كنت أول وزير إسرائيلي يزور دولة الإمارات العربية المتحدة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- في إحدى ليالي تشرين الأول/أكتوبر 2001، مرتدياً نظارة شمسية على الرغم من الظلام، وقبعة تغطي الوجه، كنت داخل سيارة داكنة الزجاج، اجتازت معبر الحدود مع الأردن بالقرب من معوز حاييم. وواصلت السير شرقاً نحو مطار يقع في ضواحي عمّان. هناك كان في انتظاري طائرة أقلتني إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
- كنت حينها وزير المواصلات في حكومة أريئيل شارون، وعضواً في المجلس الوزاري المصغر. وكنت أول وزير إسرائيلي يزور هذه الدولة. منذ ذلك الوقت مرت سنوات غير قليلة حتى حدوث الزيارة العلنية لأعضاء في الحكومة الإسرائيلية لهذه الدولة العربية المهمة ، دائماً ضمن إطار حدث دولي.
- منذ تلك الزيارة دعوت كتابة وشفهياً إلى إقامة حلف استراتيجي بين إسرائيل وبين دول الخليج، وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة. لقد رأيت في ذلك خطوة ضرورية لكبح التهديد الإيراني، وللسلام الإقليمي. وكان واضحاً أنه من دون إحراز تقدم إزاء الفلسطينيين، هذا لن يحدث.
- لذلك أشعر بالكثير من الرضى عن اتفاق السلام والتطبيع الذي سيوقَّع هذا الأسبوع في واشنطن مع الإمارات، وعن إعلان مباركة دول خليجية أُخرى الاتفاق، واحتمال أن توقّع هي أيضاً اتفاقاً مشابهاً في وقت لاحق.
- حقيقة أن توقيع الاتفاق هو نتاج شخصيتين سياسيتين، دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو اللذين يعانيان من ضائقة صعبة، لا تحد من سروري. فإلغاء فكرة الضم الخطرة - شرط الإمارات للموافقة على اتفاق التطبيع- يقدم درساً إلى الذين لا يريدون أن يفهموا أن رؤيا الدولة الواحدة لن تتحقق في إطار تسوية سلام إقليمي، بل فقط رؤيا الدولتين.
- لكن يجب ألّا ندع فرحة السلام تشوش رؤيتنا الواعية. بينما تواصل دولة إسرائيل مكافحتها وباء الكورونا وتداعياته الاقتصادية المدمرة، فإن التهديدات الأمنية الخارجية تتجمع كغيوم عاصفة في الأفق القريب. إيران لا تتوقف في طريقها إلى الحصول على سلاح نووي وتحقيق هيمنة إقليمية، ومن المحتمل أن تحدث مواجهة معها ومع وكلائها في الساحة الشمالية الواسعة. الساحتان الفلسطينيتان في غزة والضفة لا تزالان قابلتين للانفجار؛ الاتفاق مع دولة الإمارات يزيد من الإحباط الفلسطيني في المدى القصير. أيضاً سلوك تركيا لا يساعد في استقرار الشرق الأوسط؛ وتحاول تركيا أيضاً التدخل في الساحة الفلسطينية.
- الثمار السياسية والأمنية والاقتصادية للاتفاق الجديد لن تنضج بسرعة كافية لمساعدة إسرائيل على مواجهة الصعوبات الاقتصادية والاستراتيجية التي تعاني منها حالياً. يجب ألّا نخطىء، الثمار لا تزال بعيدة المنال.
- في السنوات الأخيرة تحدثت مرات عديدة مع أشخاص في الحكم وأكاديميين ورجال أعمال من دول الخليج. استنتاجي واضح: الاعتراف بضرورة وفائدة العلاقات بإسرائيل هو حصيلة عمل القيادة السياسية في هذه الدول في الأساس. الاعتراف بأن التطبيع مع إسرائيل، مع قوتها التكنولوجية في كل المجالات سيجلب الخير للجميع، لم يتسلل بما فيه الكفاية إلى طبقات ما تحت النخب. الغضب على إسرائيل لا يزال سائداً، على الرغم من أنه أخف، وما يحدث في المناطق المحتلة له تأثير كبير في هذه المشاعر - قرار بناء 5000 وحدة سكنية في المستوطنات هو دليل على الاستخفاف بما يحدث هناك.
- الاتفاق مع الإمارات يمكن أن يتحول إلى قطعة ورق فقط وصور في الأرشيف، إذا لم يكن له تتمة سياسية. وهذه التتمة يجب أن تكون القضية التي تثقل على مستقبل أرض إسرائيل، أي تحديد الحدود النهائية لدولة إسرائيل وعلاقتها بالشعب الفلسطيني. هذا ليس سهلاً من الناحية السياسية، ونرى الردود من اليمين على إلغاء خطة الضم. لكن مَن يعتقد أن العلاقات بدول الخليج ستنمو من دون مقابل سياسي للتطبيع، من المفيد أن يلقي نظرة على علاقاتنا بالأردن: يوجد تصدير للغاز الطبيعي، ويوجد تعاون أمني مستمر، لكن لا يوجد أي شيء غير هذا.
زهرة الاتفاق مع دولة الإمارات يمكن أن تنمو ويمكن أن تذبل، كل هذا يتوقف علينا.