تموضع حزب الله في سورية ولا سيما بمحاذاة هضبة الجولان يثير قلق إسرائيل في الوقت الحالي أكثر من تموضع إيران
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

 

  • اتسم الأسبوع الأخير بعودة تدريجية إلى الأوضاع الأمنية المألوفة المعروفة لنا خلال السنوات القليلة الفائتة. وبعد هدوء نسبي ساد في إثر تفشي فيروس كورونا، ونشوء فرص جديدة للتعاون مع دول من المنطقة، برزت مرة أُخرى التحديات القديمة.
  • ويتجه معظم الاهتمام لدى قيادة الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة نحو الجبهة الشمالية. فردّاً على عملية هجومية نُسبت إلى إسرائيل في سورية، قام مقاتلو حزب الله يوم السبت الفائت بعملية مثلثة في السياج الأمني الحدودي. وانطوت الرسالة التي أراد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله توجيهها من خلال تلك العملية، على مقولة فحواها أنه حتى في هذه الأيام الصعبة التي تمر على لبنان، لن يتردد في الرد على أي مس بالحزب، ولو بثمن حدوث تصعيد.
  • ومثلما حدث في واقعة إطلاق النار في اتجاه سيارة إسعاف عسكرية في مستوطنة "أفيفيم" في أيلول/سبتمبر الفائت، يوضح نصر الله أن أي ردة فعل من جانبه يمكن أن تحدث على طول منطقة الحدود الشمالية [مع لبنان]، وليس فقط في منطقة هار دوف [مزارع شبعا] كما كان في الماضي.
  • في إسرائيل يشعر المسؤولون بالقلق من كون حزب الله يحاول أن يبلور معادلة رد جديدة أشد حدة، ويعتقد قادة الجيش الإسرائيلي أنه لا يجوز السماح بذلك. ومع ذلك لا يمكن التغاضي عن رسالة بشأن عملية تبعد خطوة واحدة عن التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية وارتكاب عملية مسلحة نوعية في 3 مناطق مختلفة. ولا شك في أن نصر الله وجّه تهديده إلى البطن الرخوة للجيش الإسرائيلي واستغل نقاط ضعف عملانية، كما استخدم مناطق هي في منأى عن المراقبة وكثيفة الأشجار أتاحت للمقاتلين أن يبقوا متخفين طوال الطريق نحو السياج الحدودي. وتبقى النقطة الإيجابية الوحيدة من ناحية إسرائيل هي أن قوات الجيش هرعت إلى مكان العملية خلال 3 إلى 4 دقائق وتصرفت كما لو أن هناك عملية تسلل إلى الأراضي الإسرائيلية.
  • ومثلما أن حزب الله ينقل رسائل إلى إسرائيل، فإن هذه الأخيرة تنقل رسائل إليه أيضاً. وجاء آخر هذه الرسائل من خلال عملية الهجوم ضد سيارة تابعة لحزب الله في منطقة الحدود بين سورية ولبنان قبل نحو 10 أيام، والتي نُسبت إلى إسرائيل. ولم تنفذ هذه العملية بهدف تصفية مقاتلي حزب الله الذين كانوا داخل السيارة. ويمكن الافتراض أنه لو كان داخل السيارة مقاتلون تابعون للحرس الثوري الإيراني لكانوا لقوا مصرعهم. والصاروخ الأول الذي أُطلق في اتجاه السيارة لم يُصب الهدف، ولم يكن ذلك من قبيل المصادفة. وفي السنوات الأخيرة تمتنع إسرائيل من تصفية ناشطي حزب الله في الأراضي السورية. وسيتغير هذا القرار فقط في حال وجود حاجة إلى كبح عملية عسكرية متدحرجة، أو القضاء على بنية تحتية إرهابية. وهذا ما حدث مثلاً في كانون الثاني/يناير 2015، عندما قامت إسرائيل، وفقاً لوسائل إعلام أجنبية، بتصفية نجل عماد مغنية، أحد الناشطين المهمين في الحزب.
  • إن المعادلة بين إسرائيل وحزب الله واضحة: أي إصابات في صفوف أحد الجانبين ستؤدي إلى تصعيد فوري للأوضاع في الجبهة الشمالية. وأثبت الجانبان أكثر من مرة أنهما غير معنيين بمثل هذا التصعيد، وعلى الرغم من ذلك فإن التصعيد يمكن أن يحدث. ونظراً إلى أن عملية الهجوم على سيارة حزب الله كانت ذات أهمية، فإن ردة فعل الحزب كانت متوقعة.
  • ازداد التوتر في مقابل حزب الله في الشهور الأخيرة، حتى قبل وصول فيروس كورونا إلى المنطقة. ففي إثر اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني من طرف الأميركيين في العراق، بات نصر الله الشخصية الأهم بالنسبة إلى المحور الشيعي في كل ما يتعلق بالصلة بين إيران وحزب الله.
  • وإلى جانب إقامة بنية تحتية إرهابية تعتمد على مرتزقة لبنانيين، يعمل حزب الله على إقامة بنية تحتية عسكرية مهمة ذات قدرة على العمل من الأراضي السورية إلى جانب الجبهة اللبنانية. بالإضافة إلى ذلك، يستمر الحزب في محاولة التقدم إلى الأمام في كل ما يتعلق بمشروع الصواريخ الدقيقة.
  • ولا شك في أن تموضع حزب الله في سورية، ولا سيما بمحاذاة منطقة الحدود في هضبة الجولان، يثير قلق إسرائيل في الوقت الحالي أكثر من تموضع إيران في سورية، ويقف موضوع منع تعاظم قوة الحزب في رأس أولويات الجيش الإسرائيلي.
  • وثمة من يعتقد في إسرائيل أن الضائقة الاقتصادية والصعوبات الماثلة أمام نظام الحكم في لبنان تشكل فرصة لممارسة ضغط عسكري أكبر على حزب الله. ولا بد من الإشارة إلى أن الأوضاع الاقتصادية في لبنان كانت سيئة للغاية حتى قبل تفشي فيروس كورونا.
  • وتشير التقديرات السائدة في إسرائيل إلى أنه في حال تفاقُم الأوضاع الاقتصادية في لبنان، ستتسع حملة الاحتجاج الاجتماعية في بلد الأرز، وسيخرج السكان مرة أُخرى إلى الشوارع وتندلع تظاهرات عنيفة. وعلى خلفية ذلك، يبدو أن نصر الله معنيّ بأن يوضح أنه لا يخشى من وقوع مواجهة مع إسرائيل. ورسائله في هذا الشأن غير موجهة إلى إسرائيل فقط، بل أيضاً إلى سكان لبنان، وإلى أعدائه.