درجة الحرارة في الضفة والقطاع آخذة بالارتفاع وقد تصل إلى حد الغليان
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • يمكن القول إنه بعد شهور من الهدوء في الجبهتين الفلسطينيتين [الضفة الغربية وقطاع غزة] بدأت درجة الحرارة ترتفع في الأيام الأخيرة ويمكن أن تصل إلى حد الغليان، وذلك من دون أدنى علاقة بمسألة ما إذا كان سيصدر إعلان بشأن الضم في الأول من تموز/يوليو المقبل أو لا يصدر. صحيح أن الضم يهم الفلسطينيين ولو أقل مما يهم الإسرائيليين، لكن لا بد من التأكيد أن قطع السلطة الفلسطينية علاقاتها بإسرائيل ووقف دفع الرواتب يشكلان وصفة للاشتعال. وسيكون رئيس السلطة محمود عباس مسروراً لو أن الانفجار يحدث في قطاع غزة وتبقى الضفة الغربية هادئة، بينما تريد حركة "حماس" عكس ذلك تماماً. ويمكن أن تكون النتيجة انفجاراً في الجبهتين.
  • خرج الفلسطينيون في المناطق [المحتلة] من وباء كورونا من دون أضرار فادحة تقريباً وبشعور بالنجاح. لكن الفرحة بهذا النجاح، سواء في القطاع أو في الضفة، لم تدم طويلاً وعكّرها إعلان عباس قطع العلاقات بإسرائيل. ولا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تنفصل عن إسرائيل مثلما لا يمكن لطفل عمره شهر واحد أن يعلن الانفصال عن أمه، نظراً إلى عدم وجود أي قدرة لديها على الوجود المستقل. وقد حاول جميع رؤساء الأجهزة الأمنية وكبار قادة حركة "فتح" شرح ذلك لعباس، لكنه بقي مصراً على رأيه بوجوب تنفيذ هذا الانفصال المطلق غير المسبوق الذي يتم الإشراف على تنفيذه بقوة.
  • في الأسبوعين الأولين لانفصال السلطة جرت محاولات لإقامة محادثات هادئة، بما في ذلك بين الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الفلسطينية عبر تطبيق "واتساب"، لكن قادة الأجهزة الفلسطينية تلقوا أوامر بإغلاق هذا التطبيق في وجه قادة الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام ["الشاباك"]. في الوقت عينه، أصدر عباس أوامر واضحة إلى أجهزة السلطة الأمنية تقضي بالامتناع من أي احتكاك بقوات الجيش الإسرائيلي حتى في أثناء قيامها بتنفيذ اعتقالات في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية. بموازاة ذلك، واصلت هذه الأجهزة القيام بنشاطاتها ضد البنى التحتية لحركتي "حماس" والجهاد الإسلامي في الضفة.
  • مع ذلك، وفي ظل انعدام التنسيق الأمني لا تستطيع السلطة الفلسطينية أن تحرك قواتها بين المدن من أجل معالجة أحداث مدنية، الأمر الذي ضاعف الشعور بتفاقم الفوضى وأدى إلى زيادة الحوادث الإجرامية.
  • تظل المشكلة الرئيسية كامنة في وقف التنسيق المدني. فقد رفض عباس هذا الشهر تلقي أموال الضرائب من إسرائيل، بقيمة 800 مليون شيكل، والتي يدفع منها رواتب مستخدمي السلطة وعناصر الأجهزة الأمنية في الضفة وكذلك في غزة. ويعني وقف التنسيق المدني بقاء عشرات الآلاف من أرباب العائلات الفلسطينية من دون رواتب، بالإضافة إلى عدم تمكّن 150.000 فلسطيني يمتلكون تصاريح عمل داخل إسرائيل والمستوطنات من تجديد هذه التصاريح. ومن المتوقع أن يبدأ جميع هؤلاء قريباً بإبداء غضبهم ضد السلطة الفلسطينية في البداية، لكن سرعان ما سيتم توجيهه إلينا.
