لا تصدقوا وسائل الإعلام: هذا ما يحدث فعلاً هناك
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • التظاهرات ضد حكم نتنياهو هي أمر مدهش من ناحية مدنية وديمقراطية. وهي أمر مخيف جداً. شاركت في أربع تظاهرات في الأسابيع الأخيرة، وأريد أن أروي لكم ما يحدث هناك. هذا مهم لأن أغلبية وسائل الإعلام تغطي الأحداث بطريقة كسولة، وأحياناً منحرفة. هي مروّضة وموجهة، هدفها تقديم صورة "متوازنة"، بالاستناد إليها، على جهتي المتراس مجموعة من المشاغبين في مواجهة ممثلي القانون، تدور بينهم مواجهة بقوى متعادلة حول موضوع شخصي لا علاقة له بالجمهور الواسع. هذه صورة مشوهة.
  • في تظاهرات القدس تشارك حشود إسرائيلية هي أكبر بكثير مما يقولون لكم، في موازاة تظاهرات صغيرة وكبيرة تجري في أماكن أُخرى. شاركت في تظاهرات وأحداث شارك فيها كثيرون، ولدي معيار معقول لتقدير عدد الحاضرين. في يوم السبت الماضي، انضم آلاف المؤيدين مع أعلام سوداء ويافطات احتجاج، تشجيعاً للمتظاهرين، في عشرات التقاطعات والجسور في أنحاء البلد.
  • لا توجد للتظاهرات قيادة منظمة ولا تمويل منظم أو خطة عمل واضحة. المعلومة توزَّع وتنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. إلى مقر رئاسة الحكومة يتدفق مزيج من مجموعات سياسية، بالإضافة إلى كثيرين لا ينتمون إلى أي مجموعة. المتظاهرون يعدون في المنزل اليافطات واللوازم، وأحياناً أيضاً ملابس تنكرية. هم يصدرون ضجيجاً كبيراً في الهتافات والأغاني والصفير... إنه الاحتجاج المدني الحقيقي الأكثر صدقاً الذي تسنت لي رؤيته.
  • التظاهرات سياسية جداً، بعكس "البروفة الجبانة والمضرة" في احتجاج 2011. إنها تركز  مطالبتها على تنحي رئيس الحكومة المتهم جنائياً عن منصبه، مع حكومته الفاسدة والمنتفخة، المنقطعة عن الواقع. هناك الكثير من الرسائل من أجل الديمقراطية وضد الديكتاتورية، من أجل نظافة الكف وضد الفساد. اللهجة السائدة مساواتية نسوية ليبرالية. هناك الكثير من الأخوة والفخر والأمل والحب. المعارضة ليست عنفية، ويجري التعبير عنها في اعتصامات ومسيرات حول الموقع المحمي جيداً الذي تسكنه عائلة نتنياهو، وأقصى ما يجري هو إضراب يوم السبت، ورفض إخلاء طرقات.
  • العنف يأتي دائماً من الشرطة. منطقة القدس هي تحت قيادة العميد دورون يديد، المدافع عن الملك نتنياهو. وهذا أمر خطر وشائن. يديد تابع عملياً لأمير أوحانا الذي عينته عائلة نتنياهو وزيراً للأمن الداخلي. وهو يريد أن يعين مفوضاً عاماً للشرطة ويفهم جيداً ما المطلوب منه.
  • الشرطة بقيادته تنتشر بأعداد مفرطة في مواجهة المتظاهرين. عناصر مزودة بسلاح ناري، قسم منهم يركبون جياداً. هم يقومون باحتواء الاحتجاج بضبط للنفس ومن دون صعوبة، لكن في اللحظة التي يقرر فيها القائد على الأرض، تتغير الصورة دفعة واحدة. هنا يدخل إلى العمل شبيحة شرطة مكافحة الشغب وحرس الحدود الذين جرى تدريبهم في المناطق المحتلة. هم يدفعون ويضربون ويوقعون المتظاهرين أرضاً ويجرونهم، ويقومون باعتقالات لا مبرر لها ويزوّرون صوراً لـ"مهاجمة شرطي".
  • كل هذا لن يساعدهم في مواجهة الجيل الشاب. لقد انتظرناه سنوات طويلة، وأخيراً حانت اللحظة. ما يجري هو تغيير دراماتيكي. أنا أراه في محيطي القريب وأسمعه من كل حدب وصوب. الشباب يذهبون إلى القدس، يبشرون بثورة شبابية ويشبكون أذرعهم مع الأجيال السابقة. هم يحملون معهم روحية جديدة، طاقة مجنونة، ومزيجاً جارفاً من غضب وإصرار ونضال وإيمان. ليس لديهم عمل، وليس لديهم أمل. هذا سيأخذ وقتاً، لكنني مؤمن بأنهم وأهاليهم سيُسقطون نتنياهو.