الانفجار في نتانز ضربة مباشرة للمشروع النووي الإيراني
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • الأحداث الأخيرة في إيران، وفي الأساس الانفجار الذي وقع في المنشأة النووية في نتانز في يوم الثلاثاء، تعبّر عن ارتفاع كبير في مستوى التوتر الإقليمي، بينما لا تزال الدول المختلفة مشغولة بمواجهة وباء الكورونا وتداعياته. مصادر إيرانية حمّلت إسرائيل مسؤولية الانفجار في نتانز، وطرحت فرضية أن الحادث كان نتيجة هجوم سيبراني. مع الأخذ في الاعتبار ما نُشر في الماضي بشأن تبادل الضربات بين الطرفين، يمكن الافتراض أن إيران ستحاول الرد - وهذه المرة أيضاً من المحتمل أن يأتي الرد بواسطة هجوم سيبراني.
  • بدأت سلسلة الأحداث في إيران في منتصف الشهر الماضي بانفجار في منشأة لتطوير سلاح في بارشين. بعدها وقع انفجار أدى إلى سقوط مصابين في موقع في طهران وُصف بأنه مستشفى. لاحقاً وقع الانفجار في نتانز، وفي الأمس جرى الحديث عن نشوب حريق في محطة للطاقة في الأهواز، وعن تسرب الكلور من مصنع بتروكيميائيات في مدينة مشهد في جنوب إيران، بالقرب من الحدود مع العراق. ثمة إغراء كبير لربط كل هذه الأحداث معاً. لكن ليس من المؤكد أنها وقعت كلها نتيجة هجمات مخطط لها نُفذت من طرف واحد، مع العلم بأن محطة الطاقة ليست مرتبطة بأي مشروع نووي إيراني. وفقط في هجوم نتانز ادّعت مصادر رسمية في طهران في حديث مع وكالة رويترز للأنباء أنه من المحتمل أن تكون إسرائيل وراء الهجوم.
  • المنشأة التي تضررت في نتانز موجودة في قلب النقاش المتعلق بالخروقات الإيرانية للاتفاق النووي. في هذه المنشأة تُركب أجهزة الطرد المركزية الجديدة الأكثر سرعة، التي تسرّع من وتيرة تخصيب اليورانيوم. الاتفاق الذي قادته إدارة أوباما مع الإيرانيين، والذي وُقّع في 2015، ترك للإيرانيين "وقتاً لاختراق" في التخصيب وصنع قنبلة يُقدر بنحو سنة.
  • في 2018 قرر الرئيس دونالد ترامب انسحاباً أميركياً من الاتفاق، استجابة لمساعي الإقناع التي قام بها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. انتظر النظام الإيراني نحو سنة، لكنه في السنة الأخيرة بدأ بمجموعة تجاوزات للاتفاق، من دون أن يخرج منه رسمياً. التطور الأكثر إثارة للقلق في نظر الولايات المتحدة وإسرائيل يتعلق بتحسين تخصيب اليورانيوم والتقدم في تجميع المواد المطلوبة لإنتاج قنبلة. في تقدير أجهزة استخباراتية غربية، تقلص زمن الاختراق إلى النصف (على الرغم من أن إيران لم تتخذ بعد قراراً استراتيجياً في هذا الشأن).
  • يمكن التقدير أن هجوم نتانز كان له هدف مزدوج: الأول، نقل رسالة إلى طهران بأن هناك ثمناً لسلوكها الذي يشمل، بالإضافة إلى التقدم في المجال النووي، إنتاج صواريخ بعيدة المدى، وأيضاً مساعدة تنظيمات إرهابية في لبنان وسورية والعراق. ثانياً، في المجال العملي، التشويش على التقدم الإيراني المستجد نحو إنتاج القنبلة.
  • حجم الضرر الذي لحق بمنشأة نتانز لم يتضح بالكامل. معهد دراسات الأمن القومي في واشنطن حلّل صوراً التقطتها الأقمار الصناعية للموقع، وحدد أن الحريق وقع في ورشة تركيب أجهزة طرد مركزي. هذه الورشة تقع بالقرب من منشأة التخصيب. بحسب المعهد، الورشة هي "جزء مهم من المشروع النووي الإيراني لتشغيل آلاف أجهزة الطرد المركزي".
  • مدير معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب اللواء في الاحتياط عاموس يادلين كتب يوم الجمعة على حسابه على تويتر "إذا اتُهمت إسرائيل من أطراف رسمية (في إيران وغيرها)، يجب أن نكون على استعداد عملاني لإمكان رد إيراني سيبراني، أو إطلاق صواريخ من سورية أو هجوم من الخارج".
  • يجب أن نذكّر بأن إسرائيل وإيران تبادلا فيما بينهما هجمات سيبرانية فقط قبل شهرين، بحسب تقارير في وسائل إعلام أجنبية. البداية كانت محاولة إيرانية لضرب توزيع المياه في إسرائيل بواسطة اختراق لجهاز يعمل على إضافة الكلور إلى منشآت المياه. المحاولة على ما يبدو فشلت، لكن بعد مرور بضعة أيام جرى الحديث عن هجوم سيبراني إسرائيلي عرقل عدة أيام العمل في مرفأ إيراني مهم هو بندر عباس.
  • يبدو أن الأطراف المتورطة كلها تعمل من خلال استغلال نافذة الفرصة الزمنية التي يمكن أن تنتهي في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، مع الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. ترامب انسحب من الاتفاق النووي، وبعد ذلك استخدم سياسة "ضغط أقصى" اقتصادي على إيران، بواسطة عقوبات فرضها عليها، وعلى شركات أجنبية تتاجر معها. في بداية كانون الثاني/يناير، عشية نشوب أزمة الكورونا، اغتال الأميركيون، في خطوة استثنائية، الجنرال قاسم سليماني الذي كان يزور العراق. إذا اتضح أن للأميركيين علاقة بالهجوم على نتانز، فإن ذلك سيكون مؤشراً إلى استعداد ترامب لزيادة حدة الخط المعادي للإيرانيين خلال الأربعة أشهر التي تسبق الانتخابات، والتي تتنبأ استطلاعات الرأي حالياً بخسارة كبيرة له لمصلحة جو بايدن.
  • يدعو نتنياهو منذ فترة طويلة علناً إلى إظهار المزيد من التشدد إزاء الإيرانيين، أيضاً بسبب خرق الاتفاق النووي. في الوقت عينه جرى الكلام عن تكثيف الهجمات الإسرائيلية ضد مصالح إيرانية في سورية. وفي بعض الحالات نُسبت إلى إسرائيل أيضاً هجمات بعيدة بالقرب من الحدود السورية - العراقية.
  • الزعيمان ترامب ونتنياهو يواجهان داخلياً أزمة اقتصادية وصحية غير مسبوقة، تترافق أيضاً مع تهديد لمستقبلهما السياسي. يبدو حالياً أنهما ينتهجان خطاً أكثر هجومية ضد إيران، قد تكون له تداعيات إقليمية واسعة، على الرغم من أن الدول الثلاث تغرق في أزمة الكورونا.