أسلوب نتنياهو في تصفية الاحتجاجات
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • في الأسبوع الثاني للاحتجاج الاجتماعي الذي نشب في سنة 2011، عقد بنيامين نتنياهو مؤتمراً صحافياً مذعوراً، وأعلن رزمة تقديمات ملفقة للطلاب. هدف الاقتراح كان التوصل إلى تفكيك خيمة الاحتجاج.
  • في الغرفة الموقتة التي اجتمعنا فيها لدراسة خطواتنا، برزت مخاوف: الاتحاد الطلابي يمكن أن يميل إلى قبول الاقتراح ووقف الاحتجاج - بينما نحن الذين نصبنا الخيم، عرفنا أن هذه هي البداية فقط. في كل يوم ازداد عدد الخيم، وانتشرت في كل أنحاء البلد. أهداف الاحتجاج الذي بدأ رداً على الارتفاع في أسعار الشقق المستأجرة - توسعت وشملت مساكن بأسعار معقولة وعدالة اجتماعية. عرفنا أنه يجب عدم الموافقة على اقتراح نتنياهو، لكن في الاتحاد الذي كان هيئة سياسية غنية الموارد (وكنا نعتمد عليه لتمويل الاعتصامات) ترددوا.
  • قررنا إصدار بيان فوراً، نعلن فيه رفضنا خطة نتنياهو، ونلتقي معه فقط إذا جرى بث اللقاء علناً. البيان خلق احتكاكات ("لا يقال لرئيس الحكومة "لا"، قال إيتسيك شمولي الذي كان آنذاك رئيساً لاتحاد الطلاب [وحالياً عضو كنيست عن حزب العمل]، لكن في النهاية انضم الاتحاد إلينا.
  • اقتراح الرشوة الذي قدمه نتنياهو حُذف من جدول الأعمال، لكن نتنياهو واصل محاولته للقضاء على الاحتجاج بأية وسيلة. هو والمقربون منه نشروا أخباراً كاذبة عن مصادر تمويل أجنبية، وحاولوا إظهار المتظاهرين كفوضويين ومدللين.
  • هذا هو أسلوب نتنياهو المحبب للتصفية: يد تحضن الألم الذي أظهره الاحتجاج ويد ثانية تقضي على قيادته بواسطة رشوة سياسية، وإذا لم ينجح ذلك، بواسطة تشويه سمعتهم. وهكذا تُرسل رسالة إلى الجمهور بأنه لا يستطيع الاعتماد على قيادة الاحتجاج، لأن لهم مصالح أجنبية، ومن الأفضل التوحد تحت شعار "هذا ليس سياسياً"، وأن نتنياهو الذي يُوجه ضده الاتهام، هو المنقذ.
  • نحن ببساطة تجاهلناه. الاحتجاج استمر، ومليون إسرائيلي انضموا إلى صفوفه. لقد مرت تسعة أعوام على ذلك، حرص خلالها نتنياهو على السيطرة على وسائل الإعلام والتأكد من أنها لن تغطي بتعاطف الاحتجاجات الجديدة. أسلوب "احضن واقتل" مستمر. هو بالتأكيد ينظر بارتياح إلى بعض قادة الاحتجاج الذين نجح في جذبهم إلى حكومته بواسطة وظائف ورواتب. فقط في الأسبوع الماضي أيدوا من دون خجل قانوناً هدفه المس بشدة باستقلالية الكنيست - أي الديمقراطية الإسرائيلية.
  • في نظر نتنياهو، ما يجري هو عودة إلى نقطة البداية: هو يعمل ضد أرباب العمل العصاميين المشاركين في الاحتجاج بأساليب مشابهة لتلك التي استخدمها في سنة 2011 - كما تبين لنا في الأسبوع الماضي في المقابلة الرائعة مع زعيم "شولمانيم" [مجموعة ظهرت في سنة 2019 على الفايسبوك، تمثل شركات صغيرة، هدفها جمع أصحاب الأعمال المستقلين في إسرائيل، وتحولت منذ ذلك الحين إلى مجموعة ضغط].
  • تسعى السلطة من خلال التقارب بين الشولمانيين واليساريين لنزع الصفة السياسية عن الاحتجاج، وتحويل كلمة "سياسي" إلى كلمة مستنكرة، وتقديم المعارضة (السياسية) للسلطة كفكرة ممنوعة. لكن السياسة وحدها يمكن أن تنتج تغييراً. لذلك، فإن الاحتجاج الحقيقي يجب أن يكون سياسياً. "اللاسياسة" هي بالذات ما تسعى له السلطة. هي تريد القضاء على النقاش الأيديولوجي الذي من المفروض أن يجري في ديمقراطية حية، بواسطة شراء الخصم أو تشويه سمعته.
  • لكن ذلك لا يعني أن علينا أن نفقد الأمل. احتجاج هائل يمكن أن ينشب هنا ويزلزل كراسي وزراء الحكومة، وينقذ إسرائيل. لكي يحدث ذلك، يجب رفض الإغراءات التي تقترحها السلطة، والاستمرار في الاحتجاج بشجاعة، أيضاً في مواجهة وابل التشويهات والعنف من جانب الآخرين. ممنوع محاولة إعادة تمثيل الماضي. ويجب ألّا نشعر بالحنين إلى سنة 2011. ومثلما غيرت السلطة قواعد اللعبة، نحن أيضاً يجب أن نخترعها من جديد.