أي خطوة ضم أحادية الجانب لن تجلب لإسرائيل أي منفعة استراتيجية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • ثمة إجماع عام واسع في إسرائيل على أن الكتل الاستيطانية في المناطق [المحتلة] والأراضي الواقعة غربي الجدار الأمني [الجدار الفاصل] ستكون بيد إسرائيل، وعلى وجوب أن تبقى السيطرة الأمنية في منطقة غور الأردن بيد الجيش الإسرائيلي، لكن كل هذا في إطار تسوية مستقبلية وليس في نطاق خطوة ضم في توقيت بائس تعتبر مساهمتها في الأمن القومي هامشية. ومع ذلك، يبدو أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يقدر بأن نافذة الفرص التي لاحت لإسرائيل بمجرد وجود رئيس ودي للغاية في البيت الأبيض قد تغلق بعد نصف سنة، ولهذا يسارع إلى طرح مشروع ضم 30% من أراضي يهودا والسامرة [الضفة الغربية] على الكنيست وفقاً لخطة ترامب ["صفقة القرن"].
  • المشكلة هي أن رئيس الحكومة يرتكب بهذه الخطوة خطأين: أولاً، سيمس الكفاح المهم لوقف تقدم إيران نحو السلاح النووي؛ ثانياً، سيضع إسرائيل أمام مخاطر أمنية وسياسية واستراتيجية واقتصادية وأخلاقية.
  • واضح الآن أن إدارة ترامب منشغلة إلى أقصى الحدود بأزمة فيروس كورونا، وبمواجهة قوى عظمى مثل الصين، وبموجة الاضطرابات التي تجتاحها، ولذا فإن إنصاتها إلى منطقة الشرق الأوسط قليل. بالتالي، من المهم أن نركز في الحوار مع الأميركيين في البرنامج النووي الإيراني. إن إيران مستمرة في جمع المادة المخصبة، وفي تفعيل أجهزة طرد مركزي متطورة، ونجحت في تقصير المسافة إلى عتبة النووي من سنة إلى نصف سنة. وتأييد العالم لخطوات أُخرى من أجل كبحها حيوي، وكذا أيضاً التعاون العلني والخفي مع العالم العربي ضدها. غير أن خطوة الضم من شأنها أن تركز انتباه الأسرة الدولية على إسرائيل بدلاً من إيران، وأن تشجع الانتقاد في العالم أجمع، وأن تخنق في المهد خطوات تطبيع وتعاون مع العالم السني البراغماتي المناهض لإيران، وأن تعرّض اتفاقيات السلام للخطر.
  • إن أي خطوة ضم تصريحية أحادية الجانب لن تجلب لإسرائيل أي منفعة استراتيجية، بل على العكس، تجلب مخاطر وأثماناً. حتى الآن نجحت إسرائيل في إقناع أصدقائها في العالم بأن الاحتفاظ بمناطق يهودا والسامرة هو نتيجة الرفض الفلسطيني لعروضها المتعددة للسلام، وأنه خطوة واجبة بسبب اعتبارات الأمن، لكن الضم سيضعها في موقف الرافض للسلام. بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد أي مبرر أمني [للضم]، فالسيطرة التامة على منطقة غور الأردن الآن هي بيد الجيش الإسرائيلي، ولواء الغور العسكري الإسرائيلي يحمي منطقة الحدود من الشرق بتعاون وثيق ومثير للإلهام مع الجيش الأردني. أمّا خطوة الضم فلن تحسّن الوضع الأمني، بل ستسيء إليه لأنها ستمس الأردن واتفاق السلام والتعاون العسكري والأمني معه، وستؤدي باحتمالات غير قليلة إلى نشوب اضطرابات وإرهاب في يهودا والسامرة، وستتسبب باشتعال في قطاع غزة، وبصرف اهتمام الجيش الإسرائيلي عن الجهوزية أمام تهديدات الجبهة الشمالية وإيران إلى نشاطات عملانية مضاعفة في يهودا والسامرة.
  • من الناحية السياسية، لا توجد دولة في العالم باستثناء الولايات المتحدة بقيادة ترامب، تقبل الضم وتعترف بحدوده. وبالنسبة إلى دولة كإسرائيل هي في صراع بسبب رفض العالم مكافحة المشروع النووي الإيراني ومنظومة الصواريخ الدقيقة التي تقام في لبنان، لا يوجد أي منطق بجعل أوروبا وروسيا والصين تركّز الآن على موضوع الضم.
  • ومن الناحية الاقتصادية، فإن أوروبا الشريك التجاري الرئيسي لإسرائيل تهدد بمس التعاون، والصين ليست بديلاً لأوروبا الآن، لأن زيادة العلاقات الاقتصادية معها ستصعّد التوترات مع الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن خريطة " صفقة القرن" توفر لإسرائيل الحدود الأطول، وتسييجها سيكلف ما لا يقل عن 10 مليارات شيكل.
  • وأخيراً، من الناحية الأخلاقية، فإن لدى إسرائيل الآن موقفاً أخلاقياً قوياً في صراعها ضد إيران، إذ إن الإيرانيين يهددون بإبادتها، والعالم يؤيد أخلاقياً حقنا في الدفاع عن النفس، لكن في الموضوع الفلسطيني يرى العالم أن حل الدولتين هو الأكثر عدلاً وأخلاقاً، وأن ضماً كبيراً في الضفة سيضع إسرائيل في موقف الدولة المارقة.
  • وفي كل الأحوال، حتى لو لم يكن هناك أي تكلفة لخطوة الضم الواسع، فهذه الخطوة مناهضة للصهيونية وستمنع في المستقبل أي إمكان للانفصال عن الفلسطينيين والحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية، آمنة وأخلاقية.