"حماس" قد ترغب في تهدئة، لكن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ترى معركة قاسية مقبلة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • بنظرة إلى الوراء، يعترفون في الجيش الإسرائيلي بأن عملية التقاط جثة الناشط في حركة الجهاد الإسلامي الذي قُتل في حادثة على حدود القطاع كان يمكن أن تجري بصورة مختلفة. وزير الدفاع نفتالي بينت، الذي يتباهى بالعودة إلى سياسة الاحتفاظ بالجثامين، رفض بغضب الانتقادات، التي أثارتها المشاهد التي وثّقت الحادثة، وأعلن أنه سئم من نفاق اليساريين. لكن الردود في الجيش سُمعت مختلفة قليلاً. يقولون هناك لو عرفنا أن الأمور ستتعقد إلى هذا الحد، لكنا تخلينا هذه المرة عن الجهد. "في الحقيقة كان هذا المشهد سيئاً. أحياناً الأمور تخرج عن مسارها".
  • التغيير في السياسة نشأ في الأساس بضغط سياسي من بينت. عندما تسلم مهماته في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أعرب وزير الدفاع الجديد عن تأييده لتوصية الجيش باتخاذ تسهيلات اقتصادية واسعة في القطاع. أدى هذا الموقف إلى اتهامات اليمين له بالتخلي عن الجنديين هدار غولدين وأورون شاؤول اللذين تحتفط "حماس" بجثتيهما. رد بينت على هذه الادعاءات تضمّن، بالإضافة إلى إعلان خطوات هجومية إضافية، أيضاً السماح للجيش بالعودة إلى جمع جثث فلسطينيين قُتلوا في حوادث إطلاق نار بالقرب من السياج الحدودي.
  • مقدار الفائدة الناجمة عن ذلك هو موضوع خلاف. لم تعبّر "حماس" حتى اليوم عن اهتمام خاص بجثامين عناصرها الذين تحتفظ بهم إسرائيل، قسم منها منذ عملية الجرف الصامد في سنة 2014. ويبدو أن فرص أن يرق قلب يحيى السنوار على المصير القاتم لأحد نشطاء الجهاد الإسلامي هي أيضاً ضئيلة جداً.
  • لكن التوجيهات هي توجيهات. لذلك، بعد أن هاجم الجيش صباح يوم الإثنين خلية جاءت لزرع عبوة ناسفة بالقرب من السياج وتركت وراءها جثة أحد عناصرها، جرى إرسال جرافة عسكرية لالتقاط الجثة، ربما بأمل ضئيل بأنها ستساعد في المقايضة مع "حماس" في المستقبل. عندئذ بدأت الأمور تتعقد. الجرافة لاقت صعوبة في الحفر في الأرض الصلبة لالتقاط الجثة، وفي هذه الأثناء تجمّع سكان غزيون في محاولة لمنع عمل الجرافة.
  • تحت الضغط المتزايد للحادثة، سحب سائق الجرافة الجثة وحدها. وهكذا رأينا المشهد المرعب لجثة عنصر الجهاد الإسلامي وهي تتأرجح مثل دمية من خِرَق – على نحو لا يتماشى مع أخلاقيات احترام شهداء العدو التي يعلمها الجيش لمقاتليه (مع أن هذا لا يُطبّق فعلياً).
  • الحادثة لا تزال في قيد التحقيق في قيادة المنطقة الجنوبية. يشددون في الجيش الإسرائيلي على أن المخاطرة التي اتُخذت كانت معقولة: الجرافة المصفحة دخلت فقط إلى مسافة 90 متراً في عمق الأراضي الفلسطينية، ولم يخطر في بال أحد إرسال نقّالة إسعاف لهذه المهمة. مع ذلك، الفيديو الذي صُوّر من الجهة الغزية أشعل وسائل التواصل الاجتماعية. واستُخدم في إسرائيل فوراً في حملة النقاش الدائر بين اليمين واليسار، وعلى ما يبدو، تآكلت مع مرور السنوات الإجماعات الأساسية كلها بشأن ما هو مسموح  وما هو ممنوع في القتال.
  • في القطاع كانت الانعكاسات كبيرة للغاية. ويقدرون في الجيش أن نشر الصور هو الذي أدى إلى ردة الفعل العنيفة نسبياً للجهاد الإسلامي - قرابة 100 صاروخ أُطلقت على جنوب البلد خلال يومين. القرار الإسرائيلي توسيع حدود الرد إلى سورية، حيث جرى في ليل الإثنين قصف موقع عسكري تابع للجهاد، كثّف من حدة القصف الفلسطيني المضاد وأطال مدته حتى مساء يوم الثلاثاء. من هناك فصاعداً تطورت الأمور، وبحسب ما هو معهود. جرى التوصل إلى وقف إطلاق للنار بوساطة مصرية، وكالعادة أعلنه الفلسطينيون فقط.
  • في الجيش الإسرائيلي يعتقدون أن حركة الجهاد الإسلامي استغلت اقتراب موعد الانتخابات التي ستجري يوم الإثنين المقبل. ويبدو أن هذا الحساب أعطى ثماره. في جولة العنف التي استمرت يومين، قُتل عنصر واحد فقط من عناصرها، هو الذي التقطت الجرافة جثته. عندما تباهى بينت بمقتل 8 عناصر، فإنه أضاف إلى الحساب، على ما يبدو، نتائج القصف في سورية. طوال الجولة، حرصت "حماس" على عدم التدخل، تماماً مثلما حدث في الجولة السابقة، في عملية "الحزام الأسود" في تشرين الثاني/ نوفمبر. لم تتحرك الحركة لكبح الجهاد، لكنها لم تشارك في إطلاق النار.
  • أين يبقينا هذا؟ نحن أقرب إلى تصعيد كبير، أكثر مما إلى تهدئة. الرسائل التي نقلتها إسرائيل إلى "حماس" بواسطة وسطاء مختلفين، طلبت منها القيام بكبح صارم ضد الجهاد بدءاً من لحظة وقف إطلاق النار.
  • أمس أُعيدت التسهيلات الأخيرة التي قررتها إسرائيل بالكامل. وفي الجيش يرون نتائج أولية لسياسة التسهيلات. في الربع الأخير من سنة 2019، طرأ تحسن اقتصادي ضئيل على الوضع في القطاع. زيادة التزود بالكهرباء أدت إلى زيادة الإنتاج وانخفاض بسيط في حجم البطالة. وسُجل أيضاً ارتفاع في استيراد البضائع وتصديرها. لكن الخطة الأكثر أهمية تتعلق بدخول عمال للعمل في إسرائيل - وهذا لم يتحقق بالكامل. بتوصية من الجيش الإسرائيلي، وعلى الرغم من معارضة الشاباك، زاد المستوى السياسي عدد أذونات العمل إلى 7000. ويتطلع الجيش إلى مضاعفة هذا العدد. أجر العامل الغزي في إسرائيل يفوق ثلاث مرات أجر يوم عمل في القطاع. وهذا بمثابة مساعدة كبيرة للاقتصاد، وللمساهمة في الجهد الرامي إلى تحقيق استقرار نسبي في القطاع.
 

المزيد ضمن العدد 3267