تحت رعاية الانتخابات "حماس" تحظى بتسهيلات هي الأوسع منذ سيطرت على القطاع
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • التسهيلات التي اتخذتها إسرائيل منذ الأمس في قطاع غزة تعبّر عن إنجاز كبير بالنسبة إلى زعيم "حماس" يحيى السنوار. السنوار، الذي يقلل من ظهوره العلني في الأسابيع الأخيرة (في القطاع، انتشرت شائعات بأنه يتخوف من عملية اغتيال إسرائيلية ضده) واصل ممارسة ضغط عنيف إلى أن حصل على مبتغاه. قائمة التسهيلات، التي لا تُنشر بصورة رسمية كالعادة في إسرائيل - بخلاف ما هو معتمد لدى فرض عقوبات جديدة- هي الأبعد مدى مما سُمح به للغزيين منذ سيطرة "حماس" بالقوة على القطاع في حزيران/يونيو 2007.
  • الخطوة الأكثر أهمية للفلسطينيين هي توزيع 2000 تصريح للعمل في إسرائيل على مَن يُوصفون بأنهم تجار. عملياً، هذه كذبة متفَّق عليها بين الطرفين. القطاع لم يعلن عن عملية "ولادة تاجر"، واقتصاد غزة المدمر لم يرشّح 2000 من رجال الأعمال الجدد والطموحين خلال ليلة واحدة.
  • من دون كلام صريح، وتحت غطاء دخول التجار، بدأ المستوى السياسي والمؤسسة الأمنية بمنح شرعية لفكرة استئناف تشغيل الغزيين، بالتدريج، في داخل إسرائيل. في السنة الماضية، بدأت إسرائيل بتوزيع تصريحات دخول وعمل على نحو 5000 من سكان القطاع، هم أيضاً اعتُبروا تجاراً. العديد من هؤلاء الفلسطينيين هم عمال وجدوا عملاً في مجالات البناء والصناعة والزراعة. حالياً، سينضم إليهم 2000 عامل إضافي. وهذا هو التسهيل الذي تحتاج إليه غزة كالهواء للتنفس.
  • وينضم هذا إلى تقديمات أُخرى حصلت عليها "حماس" مؤخراً من إسرائيل، من خلال وساطة الاستخبارات المصرية، مثل توسيع جديد لمنطقة الصيد المسموح فيها حتى 15 ميلاً بحرياً من الشاطىء؛ إدخال كميات كبيرة من الأسمنت للبناء، من دون استخدام آلية الرقابة المشددة المستخدمة في القطاع بعد عملية الجرف الصامد؛ الموافقة على دخول أدوات هندسية أوقفتها إسرائيل طوال سنوات؛ ووعد بالدفع قدماً وبسرعة نسبية بمشاريع كبيرة في مجال البنية التحتية.
  • تحصل "حماس" الآن على ما لم تنجح في انتزاعه من إسرائيل طوال عام ونصف العام من أعمال العنف على طول السياج الحدودي. وكما ذُكر في "هآرتس" في الصيف الماضي، كان هناك تردد مستمر في قيادة الحركة بشأن استمرار التظاهرات الشعبية في يوم الجمعة بالقرب من الحدود مع إسرائيل. في الحوادث التي وقعت، في الأساس في أثناء التظاهرات، قُتل أكثر من 300 شاب فلسطيني وجُرح الآلاف، عدد كبير منهم بُترت رجله جرّاء إصابته برصاص قناصة إسرائيليين.
  • كان هذا إخفاقاً فلسطينياً كبيراً ودموياً. لم يثمر الضغط خضوعاً إسرائيلياً وتسهيلات مهمة، ونشأ في القطاع شعور كبير بالإحباط حيال "حماس". هذا هو الوضع الذي دفع السنوار إلى وقف التظاهرات، لكن من دون أن يتخلى كلياً عن استخدام العنف. من المحتمل تحديداً أن الاستخدام الذكي والمحدود للعنف في الأسابيع الأخيرة - إطلاق بالونات مربوطة بعبوات ناسفة، بالإضافة إلى إطلاق متقطع للصواريخ والقذائف المدفعية (أغلبيتها من جانب فصائل "مارقة")، هو الذي أدى إلى تحقيق هذا الإنجاز لـ"حماس".
  • هذا لم يكن ليحدث لو لم تكن إسرائيل واقعة تحت وطأة حمى الانتخابات. لقد شعرت "حماس" بالضائقة السياسية التي تمر بها حكومة نتنياهو، وواصلت الضغط - وحصلت هذا الأسبوع على التسهيلات. طبعاً يجب أن نأخذ في الحسبان أن رئيس الحكومة يحضّر لـ"حماس" مفاجأة عسكرية، كما لمّح في الأسبوع الماضي، لكن بناء على ما جرى حتى الآن على الأرض، حصلت الحركة على تسهيلات من إسرائيل.
  • صباح أمس، وبعد مرور ساعات قليلة على دخول التسهيلات في حيز التنفيذ، حدث إطلاق نار على الحدود مع القطاع شرقي خانيونس. وذكر الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن قناصة من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني أطلقوا النار في اتجاه الأراضي الإسرائيلية، ووقوع إصابات جرّاء إطلاق نيران القناصة الإسرائيليين رداً على ذلك. وتحدثت تقارير من القطاع عن إصابة مواطن فلسطيني بنيران إسرائيلية، من دون ذكر إطلاق النار الذي سبق ذلك من الجانب الغزي.
  • في الأيام المقبلة، سيتضح ما إذا كانت "حماس" مستعدة لوقف العنف بصورة كاملة في مقابل التسهيلات، أم أن الحركة ستواصل الغمز للفصائل الصغيرة والموافقة الصامتة على نقل رسائل بواسطة بالونات مفخخة أو صواريخ.
  • كما هو معروف، لا تطلب إسرائيل من "حماس" فرض سلطتها بالقوة على الفصائل، والقيام باعتقالات وسط نشطائهم أو وقف النشاطات الإرهابية للشبكات التابعة لها في الضفة الغربية.
  • في سيناريو متفائل، يمكن أن تكون التسهيلات كافية لتأمين الهدوء حتى موعد انتخابات الكنيست في 2 آذار/مارس، وبعدها سيُطلب من الطرفين العمل على تسوية بعيدة الأمد أكثر. الجيش الإسرائيلي الذي أيّد تقديم التسهيلات طوال الأشهر الأخيرة، يواصل إظهار قدر من التفاؤل في نظرته بشأن القطاع. قريباً سنعرف ما إذا كان على حق.