طهران تنتظر ترامب: وباء الكورونا في إيران يفتح نافذة فرصة للتقارب
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • "ليس لديهم أسرّة في المستشفيات ولا يجرؤون على الذهاب إلى العمل، لكن هذا لا يمنعهم من مواصلة نشر الأكاذيب عن إيران" - بهذه الكلمات هاجم الرئيس الإيراني حسن روحاني اقتراح المساعدة الذي طرحته الولايات المتحدة على بلاده إزاء تفشي وباء الكورونا. قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي رفض الاقتراح ساخراً، وأضاف "إذا كانوا بحاجة إلى مساعدة، نحن مستعدون لمساعدتهم، لكننا لسنا بحاجة إلى مساعدة الولايات المتحدة". إيران لا تريد مساعدة، لكنها نعم تطالب برفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها، وهي ليست الوحيدة التي تطالب بذلك.
  • أعضاء كونغرس بارزون، مثل السيناتور الديمقراطي جارد هوفمان، والسيناتور برني ساندرز، المتنافس على الترشيح للرئاسة في الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين، وعشرات من المشرّعين، قدموا هذا الأسبوع طلباً إلى الرئيس ترامب شجعوه فيه على استغلال الفرصة وإظهار التعاطف، والتخفيف من سياسة العقوبات، وحتى إرسال مساعدة مباشرة بالعتاد والمال إلى المواطنين الإيرانيين.
  • صحيفة "النيويورك تايمز" نشرت افتتاحية دعت الرئيس والإدارة الأميركية إلى انتهاج سياسة خارجية حكيمة تشمل تخفيف العقوبات وإظهار تعاطف إزاء إيران - التي تأذت كثيراً من الكورونا - لأن مثل هذه السياسة" قادرة على تحقيق أهداف ترامب". وذكرت الصحيفة أنه "يجب التعامل مع الأزمة كفرصة"، واقترحت إرسال مساعدة إلى إيران، أو على الأقل عدم معارضة الطلب الذي قدمته إيران إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض قيمته 5 مليارات دولار.
  • بحسب الصحيفة، إن بادرة حسن نية كهذه يمكن أن تؤدي إلى إطلاق سراح معتقلين أميركيين في السجون الإيرانية، وربما أيضاً إلى إيجاد أرضية لمفاوضات في مسألة الاتفاق النووي. لكن حتى لو لم تتحقق هذه التوقعات المتفائلة، فإن هيئة تحرير الصحيفة تعتقد أنها، على الأقل، ستقدم الولايات المتحدة كدولة إنسانية تستطيع أن تتعالى في وقت الأزمة فوق الاعتبارات السياسية.
  • من الصعب معرفة مَن سيؤثر في الرئيس ترامب. هل سيكونون أعضاء الكونغرس، وبينهم أعضاء حزبه الذين يدفعونه إلى التصرف بعكس طبيعته، وإظهار الوجه الإنساني الذي ربما يختبىء في داخله؛ أو ربما ستكون المقالات التي تنشرها وسائل الإعلام التي تهاجمه، لأنه اعتبر في الشهر الماضي أن من الصواب فرض عقوبات إضافية على إيران؛ أو ربما ستكون التقديرات التي استمع إليها من مستشاريه الذين يعتقد جزء منهم بأنه إن كان لا يزال يؤمن بضرورة الحوار مع النظام الإيراني فإنه من الأفضل أن يقترح إغراءً ما، وأن بادرة حسن نية أميركية في هذا الوقت لن تُعتبر تراجعاً ولا ضعفاً، بل من شأنها أن تفيد الولايات المتحدة.
