اتفاق السلام مع الإمارات واتفاق إعلان السلام مع البحرين يمثلان إعلاناً صريحاً بشأن نهاية مبادرة السلام العربية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

 

  • يمكن القول إن اتفاق السلام مع الإمارات العربية المتحدة واتفاق إعلان السلام مع البحرين اللذين وُقّعا هذا الأسبوع في واشنطن، هما وثيقتان تهب فيهما روح السلام من كل سطر، وتشملان التعاون في كل المجالات والكثير من النيات الطيبة، فضلاً عن كونهما الوثيقتين اللتين حلمنا بهما فعلاً عندما حلمنا بشرق أوسط جديد.
  • ولا يدور الحديث حول روح الوثيقتين فقط، بل أيضاً حول جوانب عملية تُعتبر مهمة أكثر. فمقدمتا الاتفاقين تتضمنان، وإن لم يكن بكلمات صريحة، إعلاناً بشأن نهاية مبادرة السلام العربية، حتى وإن كانت ستبقى ظاهرة في قرارات الجامعة العربية.
  • ولا شك في أن اتفاق السلام مع الإمارات الذي سيكون الأساس لاتفاقيات مقبلة مع البحرين وربما مع دول أُخرى، يعيد التذكير باتفاقيْ السلام مع مصر والأردن، لكن لا يوجد فيه أدنى ذكر لاتفاقيات أوسلو، ولا لدولة فلسطينية أيضاً، ولا ترِد فيه أي كلمة عن مبادرة السلام العربية التي أُقرّت سنة 2002.
  • وتُعتبر هذه بمثابة ضربة قاسية للفلسطينيين. فعندما عرضت السعودية مبادرتها للسلام التي تختلف عن مبادرة السلام العربية، صرخ الفلسطينيون بأنهم يفضلون حق العودة على الدولة، كما قال في حينه مندوبهم الأبرز فاروق القدومي [أحد قادة منظمة التحرير الفلسطينية]، وأدى ذلك إلى موت المبادرة السعودية وإقرار مبادرة السلام العربية بدلاً منها، وأُضيف إليها بند يطالب بالاعتراف بالقرار 194 الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة الذي يقر حق العودة للاجئين الفلسطينيين. ويبدو أنه حانت الآن لحظة الانعطاف بل وربما الثأر، وكأن العالم العربي يقول للفلسطينيين: نجحتم في أن تفرضوا علينا كل ما أردتم في حينه، لقد انتهى هذا. وها قد جاء التطبيع، والسعودية، ومن دون أي اتفاق مبرم، اتخذت الخطوة الأولى في هذا المسار عندما فتحت مجالها الجوي للرحلات الجوية الإسرائيلية.
  • يمكن القول أيضاً إنه بغية إغضاب الفلسطينيين بعض الشيء، يتضمن الاتفاق ذكراً لـ"رؤيا السلام" وفقاً لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وهذا يعني أن "صفقة القرن" دخلت من الشباك، بينما خرجت مبادرة السلام العربية من الباب. وبعد ذلك يأتي الملح الذي ينثره الاتفاق على جراح الفلسطينيين، فوفقاً للاتفاق، "يلتزم الطرفان [الإسرائيلي والفلسطيني] العمل معاً لتحقيق حل متفق عليه للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني يستجيب للحاجات والتطلعات المشروعة للشعبين، والدفع نحو اتفاق سلام شامل في الشرق الأوسط، ونحو الاستقرار والازدهار." هكذا لم يعد هناك بعد اليوم "حقوق مشروعة" بل "حاجات مشروعة". ومن الصعب أن نصدق أن الخبراء الذين وضعوا هذه الصياغات، ومنهم رجال قانون بارزون، لا يعرفون الفرق بين المصطلحيْن.
  • ولا تنتهي مسيرة الإهانات للفلسطينيين عند هذا الحد. فكلمة لاجئين لا تظهر. ومعروف أن مسألة اللاجئين هي الأساس الأهم في كل الروح الفلسطينية، واتُّخذت أكوام من القرارات بشأنها في كل مؤسسات الأمم المتحدة والجامعة العربية. كل هذا انتهى الآن. ولم يعد لهذه المسألة أدنى ذكر حتى.
  • هذه ليست صفعة للفلسطينيين، بل هزيمة للقيادة الفلسطينية. ويمكن ملاحظة أن المزيد من المحللين العرب يخرجون على الملأ ويشرحون الاتفاق لقادة السلطة الفلسطينية وحركة "حماس". كما أننا نطالع موجة جديدة من المقالات العربية يعبر كل سطر فيها عن المصالح، وعن شهية التعاون [مع إسرائيل].
  • ينص البند الأول من الاتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية. وينص البند الثاني على "الاعتراف المتبادل بالسيادة وحق العيش في سلام وأمن." وينص البندان 4 و6 على مكافحة الإرهاب وخلق أجواء السلام، بما في ذلك التوافق على أن "يعمل الطرفان معاً لمكافحة التطرف الذي يدفع قدماً بالكراهية والخلاف، وكذا لمكافحة الإرهاب ومسوغاته." وينص البند 7 على التعاون الاستراتيجي لتحقيق شرق أوسط يعيش بسلام. ويوضح البند 9 أن الاتفاق يكون قائماً بذاته من دون أي صلة بخطوات تقوم بها جهات أُخرى. وبتعبير آخر، لا يُفترض بأي عمل لـ"حماس"، أو السلطة الفلسطينية، أو حزب الله، أو أي دولة، أن يؤثر في تنفيذ الاتفاق. وأكثر من ذلك، عندما ينشأ تضارب بين التزامات دولية أُخرى وبين اتفاق السلام يجب احترام هذا الأخير.
  • يعبّر الاتفاق عن روح جديدة ربيعية بدأت تهب بين إسرائيل ودول الخليج. ولا شك في أن مثقفين إسرائيليين وعرباً ويهوداً وغيرهم ممن يعتبرون أنفسهم قوى تقدمية، سيواصلون مكافحة التطبيع في جبهة مشتركة مع السلطة الفلسطينية، و"حماس"، وتركيا، وإيران. والسؤال المطروح الآن هو أي نهج سينتصر؟ ذاك الذي يرغب في التقدم قدماً بالسلام الإقليمي (مرغوب في أن يكون مع الفلسطينيين)، لأن كل الأطراف لديها مصالح مشتركة، أم ذاك الذي يروّج للشقاق والنفاق والكراهية والتحريض باسم القلق الزائف على "حقوق الفلسطينيين"؟
  • الأمر الأكيد أننا حققنا هذا الأسبوع انتصاراً للنهج الأول. ونأمل بأن يكون لدى إسرائيل ما يكفي من الحكمة كي لا يكون هذا الانتصار قصير الأمد.