اغتيال سليماني لن يقلل الخطر الإيراني
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • في شدة الخوف من رد إيران على اغتيال قاسم سليماني، يبدو في توازن الرعب أن "التهديد الإيراني" التقليدي صار باهتاً مقارنة بتهديد سليماني الميت. لحسن الحظ أن إيران لا تمتلك سلاحاً نووياً، وإلّا لكانت من دون شك ستستخدمه لتفجير العالم من شدة غضبها.
  • الحقيقة، هي أنه بعد الابتهاج بـ"الإنجاز"، والتوقع أن إيران لن تكون كما كانت، وأن حرباً مقبلة بين الولايات المتحدة وإيران - من المسموح به أن نفكر للحظة في الإهانة الجارحة، كأن كل رزمة التهديد الإيراني تقلصت إلى جمجمة واحدة معلقة على حزام الصياد.
  • لقد كانت هذه هي النظرة التي رافقت الصراع الطويل ضد القاعدة، وهكذا أيضاً بدت المعركة ضد تنظيم داعش، وكذلك أيضاً تعاملت إسرائيل مع تهديد "حماس". تعبير "قطع رأس الأفعى" لم يكن شعاراً شاعرياً - هو يمثل استراتيجيا تستند إلى وجهة نظر مركزة وضيقة وغير واقعية، مفادها أن العدو هو تنظيم أو حتى خلية إرهابية، حجمه لا يغير شيئاً. قطع رأسه يقضي على التهديد كله.
  • كتب التاريخ مليئة بأسماء قادة وزعماء تنظيمات ونشطاء سياسيين، جرى اغتيالهم باسم هذه النظرية. في جزء من الحالات أدت هذه الاغتيالات إلى تغيير في المسارات التاريخية، مثل مقتل يتسحاق رابين، ومقتل السادات، والمهاتما غاندي، وجون كينيدي، إذا شئنا الإشارة فقط إلى البارزين في الزمن الحديث.
  • بفضل ترامب، انضم سليماني إلى هذه المجموعة المحترمة. الذاكرة التاريخية المشوشة هذا الأسبوع اعتبرت مقتله كأول محاولة أميركية لقتل زعيم منذ الحرب العالمية الثانية؛ هي نسيت محاولة اغتيال أول رئيس لحكومة الكونغو، باتريس لومومبا في سنة 1960 التي كانت "سنة جيدة" في جهود اغتيال زعماء، أو إسقاط نظام سلفادور أليندي في تشيلي وانتحاره الحتمي. في سنة 1986، بدأت الهجمات الجوية على معمر القذافي، ومحاولة قتل سلوبودان ميلوسوفيتش في سنة 1999، وطبعاً الجهد لقتل صدام حسين في سنة 2003.
  • اغتيال قاسم سليماني لن يقلل التهديد من جهة إيران، ولن يغير سياستها الإقليمية. ومهما كانت أهميته في الهرمية السياسية والعسكرية في إيران، فإنه ليس "الدولة". إيران دولة طموحة، ومن أجل تحقيق طموحاتها فعلت كل ما تفعله دولة عظمى أُخرى مثل روسيا، والصين، والسعودية، والولايات المتحدة.
  • كل واحدة من هذه الدول أوجدت وكلاء يقاتلون باسمها أو من أجلها. روسيا لديها "مجموعة فاغنر" الفتاكة [مرتزقة روس] التي عملت في سورية وتعمل في ليبيا وفي أفريقيا؛ الولايات المتحدة رعت مجموعات داخل طالبان، من أجل الدفع قدماً بمصالحها؛ السعودية تستخدم مرتزقة من أميركا الجنوبية وأفريقيا في الحرب على اليمن؛ لإيران حزب الله، والميليشيات الشيعية في العراق والحوثيون في اليمن.
  • مهمة سليماني كانت الدفع قدماً بالنفوذ الإيراني وتطويره في كل موقع في الشرق الأوسط، وفي آسيا، وأفريقيا وأميركا الجنوبية. ولقد قام بذلك بمهارة ونجاح، لكن سُجل له عدد غير قليل من الإخفاقات، مثل عدم توقّع التهديدات من ناحية داعش في العراق، وخسارة تفوق إيران في سورية، وعدم تقدير حركة الاحتجاج في العراق ضد وجود إيران في الدولة. لقد كان سليماني مشكلة بالنسبة إلى إيران مثلما كان رصيداً. لكن هذا التوازن لا يهم الغرب.
  • يتعين على الغرب، وفي الأساس الولايات المتحدة، أن يشعرا بالقلق لأن ليس لديهما خطة سياسية واستراتيجية للدفع قدماً بنفوذهما في إيران وبناء صلات إيجابية معها.

الانزواء داخل جدران دفاعية خوفاً من "انتقام" إيراني، والتباهي بضخامة "بنك أهداف" ستجري مهاجمته، لا يمكن أن يحلا محل ضرورة لجم استمرار انهيار الاتفاق النووي الذي يمكن أن يؤدي إلى حرب إقليمية، ولن يزيلا البنية التحتية المعادية، ولن يبددا الخوف الدائم من إيران.