القيادة الفلسطينية حاولت تعبئة الجمهور ضد الضم واكتشفت أنها وحدها
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • في القيادة الفلسطينية يعملون ساعات إضافية في الأيام الأخيرة: مقابلات وتصريحات لوسائل الإعلام الفلسطينية والأجنبية، كتابات موسعة ولقاءات مع سفراء ودبلوماسيين. في يوم الإثنين وفي ذروة المقابلات، قامت الفصائل الفلسطينية بتظاهرة ضد الضم في دوار المنارة في رام الله، خطبت فيها مجموعة من القادة مدة ساعتين. وكان طُلب من "فتح" ومن أجهزة الأمن تعبئة مشاركين، لكن هاتين الهيئتين القويتين لم تنجحا في بث الحماسة في الجمهور - بصعوبة تجمع 200 فلسطيني في الساحة.
  • الخطابات ذكرت أن الضم يمكن أن يؤدي إلى تفكيك السلطة والتخلي عن حلم الدولة الفلسطينية. هذه تهديدات كبيرة كان في إمكانها زعزعة الجمهور في أوقات أُخرى، لكن الفلسطينيين يهمهم تصريح آخر: إعلان وقف توزيع الرواتب على الموظفين الفلسطينيين في السلطة، الذي أعلنه رئيس الحكومة الفلسطينية محمود اشتية لوسائل الإعلام الأجنبية. صور الأعداد القليلة في المنارة وعناوين الصحف المأخوذة من الخطابات التي أُلقيت قدّما صورة واضحة للقيادة الفلسطينية: أزمة الثقة بين الجمهور وقادته عميقة جداً، وليس من المتوقع أن يأتي الدعم من جهة هذا الجمهور. الجماهير لن تخرج إلى الشوارع ضد الضم. بل ستخرج احتجاجاً على الأزمة الاقتصادية.
  • التداعيات المدنية لوقف التنسيق مع إسرائيل يشعر بها جيداً الناس في المناطق الفلسطينية: مئات المرضى من سكان غزة لا يستطيعون الحصول على العلاج الطبي في الضفة الغربية وإسرائيل، في مكاتب التنسيق والاتصال في الضفة، طوابير طويلة تنتظر بغياب جهاز تنسيق تابع للسلطة، وفي الصليب الأحمر ومنظمات حقوق الإنسان تتراكم يومياً طلبات التنسيق بشأن مسائل مدنية مع إسرائيل.
  • في الأمس، وبعد أن استنفد المصورون الصحافيون بقاءهم في الدوار بعد ساعتين من الخطابات توجهوا نحو حاجز بيت إيل، منطقة احتكاك معروفة يمكن أن تندلع فيها بسرعة مواجهات بين شبان فلسطينيين وجنود، لكن أحداً لم يهتم بمشقة الذهاب إلى هناك.
  • مرت سنة ونصف السنة على خروج عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى شوارع الضفة ضد قانون الضمان الاجتماعي الذي بادرت إليه السلطة وكان من شأنه أن يلحق الضرر بمدخراتهم. الاحتجاج حقق نجاحاً والرئيس الفلسطيني محمود عباس جمّد العمل فيه. في الأمس أيضاً كان الاهتمام موجهاً إلى المشكلة الاقتصادية. بحسب كلام رئيس الحكومة الفلسطينية، وقف دفع الرواتب سببه تصرف إسرائيل التي تشترط تحويل أموال الضرائب إلى السلطة باستئناف التنسيق الأمني.
  • "ليس أن الفلسطيني تخلى عن حلمه بحق تقرير المصير، وبالاستقلال والتحرر ونهاية الاحتلال، هو ببساطة وجد نفسه في وضع لم يعد يثق بأحد"، قال ناشط مخضرم في "فتح" بشأن جدول أولويات الجمهور. وأضاف: "القطيعة بين القيادة والجمهور تزداد حدة، وما جرى في دوار المنارة هو أحد مظاهرها."
  • في القيادة الفلسطينية يدركون أن غياب الدعم الجماهيري يقلص أكثر فأكثر من الأدوات في الحقيبة الفارغة أيضاً. في ظل حكم عباس، الجمهور الفلسطيني لن يعود إلى أيام الانتفاضة وغير مهتم بذلك، ونضال سلمي هو أيضاً بعيد جداً عن الواقع: من الصعب على "فتح" أن تعبىء إلى جانبها الجمهور في البلدات والقرى وفي مخيمات اللاجئين للاحتجاج. تهديدات بشأن وقف التنسيق ومحاولة تجنيد دعم دولي تحولا إلى الأداتين الوحيدتين اللتين بقيتا في يدي السلطة، لكنهما لا تكفيان لتحريك ضغط كبير على إسرائيل، وعلى الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب.
  • وهكذا، في غياب استراتيجيا بعيدة الأمد، ومع استمرار الانقسام بين "فتح" و"حماس"، السياسة الفلسطينية هي في الأساس سياسية سلبية. وأنظار الفلسطينيين موجهة نحو اللاعبين الآخرين في الساحة. هذا ما حدث في السنة الماضية حين انتظروا تغيير السلطة في إسرائيل وخاب أملهم، وهذا سيستمر حالياً بانتظار الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر، على أمل وضع خطة الضم على الرف.