استغلال الكورونا لحاجاته الشخصية: حقارة من جانب نتنياهو
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- بنيامين نتنياهو راكم في السنة الأخيرة رقماً قياسياً مذهلاً من المخالفات ضد دولة إسرائيل - بالإضافة إلى لائحة الاتهام المقدمة ضده. في الإجراءات الجنائية الرسمية التي تأجلت في هذه الأثناء، لا يزال من حق نتنياهو ادّعاء البراءة، على الرغم من أن تصرفاته الأخيرة فيها ما يدل على مهمته السابقة. في المجال العام، والقانوني ـ والوطني، ذنوب نتنياهو واضحة وعلنية ومثبتة، ولا شك فيها.
- منذ أن اتضح له أن ادعاءه "لن يحدث شيء، لأنه لا يوجد شيء" يتناقض مع شهادات الشهود والبراهين، أخذ نتنياهو دولة إسرائيل رهينة. هو لوى الديمقراطية، وتمرد على سلطة القانون، وشوه سمعة عاملين رسميين مخلصين، وحرّض ضد العرب، واليساريين، والصحافيين، وتشبث بكرسيه تشبثاً شديداً، وفرض ثلاث معارك انتخابية وربما أربع، وقسّم الشعب، وقام بتسويق مزاعم عن مكائد ومؤامرات لا حصر لها.
- مع كل ذلك، خطواته الأخيرة منذ الانتخابات ونشوب أزمة الكورونا هي الأكثر حقارة وقبحاً، ولا يمكن مغفرتها. يبتز نتنياهو خصومه بالتهديدات، ومن خلالهم يبتز شعبه. يستغل خوف الجمهور من الفيروس المتفشي، للحصول من بني غانتس على تنازلات تسمح له بالاستمرار في رحلته، من المحكمة اللوائية في القدس إلى الحصانة والحرية.
- وكبديل، إذا لم يتحقق مبتغاه، يضخم نتنياهو الخطر ("الأزمة الأخطر في تاريخ البشرية منذ القرون الوسطى")، ويعزف على وتر خوف الرأي العام، كي يصور خصومه كأنهم يغرزون سكيناً في ظهر الأمة، وبأنهم "مجرمو الكورونا". يقول نتنياهو لغانتس إن خطورة الأزمة تفرض عليك التنازل عن الكتلة التي تقف وراءك، وعن مطالبتك بأن تكون رئيس حكومة، وعن وعودك في المعركة الانتخابية، وعن تباهيك بالدفاع عن الديمقراطية وسلطة القانون.
- في مقابل ذلك، نتنياهو مستعد للتنازل عن كل شيء، باستثناء الاستمرار في منصبه كرئيس للحكومة، وتعيين وزير العدل ورئيس الكنيست اللذين سيسمحان له بالاستمرار من دون إزعاج في حفر الأنفاق تحت الزنزانة التي ربما تنتظره جرّاء أفعاله.
- بكلمات أُخرى، متهم في محاكمة جنائية يبتز دولة إسرائيل في ساعتها الأصعب، كي يعيّن ألعوبته وزيراً للعدل. هذا لا يختلف، من حيث الجوهر، عن قضية بار - أون حبرون [قضية تعيين نتنياهو في سنة 1998 محاميه روني بار أون مستشاراً قانونياً للحكومة، على الرغم من الاعتراضات الكبيرة على هذا التعيين]، والتي نجا منها نتنياهو بصعوبة، إنما يومها لم يكن متهماً، ولم يجرّ الدولة إلى ثلاث معارك انتخابية، ولم يتحكم بها مع حكومة انتقالية لا صلاحيات لها، ولم يُخضع ضائقة شعبه لحاجاته القانونية.
- خطورة المخالفات المتهم بها نتنياهو رسمياً - رشوى، واحتيال وخيانة الثقة- تتضاءل مقارنة بالوضاعة والحقارة والغدر التي تميز جهوده للنجاة من المأزق. أغلبية الجمهور، بينها كثيرون من منتقديه، تعلموا التعايش مع جشعه المزمن وجنونه الإعلامي، لكن ليس مع إخضاع الدولة في الوقت الصعب لحاجات حملته للهروب.
- نظرياً، نتنياهو كان يمكن أن يكون الشخص الصحيح، في المكان الصحيح، في الوقت الصحيح: فهو صاحب تجربة، حكيم، ويعرف الأجهزة الحكومية التي من المفروض أن تعالج فيروس الكورونا أفضل من الجميع. لكن عملياً، هو يثبت يوماً بعد يوم أنه لا يستحق هذا المنصب، ومن الضروري جداً استبداله، حتى في هذه الفترة المصيرية، من أجل سلامة الشعب والبلد.