في أزرق أبيض أدركوا أنهم لن يصلوا إلى المناوبة ورفعوا سقف الرهان
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- على كتاب استقالة وزير السياحة، أساف زامير، كان من الممكن أن يوقع بقناعة تامة، الأعضاء الـ17 الذين بقوا في كتلة أزرق أبيض – العمل - طريق إسرائيل. أغلبيتهم كانت ستصعّد لهجتها وتعبّر بلغة أقل تهذيباً. بين هؤلاء أيضاً الثلاثي في القيادة: بني غانتس، غابي أشكنازي، وآفي نيسينكورن. هم يعرفون رئيس الحكومة عن قرب أكثر. واختبروا بصورة شخصية ووزارية نذالته الشديدة، وكذبه الكبير، وأضرار خداعه أكثر من أي وزير آخر. هم مع زامير بقلوبهم، لا بأجسادهم. لكن هناك تغييراً ملحوظ.
- في الأسبوع الأخير وصلت زمرة أزرق أبيض إلى حافة عدم قدرة تحمُّلها السياسية. بمصطلحات محدّثة، انخفضت نسبة الأوكسيجين إلى ما تحت الخط الأسود. إقرار قانون إبعاد التظاهرات عن مقر رئيس الحكومة في القدس (أو اسمه الآخر: القانون لتهدئة سارة نتنياهو)، الذي كانوا شركاء في إقراره، كان القشة الأخيرة التي قصمت ظهورهم.
- الشراكة بينهم وبين الليكود - التي بدت منذ اللحظة الأولى تعايشاً صعباً- انتهت عملياً يوم الجمعة. تسلسُل الأحداث بشأن الإغلاق وقانون التظاهرات أدى إلى صحوة، وإلى التخلي عن الأوهام أيضاً لدى الأعضاء الأكثر تفاؤلاً وأنصار الخير. الحدث الذي يسمى "حكومة وحدة" أو "حكومة الكورونا" أصبح غير محتمل بالنسبة إليهم. اليوم هم يدركون أكثر من أي وقت مضى أن بنيامين نتنياهو غير قادر وبالتأكيد لا يريد أن يغير جلده، وأن يقيم علاقات طبيعية بهم. الاستقامة والنزاهة هما كلمتان مستهجنتان في قاموس المستهترين.
- غانتس وزملاؤه يدركون اليوم أنهم لن يصلوا إلى المناوبة المنشودة؛ وإذا وصلوا فإن ذلك لن يكون بطرق سلمية وسلسة. هم يدركون أن الحزب الملقب أزرق أبيض يغرق. بعد وقت قليل لا أحد يريد التعامل معه. لذلك هم يرفعون سقف الرهان. إعلان إقامة لجنة للبحث عن مُدّعٍ عام للدولة من جانب وزير العدل آفينيسينكورن يعبّر عن ذلك تماماً. سيترأس اللجنة المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت، صديق عائلة نتنياهو التي غيرت رأيها فيه. (وصفه يائير نتنياهو على وسائل التواصل الاجتماعي، بالبلطجي والحقير).
- المسار الذي أعلنه غانتس في الأمس لن يتوقف عند تعيين مُدّعٍ عام للدولة. ففي النهاية الحكومة هي التي من المفترض أن توافق على المرشح الذي سيقدمه لها وزير العدل. ما دام نتنياهو في منصبه، لا يوجد وضع ولا سيناريو. استعراض العضلات هذا لا يهدف إلى تعيين مُدّعٍ عام، بل إلى تذكير ناخبي الحزب، الذي تتراجع مقاعده في استطلاعات الرأي، بأن الشاة التي ذُبحت لا تزال في قيد الحياة، حتى الآن.
- خطوات جريئة إضافية ستأتي على الطريق. وعود نُسيت، مبادىء وُضعت على الرف، التزامات أُهملت، سوف يجري إخراجها من المحفوظات وستُطرح على الطاولة. في أزرق أبيض يبحثون عن شجار. "مَن لا يناسبه هذا فليحدد موعد الانتخابات"، كتب غانتس في بيانه. قطعاً هذا قول غير معهود منه، لكنه حقيقي: لا نية لديه لإسقاط الحكومة والمغادرة وإبقاء نتنياهو وحده مع مؤامراته.
- إعلان إقامة لجنة للبحث عن مرشح لمدّعٍ عام للدولة، والذي لم يساهم في سكينة يوم السبت في مقر رئاسة الحكومة، كان من المفترض أن يرى النور صباح يوم الجمعة، لكنه تأجل، وفي الساعة 12، خرج وزير السياحة زامير مع إعلان استقالته. دراما اللجنة ابتلعتها دراما الاستقالة.
- قد لا يكون زامير آخر المستقيلين. هو لم يكن قادراً على التعايش مع حكومة الكورونا التي يديرها شخص، بالنسبة إليه يتقدم جهد كبح الموكل إليهم إنفاذ القانون في أهميته على القضاء على الوباء. لقد قام زامير بخطوة مستقيمة، مع أنه لا يمكن تجاهل مصلحته الشخصية. نظره موجه إلى الانتخابات المقبلة لرئاسة بلدية تل أبيب. هو ترشح في الماضي ضد رون خولداي، وخسر. في المرة المقبلة ليس أكيداً من أن خولداي سيترشح. ربما سينتقل إلى الساحة القطرية. المهم جداً بالنسبة إلى زامير كان إنقاذ نفسه من هذه الحكومة التي لا تحبها أغلبية سكان مدينته.
- لقد قام بالأمر الصحيح، وأعطى درساً في القيادة لوزير العلوم والتكنولوجيا يزهار شاي. في نهاية الأسبوع أعلن شاي أنه ينوي الاستقالة، وبرر ذلك جيداً، لكن بعدها أصابه الرعب وتراجع. بعد مرور يومين على ذلك، وفي ظل تعديل قانون الحد من التظاهرات، نشر تعليقاً طويلاً تحدث فيه عن مصاعبه وعن حزنه. في حديث مع "هآرتس" قال إن عينه لم تغمض في الليلة التي أُقر فيها القانون في الكنيست. لكن يتعين عليه أن "يؤثر من الداخل". زامير قدم استقالته من دون كلام لا طائل منه. الآن إذا استقال شاي سيبدو أنه انجر إلى ذلك.