مصير إسرائيل بين يدي أجنبي فاشل
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- الضم Out والكورنا In. ظاهرياً لا يبدو أن هناك علاقة بين الحدثين، الضم تأجل حتى إشعار جديد، والكورونا عادت وستبقى معنا (حتى إشعار جديد). لكن لهاتين المصيبتين قاسماً مشتركاً - خضوع دولة إسرائيل المستقلة أمام زعيم أجنبي.
- خوفاً من إغضاب الرئيس ترامب، ناكر الكورونا الأكثر خطراً في العالم، قرر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تأجيل فرض القيود على العائدين من الولايات المتحدة. تأخير إغلاق مطار بن غوريون أمام الرحلات القادمة من الولايات المتحدة سرّع سلسلة انتقال العدوى. بالاستناد إلى أرقام وزارة الصحة التي نشرت في منتصف نيسان/أبريل، خلال نحو شهر وصل إلى إسرائيل 573 مريضاً مؤكداً بالكورونا من الولايات المتحدة، حوالي 40% من مجموع المرضى المعروف أنهم أُصيبوا في الخارج.
- الأول من تموز/يوليو مرّ من دون أن يذكر في تاريخ الصهيونية بأنه اليوم الذي تحولت فيه دولة إسرائيل بصورة رسمية إلى دولة أبرتهايد. القانون الإسرائيلي لم يطبق على الضفة الغربية. في استطاعة المستوطنين الاستمرار في سرقة أراضي جيرانهم الفلسطينيين بحماية الجيش الإسرائيلي وبموجب أوامر قائد المنطقة. متظاهرو اليسار أطلق سراحهم، والأهم ظلت حكومة نتنياهو صامدة. لكن في الأول من تموز/يوليو حكومة إسرائيل ذات السيادة انحنت أمام حكم أجنبي. في هذا اليوم تخلى رئيس حكومة اليمين عن أكثر المصالح حيوية لإسرائيل - حدودها الدائمة - وتركها بين يدي رئيس أميركي.
- "الموضوع لا علاقة له بأزرق أبيض" قال نتنياهو في الأسبوع الماضي في جلسة عاصفة لكتلة الليكود. "الشركاء الائتلافيون ليسوا عاملاً يحسم في هذا الاتجاه أو ذاك". موضوع الضم ليس مرتبطاً عنده بمواقف المستوى المهني في المؤسسة الأمنية الذي يحذّر من اندلاع عنف في المناطق، وليس مرتبطاً بمواقف موظفي وزارة الخارجية الذين يحذرون من هزيمة دبلوماسية. الضم أيضاً لا يتعلق بمجموعة المستوطنين الذين يريدون فرض السيادة على كل المناطق. هو لا يحسب حساباً لرؤساء الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة. ما دام دونالد ترامب يقف إلى جانبنا، من يهتم بما يقوله الأمين العام للأمم المتحدة وبما ينتظر إسرائيل في محكمة لاهاي.
- لحسن الحظ، حتى الآن، نجح مستشارو ترامب في إقناعه بأنه من الأفضل معالجة الحرائق الداخلية وعدم إشعال حريق في الشرق الأوسط. لكن غداً قد يتمكن شيلدون أدلسون وديفيد فريدمان من إقناعه بإصدار أمر فوري لإنشاء قنصلية أميركية في أريئيل. على أي حال، القرار بشأن تحديد الحدود الشرقية لدولة إسرائيل أعطي إلى رئيس خسر ثقة أغلبية أبناء شعبه وهو موضع سخرية وأضحوكة في العالم كله.
- صحيح أن الولايات المتحدة هي (وستبقى) الدولة العظمى الأقوى في العالم والحليفة الأكثر أهمية لإسرائيل. مع ذلك لم يمنح أي زعيم إسرائيلي زعيماً أجنبياً صلاحية حسم موضوعات تتعلق بسيادة إسرائيل: ديفيد بن غوريون لم ينتظر ضوءاً أخضر من البيت الأبيض ليقرر إقامة دولة إسرائيل، ولم يطلب من أي طرف الموافقة على إنشاء المفاعل في ديمونا، ليفي أشكول فرض القانون الإسرائيلي على القدس الشرقية المحتلة، على الرغم من معارضة المجتمع الدولي كله؛ مناحيم بيغن لم يطلب موافقة أحد لمهاجمة المفاعل العراقي وضم القدس الشرقية وهضبة الجولان؛ يتسحاق شمير تحدى الرئيس بوش في موضوع تجميد المستوطنات؛ يتسحاق رابين وشمعون بيرس طبخا اتفاق أوسلو من وراء ظهر الرئيس كلينتون؛ نتنياهو نفسه قرر إقامة مستوطنة هارحوما على الرغم من معارضة كلينتون، وعندما اعتقد أن الاتفاق النووي مع إيران يشكل خطراً على أمن إسرائيل، لم يتردد في تحريض الكونغرس ضد الرئيس أوباما.
- من أجل إعادة ترسيم حدود السيادة الإسرائيلية، كان نتنياهو مستعداً لحلّ الحكومة في ذروة أزمة صحية واقتصادية غير مسبوقة. من أجل "إرثه" هو مستعد للتشاجر مع العالم كله ومع ابن عمه، وليس مع المستكبر في البيت الأبيض. ماكس فيبر حدد السيادة بأنها الحق الحصري في ممارسة صلاحية عليا على منطقة جغرافية أو مجموعة أشخاص. إرث نتنياهو هو إعطاء حق ممارسة هذه الصلاحية على دولة اليهود وعلى حياة سكانها إلى زعيم أجنبي فاشل.