  • كذلك توجد في ميناء أسدود بضائع اشتراها الفلسطينيون بأموالهم، بما في ذلك حاويات تضم مئات الأطنان من اللحوم ولا أحد يهتم بتحريرها. ولا تصل شحنات البريد من الخارج إلى سكان مناطق السلطة الفلسطينية، بما في ذلك شحنات من شركتي علي إكسبرس وأمازون. صحيح أن هذا الوضع لم يتسبب بعد بزيادة الإرهاب الشعبي، لكن السبب الحقيقي لانخفاض حجم هذا الإرهاب يعود إلى الوضع الاقتصادي الجيد نسبياً في يهودا والسامرة.
  • إن ما يقلق إسرائيل بشكل رئيسي هو ازدياد قوة تنظيم حركة "فتح" في الشهور الأخيرة. وهو يضم أكثر من 30.000 مسلح لا يخضعون لإمرة أحد ويرون أنفسهم كميليشيا شعبية للفلسطينيين. وعندما انفجرت أزمة فيروس كورونا تم استدعاؤهم من جانب الأجهزة الأمنية للمساعدة في فرض إجراءات الإغلاق والعزل. ولا يتلقى أفراد التنظيم أوامر من محمود العالول الذي يُعتبر عملياً رئيس "فتح"، بل يعملون تحت إمرة قادة محليين، وهم ما زالوا من أنصار مروان البرغوثي وينصتون إلى توفيق الطيراوي، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات وأحد المعارضين البارزين لعباس الآن. ويمكن لأوامر صادرة عن أحد القادة المحليين أن تغير الواقع القائم في الميدان، سواء من خلال عمليات إطلاق نار أو من خلال تشجيع إجراء تظاهرات عنيفة.
  • ما زال الجيش الإسرائيلي يمتنع من زيادة قواته في يهودا والسامرة كي لا يتسبب ذلك بزيادة التوتر. لكن من شأن أي حادثة أن تشعل من جديد الإرهاب الشعبي أو إرهاب الأفراد.
  • يجب أن نضيف أن قائد "حماس" في غزة يحيى السنوار يراقب هذا الوضع ويبحث عن طريقة لصب الزيت على النار، ولا سيما على خلفية تدهور الأوضاع الاقتصادية في القطاع بسبب أزمة فيروس كورونا، والتي كان من أبرز مؤشراتها وصول نسبة البطالة إلى أكثر من 50%. وهو تدهور يأتي بعد شهور تنفّس فيها سكان غزة الصعداء وتمتعوا فيها بهدوء نسبي نتيجة توقف نشاطات "مسيرات العودة" التي كانت تنظَّم كل يوم جمعة على مدار السنتين الأخيرتين تقريباً. ولا يبدو أن سكان غزة مشتاقون إلى فترة المسيرات والبالونات الحارقة، لكن في حال شعور السنوار بتصاعد حدّة الغضب الاجتماعي ضده سيسارع إلى توجيه هذا الغضب نحو إسرائيل.
  • ويوصي الجيش الإسرائيلي بتزويد قطاع غزة بالحاجات الإنسانية الأساسية، مثل السماح للعمال بالعمل داخل إسرائيل وإدخال أموال المساعدات من قطر، وباشتراط أي مشاريع مهمة بحصول تقدّم في مسألة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين.
  • يظل الغائب الأكبر في هذه المعادلة هو ما الذي ينوي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فعله في الأول من تموز/يوليو المقبل. وما هو واضح الآن هو أنه حتى في حال إعلانه الضم الجزئي للكتل الاستيطانية الكبرى التي تُعتبر محل إجماع إسرائيلي فمن شأن ذلك أن يجرّ ردة فعل قاسية من طرف الأردن. ومن غير الواضح كيف ستكون ردة الفعل في المناطق الفلسطينية. لكن في الجيش الإسرائيلي يستعدون لسيناريوهات تتراوح بين ردة فعل تتمثل في تصعيد الإرهاب والاحتكاكات، وبين اندلاع مواجهة واسعة في الجبهتين الفلسطينيتين.