هناك خطر أن تنتهي الهجمات في إيران ببكاء ودماء
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • دولة غامضة، هويتها غير واضحة، تستفز إيران في الأشهر الأخيرة كما لم تستفزها من قبل. تفجّر منشآت، وتشعل مرافىء، تزرع الفوضى وأيضاً إهانات. هي تستغل ضعف إيران، الغارقة في محاربة وباء الكورونا الذي ضربها بشدة، بالإضافة إلى العقوبات الدولية القاسية التي فُرضت عليها. أيضاً العالم مشغول بالكورونا، وفي واشنطن يجلس رئيس مشغول بمسألة بقائه. هذا الضعف الدولي تستغله الدولة الغامضة للقيام بهجمات جريئة، ومغامرة، واستفزازية وخطرة.
  • هذا اللعب بالنار شمل عدداً لا يحصى من الحوادث، التي ربما جرت بسبب "مشكلات في البنى التحتية" كما قيل، لكن ربما حدثت بيد ذكية توجهها من بعيد. حادثة وراء حادثة، وإيران ساكتة. هجوم وراء هجوم ، وإيران مهانة. فإلى متى ستظل تكظم غيظها؟ من الصعب معرفة ذلك. ما مدى خطورة هذه الاستفزازات المستمرة؟ واحد من اثنين: إمّا أن إيران هي فعلاً الخطر الوجودي الذي يحوم فوق رأس إسرائيل، قوة إقليمية قوية عشية تزودها بسلاح نووي، وإذن، من الواضح أن استفزازها أمر خطر للغاية، أو إنها أقل قوة مما يصورها زارعو الخوف في إسرائيل، نمر من ورق، وإذن استفزازها أيضاً أقل خطورة. لكن لا يمكن الادعاء أن إيران خطرة واستفزازها ليس خطراً.
  • ربما ضعف إيران بالتحديد يفتح المجال لاحتمالات أُخرى، غير التفجير وإشعال حرائق؟ أيضاً جدوى الهجمات ليست واضحة. هل إشعال النار في سبع سفن في مرفأ بوشهر يبعد إيران عن السلاح النووي؟ هذا ربما يقربها منه؟ بالتأكيد هذا يضيف هالة بطولة على مُشعل الحرائق الذي يتحكم فيها عن بعد.
  • قال الجنرال كينيث مكنزي قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط إنه مقتنع بأن إيران سترد على الدولة المهاجمة، وذكر لسبب ما اسم إسرائيل. في إسرائيل مرّ كلامه من دون أي اهتمام. سيهاجمون، لن يهاجموا - ليس مهماً. لم تحدث عملية عسكرية إسرائيلية من دون أن تُستقبل هنا بهتافات أو مع الأسف، بلامبالاة، ما دام الإسرائيليون لم يدفعوا ثمناً لها.
  • مع كل ذلك، لا يمكن أن لا نندهش: لا بد أن هناك دولة وراء هذه الهجمات، في البداية في سورية، وبعدها في إيران، وهي تبدو سكرى بنشوة نجاحاتها ويشجعها عدم وجود رد إيراني، وربما فقدت الكابح، وصارت تغرز رمحاً تلو الرمح في جسد الثور الدامي - وطوال هذا الوقت لا يجري فيها أي نقاش عام للمخاطر والاحتمالات المصيرية. أيضاً احتمال أن إسرائيل تحاول جر إيران إلى حرب، كما فعلت في الماضي حيال دول عربية، لا يهم أحداً. هل هذا هوس إشعال حرائق، أم سياسة محسوبة؟ سير على حافة كارثة، أم لعبة حرب مخطَّط لها جيداً؟ عدم مسؤولية صارخ، أم قصة نجاح رائعة - في إسرائيل حتى لا يسألون.
  • أيضاً الشك الدائم في أن كل شيء هدفه خدمة أغراض داخلية لا يثير علامات استفهام. ما يجري ربما هو محاولة لتحويل الانتباه عن موضوعات أُخرى أقل راحة؟ ربما هو استخدام اللحظة المناسبة لتحقيق الحلم الإسرائيلي بقصف إيران، من دون أن نقصفها فعلياً، بينما لا يعرف أحد على وجه اليقين ما الفائدة التي ستنتج من ذلك وإلى متى؟ مَن يعرف. الكل ساكت، يتركون الساحة بين يدي قلائل يقررون. لكن ربما هؤلاء القلائل هم رئيس الحكومة ووزراؤه، الذين، على سبيل المثال، فقد العديد من الإسرائيليين الثقة بهم. ربما هم أجهزة استخبارات، اشتروا أو سرقوا آلات تنفس اصطناعي لم يكن هناك حاجة إليها، وتفاخروا بذلك. لكن حينما يصل الأمر إلى إيران، يسود صمت، صمت متوتر، صمت وسكوت. فجأة نحن نعتمد عليهم وعلى حسن تقديرهم بأعين مغلقة. فجأة هم يعرفون ما الأفضل لإسرائيل، ونحن نسلمهم أنفسنا ونحييهم بخنوع وإعجاب.
  • ثمة احتمال بأن ينجح هذا مجدداً. ولكن أيضاً هناك خطر أن ينتهي ببكاء ودماء. مَن يهمه.