجه أنظار أبو مازن الآن إلى نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، قبل أن يختار المعسكر الذي سينتمي إليه. في هذه الأثناء يتدهور الوضع على الأرض بسرعة. يجب علينا أن نمنع هذا التدهور. الآن مع التشكيلة الإقليمية الجديدة التي تقدم إلى إسرائيل دعماً استراتيجياً على صورة دول قوية موالية للغرب في المنطقة. لنا اليد الطولى، والتطبيع المرجو مع دول المنطقة لم يعد مشروطاً بضوء أخضر من الفلسطينيين. هذا هو وقت زعامة شجاعة تعرف كيف تستفيد من الفوائد الناجمة عن نظام إقليمي جديد، لإحراز تقدم مهم نحو حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.