كل شيء يبقى في العائلة: مؤشّر تبدّل الزعامة في الخليج
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال
  • بدأ التبدل في الزعامة في الخليح في بداية هذه السنة في عُمان، مع رحيل الزعيم الذي صاغ صورة سلطنة عُمان، قابوس. ابن عمه هيثم بن طارق، ابن الـ65 عاماً، الذي كان وزيراً للثقافة والتراث، عُيّن مكانه. حتى الآن يبدو أن هيثم يحظى بتأييد العائلة، لكن توقيت تعيينه لا يمكن أن يكون أكثر تحدياً - عشية الأزمة المزدوجة لانخفاض أسعار النفط ووباء الكورونا.
  • في سلسلة القرارات التي اتخذها هيثم في آب/أغسطس 2020، حوّل عُمان عملياً إلى حكم ملكي عائلي شبيه بجاراتها. لأول مرة في تاريخ عُمان الحديث، تخلّى السلطان عن منصب وزارة الخارجية عندما عيّن بدر البوسعيدي مكان الوزير المخضرم يوسف بن علوي الذي تولى المنصب منذ سنة 1997. كذلك عيّن الوزير الجديد للاقتصاد، شقيقه شهاب، نائباً لرئيس الحكومة لشؤون الدفاع، وابنه ذي يزن وزيراً للثقافة والرياضة والشباب. قبل وفاة قابوس، جرى الحديث أكثر من مرة عن اعتقال عملاء من الإمارات العربية المتحدة من المحتمل أنهم سعوا للتأثير في هوية خليفته، بحيث يكون مقرباً أكثر إليهم من إيران.
  • في الكويت، الأمير صباح الأحمد يحكم منذ سنة 2006. منذ بداية القرن العشرين وإلى حين وصوله إلى الحكم، تعاقب على السلطة فرعان من عائلة الصباح. مع وصوله نجح الصباح في إزاحة الفرع المنافس من المناصب العليا ومن سلسلة الوراثة، وعيّن ولياً للعهد أخاه غير الشقيق نواف الأحمد (ابن الـ83 عاماً). كان نواف وزيراً للدفاع الكويتي في سنة 1990، واحتلال العراق للكويت أساء إلى مكانته. مع ذلك، يبدو أن قوة الأمير الصباح والتأييد الواسع الذي حظي به في العقد الأخير هما اللذان لجما تأثير شخصيات أكثر شبابية. والتقدير أن نواف سيعيَّن أميراً للكويت بعد وفاة الصباح، لكن تعيين ولي العهد توقف، وهذا دليل على أن تعيين ولي للعهد يمكن أن يثير نزاعاً واسعاً وسط الجيل الشاب، من شأنه أن يؤذي استقرار العائلة والدولة.
  • على الرغم من أن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان هو رئيس الإمارات العربية المتحدة، أخوه غير الشقيق محمد بن زايد (ابن الـ 59 عاماً) هو ولي العهد الشاب في أبو ظبي، فإنه الحاكم الفعلي في الإمارة بسبب مرض شقيقه المتوقع أن يمنع عودته إلى الحياة السياسية. إلى جانب بن زايد، يقوم اثنان من أشقائه بمهمات أساسية: الشيخ عبد الله (48 عاماً) وزير الخارجية منذ سنة 2006، والشيخ طحنون (52 عاماً) مستشار للأمن القومي منذ سنة 2015، والشيخ منصور (50 عاماً) كنائب لرئيس الحكومة منذ سنة 2009.
  • في البحرين، الملك حمد بن عيسى ابن الـ70 عاماً يحكم منذ وفاة والده في سنة 1999. يفرض دستور البحرين (1973) أن يكون ولي العهد ابن الحاكم. بسبب مكانته، عم الملك خليفة (84 عاماً) الذي يتمتع بقوة اقتصادية وسياسية كبيرة في البحرين، عُيّن رئيساً للحكومة مع الاستقلال (1971). هو أقدم رئيس حكومة في العالم حالياً. لكن الدستور يمنعه ويمنع ذريته من الوصول إلى السلطة. حالياً الابن البكر لحمد، سلمان (50 عاماً)، هو ولي العهد، لكن وضعه إشكالي.