  • يبدو أن مواقف عدد من مستشاري الرئيس تتطابق مع موقف الرئيس الإيراني. هذا الأسبوع أوضح روحاني أن "علينا التعاون مع العالم في الحرب ضد الكورونا... لأنه إذا أُصيبت عشر دول بالوباء، ولكن الحرب هذه تجري فقط في تسع منها، وواحدة بقيت في الخارج، لا فائدة في ذلك، لأن الفيروس لا يعترف بالحدود." تشير وثائق عُرضت على الرئيس ترامب إلى أن تفشي المرض في إيران يمكن أن يمس القوات الأميركية المنتشرة في العراق، وفي الدول الحليفة للولايات المتحدة، مثل دولة اتحاد الإمارات، وقطر، والكويت، بحيث أن الجهد لكبح المرض في إيران ليس قضية إنسانية فقط، بل هو أيضاً قضية تتعلق بالأمن القومي للولايات المتحدة.
  • روحاني مدّ طرف خيط لواشنطن، على أمل بأن يكون هناك مَن يمسك به، عندما قال: "حان وقت اعتذار الأميركيين عن أفعالهم السيئة ضد الأمة الإيرانية.... لقد عملوا دائماً ضد الشعب الإيراني، لكن عداءهم اليوم واضح أكثر." هذه الصيغة التي لم يُشر فيها روحاني إلى الشرط الدائم، بأن أي حوار مع الولايات المتحدة يجب أن يبدأ برفع العقوبات، فُسّرت في إيران بأنها مرونة في الخط المتشدد واستعداد للتساهل في شرط إيران للمفاوضات - نتيجة الضربة القاسية التي لحقت بها جرّاء وباء الكورونا. وبحسب الأرقام الرسمية التي من الصعب معرفة موثوقيتها، تخطى عدد الوفيات بفيروس الكورونا الـ3000 شخص، وعشرات آلاف المرضى يملأون المستشفيات التي تعاني نقصاً في الأسرّة، وفي القوة البشرية الطبية.
  • هذه الدعوات والضغوط لم تثمر تحولاً جوهرياً في سياسة واشنطن. لكن شرخاً ضيقاً انفتح. وزير الخارجية مايك بومبيو، الرجل الذي يحمل لواء " الضغط الأقصى" على إيران - كما تعوّد ترامب على تسمية سياسته - ويعتبر الزعامة الإيرانية عصابة داعمة للإرهاب، قال هذا الأسبوع إنه مستعد للتفكير في تخفيف العقوبات، لأسباب إنسانية. لم يعطِ بومبيو تفصيلات بشأن ماهية التخفيفات، ومتى ستحدث. وسارع إلى الإضافة أن العقوبات لا تنطبق على مواد غذائية أساسية، وعلى الدواء، أي لا يوجد سبب حقيقي لتخفيف العقوبات. لكن مجرد قوله هذا هو تجديد فعلي في خطاب الإدارة الأميركية، حتى لو لم يترافق ذلك مع فعل حقيقي.
  • في هذه الأثناء، سجلت دول الاتحاد الأوروبي وإيران أول نجاح في استخدام آليات تمويل تلتف على العقوبات، أُنشئت في كانون الثاني/يناير 2019، ولم ينطلق العمل بها حتى الآن. صفقة أولى من الأدوية من ألمانيا نجحت في كسر حاجز الخوف، ووصلت الشحنة الأولى إلى إيران. ليس من الواضح ما إذا كان هذا النجاح يؤشر إلى التبادل التجاري الكبير الذي تأمل به دول أوروبا، لكنه يثير فعلاً قلق واشنطن.
  • الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أنشأت صندوقاً خاصاً من أجل تشغيل الآلية. ويشمل الأسلوب المتبع تأمين تمويل الصفقة للمنتج أو المصدر الأوروبي، وحسم تكلفتها من التصدير الإيراني إلى أوروبا - وبعدها تتحاسب إيران مع المستورد الإيراني بواسطة آلية موازية أقامتها. بهذه الطريقة يجري الالتفاف على الحاجة إلى استخدام الدولارات أو المرور في مصارف خاضعة للعقوبات. التقدير أنه في الفترة المقبلة على الأقل، ستُستخدم هذه الآلية في الأساس لتزويد إيران بالمواد الإنسانية. بذلك تستطيع الدول الأوروبية التخفيف من الانتقادات والتهديدات التي تأتي من جانب الولايات المتحدة.