الكورونا ضربت في إيران ولا تزال تضرب في المنطقة
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

 

  • في الأسابيع الأخيرة يُلاحظ ارتفاع في عدد التقارير من سورية ولبنان عن عمليات منسوبة إلى إسرائيل ضد بنى تحتية وعناصر تشغّلها إيران في هاتين الدولتين. من المعقول الافتراض أن هذا الارتفاع ليس صدفة، ويعكس ارتفاعاً في المواجهات التي تحدث على الأرض.
  • مر شهران على التقرير عن الإصابة الأولى بالكورونا في إيران. من الواضح اليوم وجود عشرات الآلاف من المصابين والمرضى وأكثر من 15 ألف وفاة، والضائقة الصحية هناك صعبة. وقد تسبب الوباء أيضاً بضرر شديد للاقتصاد الإيراني الذي كان يعاني جرّاء تدهور خطير. لكن النظام الإيراني مستقر ولا يلوح خطر على بقائه، ويواصل نشاطه التآمري في شتى أنحاء الشرق الأوسط، واستفزازاته ضد الولايات المتحدة.
  • هذا هو الاستنتاج الذي توصل إليه الخبراء في ندوة مسجلة على الفيديو أجراها معهد أبحاث الأمن القومي يوم الإثنين الماضي. أجمع الخبراء على أن المواطنين في إيران والنظام يعانيان من ضائقة صعبة، ربما هي الأصعب منذ سيطرة آيات الله على إيران في سنة 1979. الاقتصاد أصيب بضربة قوية جرّاء العقوبات الأميركية التي تمنع إيران من تصدير معظم النفط الذي تستخرجه، ومن جرّاء انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية التي تُفرغ أكثر فأكثر صندوق وزارة المال من الدولارات.
  • عشرات آلاف المرضى والمتوفين بوباء الكورونا الذي تأخر النظام في كشفه واستخف به في بدايته؛ الضربة القوية التي تلقتها مكانة النظام في أعقاب اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني؛ والضربة التي لحقت بثقة المواطنين الإيرانيين بالنظام جرّاء إسقاط الطائرة الأوكرانية التي حاول الحرس الثوري إخفاءها - كل هذا كان من المفروض على الأقل أن يُضعف أو يزعزع استقرار النظام، وأن يدفع الناس إلى الخروج إلى الشوارع كما جرى في السنوات الماضية. لكن الخبراء يشيرون إلى أن الغضب ضد النظام مكبوت، في أغلبيته، وهناك مؤشرات واضحة إلى أنه موجّه في الأساس ضد الولايات المتحدة.
  • تسلسل الأمور منذ وصول وباء الكورونا إلى إيران أدى بصورة منافية للمنطق أيضاً إلى تعزيز المؤسسة الأمنية في إيران، والتي طالبت منذ البداية باتخاذ إجراءات صارمة لفرض التباعد الاجتماعي والحجر للحؤول دون تفشي الوباء. الذين ضعفوا هم الرئيس روحاني وجماعته من الإصلاحيين الذين استخفوا بالوباء لدى انتشاره، وسخروا من إجراءات التباعد التي اتُّخذت في بقية الدول.
  • هناك عاملان يزيدان من حصانة نظام آيات الله واستقراره في هذه الأيام على الرغم من الضربات القاسية التي تعرض لها: في المجال الاقتصادي، بعد عشرات السنوات من العقوبات الأميركية والدولية، تعلمت إيران تطوير قطاعات اقتصادية لا تعتمد على النفط، وهي تصدّر سلعاً من إنتاجها إلى العراق وتركيا وسورية بوتيرة متزايدة. بالإضافة إلى ذلك، لاحظ الخبراء أن الطبقة الوسطى في إيران تتخوف من الخروج إلى الشوارع بسبب الوباء.
  • نتيجة هذا كله، تزايدت كما يبدو الثقة بالنفس لدى آيات الله والمحافظين، وعلى رأسهم الخامنئي، وبعد فترة قصيرة من تهدئة النشاط التآمري في شتى أنحاء الشرق الأوسط، عاد النظام الإيراني إلى سلوكه السابق في كل الجبهات.
  • فيما يتعلق بالمجالات التآمرية التي تتعلق بنا، تواصل إيران العمل على الجبهات الأربع التي كانت تنشط فيها قبل اغتيال سليماني، وقبل أن تضربها الكورونا:
  • الأولى، إرسال سلاح دقيق، في الأساس صواريخ أرض - أرض دقيقة، إلى سورية وإقامة قواعد في أنحاء سورية من خلال الميليشيات الشيعية التي ستطلق هذه الصواريخ الدقيقة على إسرائيل عندما يحين الوقت. هذا الجهد هو جزء من خطة التمركز الإيراني في سورية، والتي يواصلها الشخص الذي حل محل سليماني إسماعيل قاآني.
