مصلحة بوتين: منع الحريق
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

  • الزيارة المفاجئة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سورية برفقة وزير دفاعه سيرغي شويغو وضباط روس رفيعي المستوى، ولقاؤه بشار الأسد في مقر قيادة الجيش الروسي في دمشق، حظيت بعناوين أولى من دون تفصيلات في وسائل إعلام الدولتين لم تكشف القلق الحقيقي في الكرملين: بعد اغتيال سليماني، الشرق الأوسط كله يمكن أن يشتعل في أي لحظة.
  • قلق بوتين هذا يمكن الاستدلال عليه، بين مؤشرات أُخرى، من خلال الرد الروسي المنضبط على الاغتيال. إيران وروسيا هما ظاهرياً حليفتان. ومؤخراً قامتا بمناورات عسكرية في شمال المحيط الهندي. كان من الممكن أن يُتوقع من بوتين أن يوجه اتهامات ثقيلة إلى ترامب بشأن "العمل غير المسؤول" الذي قام به؛ وأن يُظهر تعاطفاً مع بكاء خامنئي، ويؤيد علناً حق إيران بانتقام قاس ومؤلم. كل ذلك لم يحدث. الروس دانوا الاغتيال بلغة ضعيفة، واكتفوا بمحادثات تعزية بين كبار المسؤولين في موسكو ونظرائهم في طهران، وهذا ليس صدفة.
  • يجب أن نتذكر أن بوتين ليس فقط بطلاً عالمياً في معرفة فرص ربح سياسي، بل وأيضاً لديه خبرة في تحديد المخاطر. بعد الاغتيال في بغداد، الرئيس الروسي اشتم خطراً. ردٌّ مجنون للإيرانيين على اغتيال الجنرال ضد الأميركيين المنتشرين في الشرق الأوسط، سيجر بالتأكيد رداً غير متناسب من جانب الدولة العظمى الأقوى في العالم. ومن هناك ستقصر المسافة نحو اشتعال حريق كبير يمكن أيضاً أن يُلحق ضرراً بمصالح روسيا.
  • من الطبيعي أن الأمرين اللذين يقلقان بوتين يتعلقان بسورية التي تُعتبر الموقع الأساسي له في المنطقة. القلق الأول: في شرق سورية لا يزال هناك قوات أميركية. إذا حاول الإيرانيون المس بها، ستتحرك الولايات المتحدة في سورية؛ وليس فقط في شرق سورية، بل في كل مكان توجد فيه ميليشيات موالية لإيران. وهذا سيحرج كثيراً القوات الروسية المنتشرة في سورية. القلق الثاني هو أن تتلقى هذه الميليشيات أوامر من طهران للتحرك ضد إسرائيل من داخل الأراضي السورية، كجزء من حملة الانتقام على الاغتيال. يدرك بوتين أن إسرائيل لن تضبط نفسها في مواجهة أي عملية واسعة ضدها من وراء الحدود، وربما أيضاً ستتجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها الدولتان، مثل المس برموز النظام في دمشق.
  • في الأمس أشارت مصادر روسية إلى الزيارة المفاجئة للزعيم الروسي إلى دمشق كمحاولة للتأكد من أن الأسد سيعمل على ضبط الميليشيات الموالية لإيران الموجودة في أراضيه وتهدئتها. بوتين يريد هدوءاً في سورية، وسيبحث ذلك مع ضيوفه في إسرائيل خلال الزيارة القريبة المرتقبة التي جرى التخطيط لها مسبقاً، لكنها تحولت إلى زيارة مهمة أكثر من السابق بعد اغتيال سليماني. كل ذلك بشرط ألّا يسارع الإيرانيون إلى الرد قبل الزيارة، كما تنبأت في الأمس عدة قنوات إعلامية في الولايات المتحدة.
  • من دمشق، سيواصل بوتين طريقه إلى أنقرة من أجل تبريد منطقة أُخرى. في الأيام المقبلة، ستبدأ حرب في ليبيا بين مرتزقة روس مؤيدين لجيش الجنرال خليفة حفتر، وبين مرتزقة أرسلتهم تركيا لمساعدة حكومة الوفاق الوطني. سيحاول بوتين إقناع أردوغان بأن ما يجري معركة خاسرة، لأن جيش الجنرال حفتر سبق أن سيطر على معظم الأراضي الليبية، وأن من الأفضل لموسكو وأنقرة التعاون لمنع اشتعال حريق كبير في المنطقة القريبة جداً من الحدود التركية.
  • إذا نجح بوتين في مهمة التهدئة، يمكن أن تتحول ليبيا إلى موقع بحري ثان لروسيا في حوض البحر الأبيض المتوسط، بعد سورية.