العناوين التي تحدثت عن خروج إيران من سورية مُبالَغ فيها كثيراً
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • العناوين في إسرائيل هذا الأسبوع كان مبالغاً فيها كثيراً. فإيران لم تخرج من الأراضي السورية بعد. والوجود الإيراني في سورية لا يُقاس بعدد المستشارين الإيرانيين الموجودين في سورية، ولا حتى بعدد القواعد العسكرية التي قامت طهران بإخلائها.
  • عندما يتحدثون في إسرائيل عن التموضع الإيراني في سورية، فهم يقصدون جميع القوات: قيادات "فيلق القدس" والحرس الثوري، والتي ضعفت منذ اغتيال قاسم سليماني على يد الأميركيين في العراق؛ الميليشيات الموالية لإيران التي تعمل في سورية؛ حزب الله الذي يقوم بتشغيل مرتزقة من طرفه ويبذل جهوداً كبيرة كي يكون موجوداً بقوة في الأراضي السورية. كما أن الوجود الإيراني في سورية لا ينعكس في الجانب العسكري فقط، بل يتسع ليشمل مجالات حياة أُخرى، مثل الدين والاقتصاد والحكم وما إلى ذلك.
  • تقول الفرضية الإسرائيلية إن الروس معنيون بإخراج إيران من سورية. وهي فرضية تتطلب تمحيصاً عميقاً. صحيح أن هناك أسباباً كثيرة تعزز هذه الفرضية ظاهرياً، لكن في الواقع لا يشير الروس إلى الإيرانيين نحو طريق الخروج، ولا تزال روسيا بحاجة إلى الإيرانيين. ويعتقد المسؤولون في المؤسسة الأمنية أن الروس موجودون في سورية كي يبقوا، وذلك كجزء من معركتهم من أجل الحفاظ على المصالح والسيطرة والموارد. ولا يقف موضوع إخراج الإيرانيين من سورية في رأس سلم أولوياتهم، وإن كانوا يرغبون في الحفاظ على استقرار نظام الرئيس بشار الأسد، وعلى الهدوء الأمني.
  • لا بد من أن نشير إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي زاد مؤخراً من وتيرة هجماته، ووفقاً لوسائل إعلام أجنبية، قام بشن ست هجمات داخل سورية في الشهر الأخير فقط. لكن بنظرة سنوية، نلاحظ أن الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل ليست أكثر من الهجمات التي شُنت في السنوات السابقة. والهجمات الست الأخيرة لا تغيّر قواعد اللعب في هذه المرحلة.
  • كما لا بد من القول إن الذي يخوض كفاحاً عنيداً مع إسرائيل يعرف ثمنه، لن يسارع إلى الانطواء بعد هجوم سابع أو حتى ثامن. ومع ذلك فالموقف المسيطر على المؤسسة الأمنية هو أنه يجب استغلال الظرف الحالي من أجل تصعيد الضغط العسكري ومواصلة شن الهجمات في سورية، وليس فقط ضد شحنات الأسلحة (التي تقلصت كثيراً في الآونة الأخيرة).
  • علينا أن نشير أيضاً إلى أنه على الرغم من منع وصول شحنات الأسلحة إلى أهدافها بسبب الهجمات التي تُنسب إلى إسرائيل، يواصل الإيرانيون تحريك شحنات كهذه وإن بنطاق أضيق. وتجرّ نشاطات إيران في سورية انتقادات شعبية داخلية واسعة جرّاء الوضع الاقتصادي الصعب السائد في إيران.
  • وفي حالة حزب الله أيضاً، من غير الواضح دائماً ما هو المنطق الواقف وراء نشاطه الرامي إلى فتح جبهة قتالية خطرة في هضبة الجولان ومواجهة إسرائيل والمخاطرة باحتمال حدوث تصعيد، في وقت يعاني لبنان الإفلاس، ولا يسارع الإيرانيون إلى أرسال أموال إليه بسبب الأزمة الاقتصادية في طهران.
  • لا شك في أن الوضع الاقتصادي الصعب في لبنان وإيران، وتداعيات أزمة فيروس كورونا، ورغبة روسيا في استقرار نظام الأسد، ورغبة سورية في الهدوء، هي عوامل يمكن أن تفسّر التقديرات المتعلقة باحتمال إبعاد إيران من سورية. لكن الواقع في الشرق الأوسط معقد أكثر. وأكثر من مرة يقوم المسؤولون هنا بمحاولة فهم الطرف الآخر من خلال النظارات الغربية التي تحتكم إلى المنطق، لكن هذا الطرف يفكر ويتصرف على نحو مغاير لما كنا نرغب فيه أو نتمناه لأنفسنا.

إجمالاً يمكن القول إن سورية لا تزال في رأس سلم أولويات إيران، وهذه الأخيرة لا تنوي أن تتنازل بسهولة عن وجودها في الأراضي السورية. بناء على ذلك، فإن التصريحات المبالغ فيها في إسرائيل في هذا الشأن خلال الأسبوع الحالي لم تساهم في أي شيء على المستوى الاستراتيجي.