الاختبار الحقيقي للاتفاق مع الإمارات هو ماذا سيحدث عندما يخرج الأميركيون من الغرفة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- كما في الأفلام التي تُبث للقاء زعماء من دون صوت، حيث تُسمع فقط أصوات فلاشات الكاميرات، وأحياناً في الخلفية موسيقى دراماتيكية تحل محل الأقوال، هكذا أيضاً كان الحال في رحلة الوفد الرسمي الإسرائيلي إلى دولة الإمارات، الصورة بحد ذاتها هي الرسالة.
- الصورة الأقوى من كل شيء طبعاً هي وصول طائرة إلعال الرسمية الأولى إلى مطار أبو ظبي يوم الاثنين، والتي هدفت إلى تقديم تعبير رمزي وملموس لتحقيق اتفاقات التطبيع مع إسرائيل.
- منذ لحظات الإقلاع وحتى العودة لوحظ انفعال حقيقي لدى المشاركين، ومحاولة من جانب الجميع - أميركيون، إسرائيليون، وإماراتيون - لخلق جو احتفالي وتفاؤلي بقدر الإمكان. لكن أشرطة تسجيل الصوت المخفية أكثر للمحادثات والمناسبات دلّت على توتر رافق هذا الحدث المعقد. الإجراءات الأمنية حول الضيوف الإسرائيليين كانت مكثفة، وطُلب من المشاركين عدم الابتعاد عن الفندق (أيضاً بسبب إجراءات كورونا)، ورافق الصحافيين الإسرائيليين ممثلون أميركيون وإماراتيون.
- أيضاً من الناحية الدبلوماسية، لم يكن هذا سهلاً على الإماراتيين في هذا الوقت أمام سائر العالم العربي. في ظل هذا كله، الرغبة في ضمان ضيافة مهذبة وآمنة كانت ممزوجة بالرغبة في السيطرة بقدر الإمكان على الرسالة ومنع وقوع أخطاء محرجة قد تغطّي عليها.
- فور الوصول يوم الاثنين، جرى حفل استقبال قصير ألقى فيه رئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات خطاباً باللغة العربية، غادر بعده الوفد الكبير إلى الفندق الذي جرت فيه نقاشات طواقم عمل صغيرة بشأن اتفاقات التعاون المقبل. في رواق طويل وُضعت لافتة بالقرب من كل غرفة كُتب عليها الموضوع الذي يناقَش فيها: دبلوماسية، مالية، طيران وتأشيرات دخول، صحة، ثقافة، سياحة، فضاء وعلوم واستثمارات، اختراعات وتجارة.
- مشاركون في النقاشات، ممثلون لجهات في الحكومة ذات صلة، قالوا لـ"هآرتس" إن المحادثات كانت مثمرة وجرت في أجواء جيدة، لكن لم يجر التوصل إلى صوغ التفاهمات، وما جرى كان لقاءً غير ناضج. لكن هناك أموراً واضحة منذ الآن: في مجال السياحة يبدو أن الزيارات المتبادلة تتطلب تأشيرات.
- بالإضافة إلى ذلك، أجرى رئيس مجلس الأمن القومي بن شبات ومدير عام وزارة الخارجية لقاءً مع مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ طحنون بن زايد، ووزير الخارجية عبد الله بن زايد، والمستشار الخاص للرئيس الأميركي جاريد كوشنير، ومستشار الأمن القومي للولايات المتحدة روبرت أوبراين، ومسؤولين أميركيين كبار آخرين في قصر طحنون.
- المقابلة الوحيدة مع مسؤول محلي كبير سُمح لنا بها خلال الزيارة جرت في المطار، قبل وقت قليل من الإقلاع. وتضمنت، في أغلبيتها، الرسائل التي تكررت أكثر من مرة في الأحاديث الخاصة الأكثر حرية: الخطوة المهمة للإماراتيين، لأنه في نظرهم، حان الوقت لتغيير إقليمي - وهم يريدون قيادته.
- ورداً على سؤال هل عملية التطبيع ستوقف الضم الإسرائيلي؟ أجاب المسؤول الكبير: "لا"، لكنه تابع قائلاً: حصلنا على تعهدات من الولايات المتحدة – وأيضاً من إسرائيل - بأن الضم لن يجري الدفع به قدماً. فوراً بعد ذلك، وصل توضيح أن الرد الأول لا يعكس الموقف الرسمي.
- باستثناء الأسئلة عن موضوع الضم ودعوة كوشنير إلى استئناف المفاوضات، الحاضرون الغائبون كانوا كالعادة الفلسطينيين. في خطاب موجّه إلى الجالية الفلسطينية المحلية التي يقدَّر عددها بعشرات الآلاف، أُلقي في موازاة زيارة الوفد الإسرائيلي، وعدهم وزير الخارجية عبد الله بن زايد بأن بلده ستواصل دعمها للفلسطينيين.
- الإماراتيون يتابعون عن كثب ردات الفعل على الخطوة في العالم العربي. يراقبون النشاطات في الموضوع على وسائل التواصل الاجتماعي، ويعتقدون أن المعارضة الشعبية تأتي في الأساس من إيران وقطر والكويت. هم مشغولون جداً بكيفية استقبال الرأي العام العربي للخطوة، ومقتنعون بأن الشباب والمثقفين يؤيدونهم. لا أحد يوهم نفسه بأن صورة النصر التي رسمتها الرحلة ليست معقدة أكثر من مشاهد رحلة الطائرة والاستقبال، لكن الإماراتيين يعربون عن إصرارهم على المضي قدماً. ويدّعون أن الفلسطينيين أيضاً يمكنهم أن يربحوا من منطقة مستقرة وأكثر ازدهاراً.
- مشهد التطبيع هذا يذكّر كثيراً بالمؤتمر الذي عُقد في البحرين في السنة الماضية. أيضاً حينها استقبل البحرينيون الإسرائيليين بحرارة، بضغط ووساطة أميركية. لكنهم لم يتحمسوا كثيراً لمواصلة العلاقات المعلنة عندما خرج الأميركيون من الغرفة - هل الاستقبال الحار سيتحول إلى أمر روتيني؟ كبار المسؤولين الإماراتيين مقتنعون بذلك. هم أيضاً يقولون إن ما يجري هو عملية "تدريجية"، و يريدون الدفع بها قدماً بأسرع ما يمكن.