20 عاماً بعد الانتفاضة الثانية، الانتصار الإسرائيلي يكاد يكون كاملاً
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- الانتفاضة الثانية نشبت لأن إسرائيل استغلت المفاوضات مع الفلسطينيين من أجل الدفع قدماً بمشروع النهب - الاستيطاني. النفاق كان صارخاً: من جهة كلام عن السلام، ومن جهة ثانية – مواصلة السيطرة على الحيّز الفلسطيني من أجل رفاهية اليهود وراحتهم. النفاق كان صارخاً، والإسرائيليون لم يسمعوه.
- الغضب والاشمئزاز من الاحتيال الإسرائيلي تراكم على مر سنوات من خيبة الأمل والصحوة من اتفاق أوسلو، وانفجر في 29 أيلول/سبتمبر 2000 (بعد مرور يوم على استفزاز أريئيل شارون [زيارته إلى الحرم القدسي] بموافقة رئيس الحكومة آنذاك إيهود باراك). لكن الانتفاضة الثانية لم تكن انتفاضة بالمعنى المعروف للكلمة: باستثناء الأيام الأولى لها، هي لم تكن شعبية - مدنية، وأغلبية الجمهور لم تشارك فيها، بخلاف الانتفاضة التي اندلعت في سنة 1987. الأساس الشعبي - الجماعي الذي حافظت عليه كان الصمود الذي أظهره الجمهور الفلسطيني في مواجهة خطوات القمع والإحباط والعقاب والاستنزاف الاقتصادي.
- الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود والشرطة قمعوا التظاهرات بوسائل فتاكة منذ يومها الأول، ونجحوا في ردع متظاهرين محتملين. ياسر عرفات ورجاله تخوفوا من تصاعد الانتقادات ضد السلطة الفلسطينية وحركة "فتح"، فأعطوا الضوء الأخضر لعناصر "فتح" والأجهزة الأمنية لاستخدام السلاح في نقاط الاحتكاك بالجيش الإسرائيلي، وهكذا اعتمروا قبعة المقاومة وسيطروا على التظاهرات. هم أيضاً افترضوا أن العسكرة ستقوي الموقف الفلسطيني في المفاوضات. وآمنوا بأن في استطاعتهم لجم الاستعمار الإسرائيلي في مناطق 1967.
- الجهاز المزيّت جيداً من الناطقين بلسان الجيش والحكومة نجح في جبهة الدعاية وبنى كذبه على أن معارك تدور في المناطق بين جيشين متعادلين، وأن الفلسطينيين هم الذين "بدأوا" بالأعمال العدائية. في ذلك الوقت مثل اليوم – الأغلبية الإسرائيلية لم تحصِ عدد القتلى الفلسطينيين، ولم ترَ في الاستيلاء على أراضيهم عدواناً مؤسساتياً. في الموازاة عدد الفلسطينيين غير المسلحين الذين قتلتهم إسرائيل أخذ في الازدياد، ومع كل تشييع ازدادت المطالبة الفلسطينية بالانتقام. مع ضوء أخضر مدعوم، أو من دونه، أطلق مسلحون فلسطينيون النار على مدنيين إسرائيليين (مسلحون أيضاً مثل معظم المستوطنين) في الضفة الغربية وفي القطاع.
- "حماس" انضمت في وقت متأخر إلى حد ما، وأظهرت أنه إذا كان النجاح يقاس بعدد جثث الإسرائيليين، فإنها فعالة أكثر من "فتح". إسرائيل محت الخط الأخضر- لماذا لا تعود إلى مهاجمة إسرائيليين داخل إسرائيل؟ الأذرع المسلحة التابعة لـ"فتح" و"حماس" تبارت فيما بينها وخسرت في منافستها مع الجيش الإسرائيلي على عدد القتلى. الهجمات الانتحارية خلقت ميزان رعب مع الإسرائيليين، لكنها لم تصد جرافات الإدارة المدنية.
- ما جرى هو أربعة إخفاقات. الانتفاضة الأولى، مع المطالبة المليئة بالأمل بدولة ضمن حدود 4 حزيران/يونيو 1967، فشلت. محادثات مدريد وأوسلو التي بدأت في أعقابها لم توقف النهم الإسرائيلي للأرض الفلسطينية. فشل تكتيك الدبلوماسية وقبول محمود عباس في الأمم المتحدة. وعلى الرغم من نجاحات صغيرة متفرقة، فشلت أيضاً النضالات الشعبية والقانونية ضد السيطرة على الأراضي. استخدام السلاح الذي يُعتبر قمة النضال والمقاومة في نظر الكثير من الفلسطينيين، على الرغم من أن قلائل طالبوا به، لم يوقف هو أيضاً العملية. هو يعبّر عن نوستالجيا وغضب ورغبة في الانتقام. لكن ليس له قيمة استراتيجية.
- بعد مرور 20 عاماً، الانتصار الإسرائيلي يكاد يستكمل: النهب المسلح والمنظم لأراضي الفلسطينيين يجري يومياً من دون إزعاج؛ النموذج الذي أوجدته إسرائيل في غزة يجري نقله إلى الضفة (بما فيها القدس الشرقية) وما لم تظهر فيها مؤشرات غضب وتمرد، فهي لا تهم اليهود في إسرائيل ولا حاكمها الأعلى.