  • في قطر، الأمير تميم بن حمد ابن الـ40 عاماً (يحكم منذ سنة 2013) هو أحد الحكام الأكثر استقراراً  في الخليج. منذ قيام الدولة انتقل الحكم من الأب إلى الابن في أغلب الأحيان من خلال إطاحة الأب. لكن حمد، ابن تميم البكر لا يزال في الـ12 من عمره. مع ذلك، خليفة جد تميم أزاح من الحكم ابن عمه أحمد (الذي بدوره أزاح والده علي) وورثة هذا الفرع العائلي يعتبرون أن من حقهم الحكم. أحدهم عبد الله بن علي (63 عاماً) حاول العمل على إزاحة تميم بدعم من السعودية، على خلفية الأزمة بين الدولتين في سنة 2017. بالإضافة إلى ذلك، سطان بن سحيم، ابن وزير الخارجية القطري في الثمانينيات الذي يعتبر نفسه مرشحاً لوراثة الحكم، حاول أيضاً أن يعمل بمساعدة السعودية. في هذه المرحلة يبدو أن دعمهما ضئيل، وشعبية تميم لم تتضرر، بل أيضاً زادت، على خلفية الحصار المفروض على قطر.
  • الوفاة القريبة لملك السعودية سلمان لن تكون مفاجأة، لأن المملكة تستعد لذلك منذ وقت طويل. في هذه الأثناء، توجد وسط العائلة جيوب معارِضة لحكم ابنه محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي، الذي يسعى لقمعها. حتى الآن، الشرعية التي يحظى بها الملك سلمان حمت ابنه ولي العهد من التداعيات المحتملة لخطواته المثيرة للخلاف على الساحتين الداخلية والدولية، ومن المحتمل أن الذين لا يجرؤون على الوقوف ضده أن يفعلوا ذلك عندما ينصّب ملكاً. من المتوقع أن يواصل محمد بن سلمان الحكم في المدى القصير، وإلى جانبه اثنان من أشقائه في مناصب أساسية: عبد العزيز (وزير الطاقة)، وخالد (نائب وزير الدفاع). ومن المتوقع أن يعيّن هذا الأخير ولياً للعهد مع تولّي محمد بن سلمان، أو أن يسمى الخليفة المقبول من "مجلس الأمناء" إذا ثار خلاف أو معارضة لتعيين بن سلمان ملكاً.
  • الهوية المستقبلية للحكام العرب كانت على الدوام موضوع اهتمام للدول البعيدة والقريبة. صعود جيل جديد من الزعماء في الخليج، المتحررين نسبياً من قيود الماضي، يمكن أن يكون له تداعيات على هذه الممالك نفسها: الجيل الشاب يشكل أغلبية بين سكان الخليج، وتبرز داخل هذه المجتمعات تطلعات لمشاركة واسعة في قرارات مستقبل دولهم. لا يعني هذا بالضرورة أن الزعماء الشباب سيفتحون المنظومة السياسية أمام مشاركة المواطنين، لأن "التجربة الديمقراطية" لا تزال في نظر الكثير من المواطنين تتماهى مع سفك الدماء والدمار الذي تسبب به "الربيع العربي". مع ذلك التطلعات إلى المشاركة السياسية يمكن أن تزيد التوتر الاجتماعي، وذلك سيدفع الزعماء إلى القيام بإصلاحات، حتى لو رمزية ومحدودة، من أجل تهدئته. صعود زعامة شابة في الخليج يمكن أن يترافق مع معركة دعائية، بينها الخوف من المطامع الإقليمية لإيران، والمزيد من الانفتاح إزاء إسرائيل الذي سُجل في السنوات الأخيرة، والاستعداد للتعاون معها - أيضاً علناً، كما تدل الاتفاقات الأخيرة التي جرت بلورتها مؤخراً بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة. تعزيز العلاقة مع إسرائيل سيساهم في نموّ زعامة تشجع دينامية التغييرات في الشرق الأوسط، لكن فشلها يمكن أن يولد ردة فعل عكسية في الدول المحافظة في الخليج.
  •  
 

المزيد ضمن العدد 3387