نصر الله ينتظر الفرصة: يجب وضع معادلة ردع جديدة
تاريخ المقال
المصدر
- أرعب الجنوب اللبناني مؤخراً الانفجار الذي وقع بالقرب من قرية عين قانا في مخزن سلاح تابع لحزب الله، وارتفعت درجة التأهب في الشمال، لكن نظراً إلى أن التوتر بين إسرائيل وحزب الله مستمر منذ أكثر من شهرين، هناك حدود لمدى قدرة التشكيلة العسكرية، المتوفرة جداً، على البقاء متأهبة، من دون وقوع اشتباك جبهوي.
- في سلسلة تغريدات نشرها على تويتر قبل أسبوع، كتب المراسل العسكري في موقع "والا" د. أمير بوحباط انطباعاته، بعد حديث أجراه مع وزير الدفاع ورئيس الأركان السابق بني غانتس. ولدى تطرُّقه إلى تهديد زعيم حزب الله حسن نصر الله بقتل جندي إسرائيلي، قال وزير الدفاع إن الأمر لن يمر "من دون رد كبير للجيش الإسرائيلي"، لكنه اعترف بأن "نقطة توتر مستمرة ليست أمراً جيداً."
- في مقابلة مع "يسرائيل هَيوم" في نهاية الأسبوع الماضي، قال قائد المنطقة الشمالية أمير برعام، أنه على الرغم من أنه كان يرغب في إعطاء الأمر بقتل الخلية التي تسللت في مزارع شبعا، فإن الذي كان يوجه القيادة العليا هو الهدف الاستراتيجي بمنع التصعيد بينما شمال البلد مكتظ بالمتنزهين والمصطافين. بعد مرور أسبوع قتلت مسيّرة تابعة لسلاح الجو والقوة الخاصة ماجلان خلية حاولت التسلل وزرع عبوات ناسفة بالقرب من الحدود في هضبة الجولان. "هذه الخلية لم نسمح لها بالهروب بل أصدرت أمراً بالقضاء عليها، لأن لدينا حرية عمل في سورية أكبر بكثير". في رأيه أن نصر الله "يرفض النزول عن الشجرة" لأنه يريد التلميح إلى أن على إسرائيل عدم المبالغة والمحافظة على قواعد اللعبة.
- برعام هو قائد ذو تجربة، قاتل في لبنان منذ تجنده في فرقة المظليين في أواخر الثمانينيات وحتى الانسحاب سنة 2000، وأصبح لاحقاً قائداً للكتيبة 890 في الانتفاضة الثانية، وقائداً لفرقة الجليل. في نظره، المطلوب شرعية داخلية ودولية قبل الخروج إلى معركة، كذلك يجب بذل كل جهد لمنع التصعيد. لكن كما ذكرنا، يدرك برعام، وأيضاً غانتس الذي كان قائده في فرقة المظليين، أن التوتر المستمر أيضاً ليس جيداً، وخصوصاً أن مَن يسيطر على دينامية هذا التصعيد هو نصر الله.
- لذلك عندما أطلق قناصة حزب الله النار في الشهر الماضي على قوة من الجيش الإسرائيلي على الحدود (من دون وقوع إصابات) رد الجيش بصورة حازمة أكثر من رده في مزارع شبعا، وهاجم من الجو مواقع تابعة لحزب الله قريبة من الحدود اللبنانية، الرسالة الموجهة هي: "خسرت موقعين بسبب إطلاق نار من دون إصابات. هذا يعلّمك كيف سنرد على إطلاق نار مع وقوع إصابات."
- حزب الله لا يزال يرتدع عن حرب مع إسرائيل، وخصوصاً اليوم بسبب الأزمة الاقتصادية في لبنان، ووباء الكورونا ، وجهود إعادة الإعمار بعد انفجار مرفأ بيروت. صحيح أن الجيش الإسرائيلي لم يكن على مستوى توقعات الجمهور الإسرائيلي في حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، لكن الضربة الجوية القاسية التي أصابت أرصدة حزب الله في بيروت والمناورة البرية التي أصابت مواقعه في الجنوب اللبناني ومئات من عناصره، جسدتا الفجوات في القوة بين حزب الله وبين إسرائيل. نصر الله نفسه اعترف بأنه لو علم بأن خطف الجنديين سيؤدي إلى حرب لما أقدم عليه.
- لكن كما ذكرنا، بين عدم القيام بشيء وبين الحرب هناك نطاق واسع من العمليات، وعلى الرغم من أن نصر الله لا يريد حرباً، فإنه يواصل السير حتى النهاية، رغم علمه بأن النتيجة يمكن أن تكون تصعيداً وحتى حرباً. هذا هو أسلوبه في ردع إسرائيل والحفاظ على مكانته كدرع لبنان.
- كما في الحرب، حزب الله يلعب على عامل الزمن. الزمن يعمل ضد إسرائيل التي ترغب في العودة إلى الحياة الطبيعية في أسرع وقت ممكن، بينما يعمل لمصلحة حزب الله الذي تزداد هيبته كلما صمد وقتاً أطول. والسؤال المطروح كيف ننهي هذه التوترات من دون أن تتحول إلى معركة، ومن دون التنازل عن الخطوط الحمراء لإسرائيل؟
- نصر الله لا يهدد من دون أن ينفّذ، وما دام الأمر منوط به هو يريد استمرار التوترات بقدر استطاعته، وفي النهاية تحقيق معادلة الردع التي وضعها ومهاجمة جندي. عندما يحدث التصعيد يتعين على الجيش الإسرائيلي استغلاله. هذا سيعطي شرعية لضرب الحزب، ويجب أن نقوم بذلك بصورة ترسم معادلة جديدة تردع الحزب، وتوضح قواعد اللعبة على طول الحدود.