اعتقال راشقي الحجارة: مبرَّر، لكن بطريقة مختلفة
تاريخ المقال
المصدر
- سقوط مقاتل من غولاني، الرائد عميت بن يغآل، أدى إلى شعور كثيرين بما كتبه هو نفسه قبل عام في ذكرى قتلى الجيش الإسرائيلي: "الذكرى أخذت قلبي أخرجته بالقوة ووجهت إليه ضربة قوية وأعادته إلى الداخل." عميت سقط دفاعاً عن الدولة وكلنا لدينا دين كبير تجاهه، لكن هذا لا يبرر لأن نرى في المهمة التي أُرسل من أجلها – اعتقال مشتبه بهم في إلقاء حجارة - خطوة صحيحة. سقوطه يفرض إعادة النظر في نوعية هذه العمليات.
- على الرغم من أن المسؤولية الأمنية الشاملة على المناطق المحتلة بقيت في يد إسرائيل - بحسب اتفاق أوسلو والاتفاقات التي أعقبته- فإنه بعد انتقال المناطق الكثيفة سكانياً في الضفة الغربية إلى أيدي الفلسطينيين، امتنعت إسرائيل من إرسال الجيش الإسرائيلي للقيام بعمليات عسكرية فيها، الجيش عاد إلى هناك فقط بعد نشوب الانتفاضة الثانية (في إثر صعود أريئيل شارون، زعيم المعارضة آنذاك، إلى الحرم القدسي برفقة نحو ألف شخص). وحتى اليوم هناك جدل حول ما إذا كان رد الجيش الإسرائيلي في بداية أيام الانتفاضة مبالغاً فيه، وهل ما إذا كان لم يشعل ناراً أكبر بكثير، لكن لم يخطر على بال أحد عدم القيام برد، وخلال المواجهات القاسية عاد الجيش الإسرائيلي إلى المناطق التي انسحب منها.
- في بداية سنة 2005، مع انتخاب محمود عباس رئيساً للسلطة الفلسطينية، توقفت الانتفاضة، لكن كل حكومات إسرائيل منذ ذلك الوقت سمحت بالوجود العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية، وأيضاً عندما غادر جنودنا البلدات الفلسطينية بالتدريج، وبعد أن توثّق ونجح التنسيق الأمني مع القوى الأمنية في السلطة بقي على حاله نهج إرسال جنودنا ليلاً إلى البلدات الواقعة تحت سيطرة السلطة لاعتقال مشتبه بهم.
- في أحيان متباعدة كانت هناك حالات تشبه "قنبلة موقوتة". ولكن عموماً، مدار الحديث هم راشقو حجارة لعل الطريقة الأصح للتعامل معهم هي القيام بذلك بواسطة القوات الفلسطينية، لا الاكتفاء فقط بإبلاغ هذه القوات إخلاء الطريق لنا وألّا يزعجوا عملنا.
- أتذكر محادثات كانت لي مع رئيس الحكومة الفلسطينية السابق سلام فياض الذي قال إن الزيارات الليلية مؤذية جداً للقيادة الفلسطينية، لأنها تُظهر معارضي العنف الذين يريدون التوصل إلى تفاهمات وتهدئة واتفاق سلام كأشخاص متساهلين ومتعاونين مع الاحتلال. الشعور في الشارع الفلسطيني بأن إسرائيل انسحبت من غزة، لأنها لم تعد قادرة على تحمّل العنف الذي استخدمته "حماس" ضدها، وهي منذ ذلك الحين، لا تجرؤ على البحث عن مطلوبين في القطاع، لكن في الضفة التي توجد فيها سلطة تقف ضد العنف، يتصرف الجيش كما يحلو له، مستخفاً بالقيادة الفلسطينية.
- في هذه الأيام تعرض بضع محطات تلفزيونية حلقات عن المنطقة الأمنية في لبنان. كثيرون من الذين أجريت معهم مقابلات يعترفون بأن النظرية التي تقول إن الوجود العسكري للجيش الإسرائيلي كان للدفاع عن مستوطنات الشمال، ولهذا السبب قُتل العديد من جنودنا، كانت خاطئة؛ لكن أيضاً الذين اعتقدوا في داخل الجيش أن الانسحاب من لبنان سيمنع الاحتكاكات بين الجيش الإسرائيلي وبين حزب الله وإطلاق الصواريخ على مستوطنات الشمال - لم يكن لديهم القوة للتعبير عن رأيهم.
- المناطق "ب"، حيث المسؤولية المدنية فلسطينية والمسؤولية الأمنية إسرائيلية، كان يجب أن تنتقل منذ وقت طويل إلى وضع المناطق" أ"، حيث المسؤولية الأمنية والمدنية في أيدي الفلسطينيين. معالجة موضوع المطلوبين يجب أن يكون من مسؤوليتهم. ويجب أن يقلع الجيش الإسرائيلي عن وضع نفسه في أوضاع صعبة، تصل فيها مجموعة من الجنود قبل الفجر إلى بلدة، وتجد نفسها محاطة بشبان محليين، وتضطر إلى القيام بمهمتها من خلال بذل جهد لمنع المس بجنودها وبالذين يهاجمونهم. الهدف مبرر طبعاً، الحجارة أيضاً يمكن حقاً أن تقتل، لكن أساليب معالجة ذلك يجب أن تتغير. يتعين على وزير الدفاع الجديد بني غانتس، أن يفحص الموضوع من جديد.