  • جهد آخر أكثر تهديداً، هو نقل وسائل قتال دقيقة إلى حزب الله في لبنان. المقصود في الأساس أجهزة من أجل تطوير أكثر من دقة مئة ألف صاروخ وقذيفة لدى الحزب.
  • الجهد الثالث الذي يقوم به الحرس الثوري بقيادة قاآني هو إقامة قاعدة كبيرة اسمها "الإمام علي" في منطقة المعبر الحدودي بين العراق وسورية، هذا المعسكر موجود في العراق ليس بعيداً عن مدينة القائم العراقية، لكنه يقع في الجانب السوري من الحدود، بالقرب من بلدة البوكمال السورية. الفائدة الأساسية لهذا المعسكر، من وجهة النظر الإيرانية، هي وجوده في الوسط الجغرافي لممر المواصلات الذي يربط بين طهران ودمشق، مروراً بالعراق، وبُعده مسافة نحو 800 كيلومتر عن حدود إسرائيل. لهذا السبب، هو يُعتبر قاعدة لوجستية خلفية وقاعدة خروج للميليشيات أكثر أمناً من أماكن أُخرى في سورية قريبة من الحدود مع إسرائيل ويمكن مهاجمتها، ليس فقط بالطائرات، بل أيضاً بواسطة صواريخ أرض - أرض.
  • الجهد الرابع، هو ملف الجولان الذي يديره حزب الله من الأراضي السورية ضد إسرائيل. المقصود منظومة لتنفيذ هجمات وأعمال قنص وعبوات وإطلاق صواريخ، وربما أيضاً تسلُل من الجولان السوري نحو المستوطنات الحدودية في الجولان الإسرائيلي.
  • بين كل هذا، في إسرائيل يشعرون بالقلق بصفة خاصة من مجالين للنشاط الإيراني: الأول، التخوف من "زحف" إيران تحت غطاء الوباء نحو سلاح نووي، وعندما يحين الوقت، تقفز بسرعة نحوه من دون أن يكون في الإمكان لجمها. من المعروف أن إيران تُراكم حالياً كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب بدرجة منخفضة في أجهزة طرد مركزية متطورة، كما تعمل على تطوير جهاز تفجير، مستغلة قلة انتباه الرأي العام العالمي بسبب الكورونا. هناك قرار في إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا بتشديد الملاحقة الاستخباراتية كي لا نفاجأ.
  • المجال الآخر الذي يقلق إسرائيل هو السلاح الدقيق، في الأساس صواريخ أرض - أرض تحاول إيران نقلها إلى عناصرها في سورية، وإلى حزب الله في لبنان. هذان النشاطان يصر الجيش الإسرائيلي على إحباطهما من خلال عمليات إحباط منهجية ومخطَّط لها، يجري تنفيذها ضمن إطار المعركة بين الحروب.
  • في هذا الشأن، يمكن التقدير بأن الجيش الإسرائيلي ليس وحده، وهناك جهات استراتيجية أُخرى في المنطقة لديها مصلحة مشابهة لإسرائيل في إحباط التمركز الإيراني في أجزاء متعددة من سورية، وبالقرب من الحدود مع العراق.
  • في إسرائيل توجد اليوم أغلبية بين متخذي القرارات تقول إنه يجب زيادة عمليات الإحباط ضد إيران ووكلائها في سورية ولبنان، وذلك لوضع إيران أمام معضلة: دفع ثمن متزايد مع الوقت بخسائر بشرية وموارد جرّاء التمركز في سورية وتعزيز قوة حزب الله في لبنان، أو تقرير خفض نشاطاتها في هاتين الساحتين وتوفير مواردها.
  • من المهم الإشارة إلى أن الروس، وحتى نظام بشار الأسد، يبديان مؤخراً استياءهما الواضح من العمليات الإيرانية في داخل سورية، والتي تستفز إسرائيل وتعرقل جهود بوتين والأسد في التوصل إلى تسوية سياسية وتهدئة تسمح بإعادة بناء سورية.
  • في الجيش الإسرائيلي على الأقل يدركون أن تكثيف المعركة بين الحروب يمكن أن يؤدي إلى تصعيد في الساحة الشمالية، وربما أيضاً في غزة. مثل هذا التصعيد غير مرغوب فيه، وخصوصاً في الفترة التي تواجه فيها إسرائيل وباء الكورونا، لكن يعتقدون في القدس، وأيضاً في واشنطن، أنه من الجدير ويجب زيادة الضغط على إيران بهدف رفع جباية الثمن الذي تدفعه إلى حد كبير جداً، ولإجبارها على التخفيف من نشاطاتها التآمرية، على الأقل في هذه الفترة. يقولون في إسرائيل إن الفرصة تبرر المخاطرة، والمعلومات التي تأتي من الأرض، تقريباً يومياً، تدل على أنهم لا يتحدثون فقط.