استقرار السلطة الفلسطينية هو مصلحة إسرائيلية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • حذّر رئيس الشاباك نداف أرغمان مؤخراً أعضاء المجلس الوزاري السياسي - الأمني المصغر من الانعكاسات السلبية من للخطوة التي أقدمت عليها الحكومة [بحسم المبالغ التي تدفعها السلطة الفلسطينية إلى عائلات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية من الضرائب المستحقة للسلطة والتي تجبيها إسرائيل نيابة عنها على المعابر]. وذلك في مقابل محاولات التوصل إلى التسوية مع "حماس"، التي هي خطوة معناها تقديم جائزة إلى تنظيم يمارس الإرهاب ضد إسرائيل، بينما يعني حسم الأموال معاقبة السلطة التي يعتبرها الشاباك والجيش الإسرائيلي شريكة في مساعي منع الهجمات في الضفة الغربية.
  • ومع أنه من الضروري التخفيف من ضائقة سكان القطاع، سواء من الناحية الإنسانية، وبصورة لا تقل عن ذلك بسبب تأثير ضائقتهم في عدم الاستقرار الأمني، يتعين على حكومة إسرائيل أن تحاذر الرد على عنف "حماس" بخطوات ستزيد فقط من تقدير الحركة بأن "إسرائيل تفهم فقط القوة"، وبناء على ذلك يثمر استخدام العنف مزيداً من التسهيلات.
  • مع كل قيودها وعيوبها، فإن استقرار السلطة الفلسطينية التي تضمن استمرار التعاون الأمني وتبعد إسرائيل عن إدارة وتمويل ملايين الفلسطينيين، هو مصلحة إسرائيلية. من هنا الحاجة إلى الامتناع من القيام بأي خطوة تزعزع استقرارها، وبل أيضاً العمل على تعزيزها، وتعزيز الحوافز لدى أجهزتها الأمنية. ومن المستحسن لو تعمل الحكومة بروحية تحذير رئيس الشاباك.
  • يمكن القيام بذلك من خلال الدفع قدماً بتسوية مع السلطة، أساسها عودتها، بالتدريج، إلى إدارة القطاع. يتضمن هذا الاتفاق تعهدات إسرائيلية أنه ما دام لم يَجر نزع سلاح "حماس" وما دامت السلطة تعمل بفاعلية على فرض وقف إطلاق النار، فإن الجيش الإسرائيلي لن يرد ضدها في حال جرى خرق وقف إطلاق النار من جانب طرف ثالث. في المقابل، الموارد لإعادة إعمار القطاع - التي توقف صرفها الدول المانحة ما دام يبدو أنها تقوّي "حماس"، وما دام لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق للنار في المدى الطويل يضمن عدم ذهاب استثماراتهم سدى في جولة أُخرى من العنف – ينبغي توظيف هذه الموارد بواسطة أجهزة السلطة. وهذا يعطي السلطة القدرة على أن تُظهر لسكان القطاع فوائد حكمها مقارنة بسنوات حكم "حماس" الكئيبة. التمويل الدولي سيشكل بطاقة دخول للسلطة إلى غزة، بدلاً من أن يكون رافعة لتعاظم قوة "حماس". وهكذا تُستكمل سيطرة السلطة في غزة، بما في ذلك صلاحيات فرض القانون والنظام، وأيضاً حماية المعابر والحدود.
  • من المفروغ منه أن أي تقدم في صيغة عودة السلطة وإعادة إعمار القطاع مشروط بالاحترام الشديد لوقف إطلاق النار في كل أشكاله، واستعادة جثماني الجنديين أورون شاوول وهدار غولدين، وإطلاق سراح المدنيين أبراه منغيستو وهشام السيد.
  • توجد عقبات غير قليلة على طريق تحقيق المبادرة المقترحة هنا، في طليعتها معارضة السلطة ورئيس حكومتها. الاستنتاج الواضح أن الظروف في القطاع وفي المنطقة كلها تسمح بتطبيق الخطة وتدحض الادعاء أن الخيار الذي تواجهه إسرائيل هو بين وهمين، توجيه "ضربة قاضية وننتهي" وبين دفع رسوم حماية إلى "حماس".
  • وإذا كان هذا كله غير كاف، من المستحسن أن نسأل الحكومة ما هي المخاطرة في فحص الخيار المقترح؟ إذا نجحت المبادرة، سيتم التوصل أخيراً إلى استقرار في الجنوب مدة زمنية طويلة الأمد. وإذا تبين أن "حماس" خرقت شروط التسوية، لن نكون في مواجهة تحدٍّ أمني مختلف جوهرياً عن التحدي القائم اليوم. جوهر المحاولة التي ستمثل جدية نوايانا، ستحسن الشروط في الساحة الإقليمية والدولية إذا لم نستطع الامتناع عن الهجوم على القطاع.

من الواضح أن نهج الحكومة الذي معناه تعاظُم قوة "حماس" وزعزعة  استقرار السلطة، يمكن أن يؤدي إلى نشوء واقع سنواجه فيه إلى جانب حزب الله في الشمال، "حماس" أقوى من قبل في الجنوب. بالإضافة إلى ذلك، فإن إضعاف السلطة سيزعزع الاستقرار، وسيؤدي إلى موجة عنف من الشرق أيضاً، في شتى أنحاء الضفة الغربية. لا أحد يعلم إذا كانت سيناريوهات التهديد هذه ستتحقق أم لا. لكن ثمة سؤال واحد يجب أن نطرحه: لماذا تخاطر حكومة إسرائيل في المساعدة في تحقيقها ولا تعمل على منعها؟