نحن أسرى مفهوم معيّن، هذه المرة في مواجهة إيران
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • يوم الغفران الذي هو على الأبواب هو ذكرى مؤلمة للحرب المروعة، التي ثمن الانتصار فيها دفعه آلاف الشبان الإسرائيليين بحياتهم. بدأت الحرب بصورة مفاجئة تماماً، ونتائج التقصير الاستخباراتي كان ناجماً عن مفهوم مغلوط تمسكت به أجهزة الاستخبارات في تلك السنوات.
  • الدرس الذي يجب استخلاصه من هذه الحرب ليس له علاقة فقط بأهمية التأهب والاستعداد الدائمين في مواجهة العدو، بل في الأساس بالحاجة إلى أن نفحص بنظرة نقدية تقديرات الوضع، والتحليلات الاستراتيجية والنظرية التي توجه المؤسسة الأمنية والمستوى السياسي - ليس في مواجهة مصر، بل في مواجهة إيران.
  • قبل نحو أسبوعين، هاجمت إيران منشآت نفطية تابعة للسعودية، وبضربة صاعقة نجحت في تقليص إنتاج النفط السعودي إلى النصف. وأثار الهجوم الإيراني عاصفة في أسواق النفط، وأدى إلى ارتفاع دراماتيكي في سعر الذهب الأسود أيضاً في الولايات المتحدة.
  • لكن القصة الحقيقية وراء هجوم إيران الصاعق تكمن في أنه كان مفاجأة مطلقة - سياسياً وعسكرياً - لم يتنبأ بها أو يتوقعها أحد؛ لا السعوديون الذين كانوا هدفاً للهجوم، وأيضاً ليس الولايات المتحدة، ولا حلفاؤها كما يبدو.
  • إيران موجودة منذ أكثر من عقد تحت العدسة المكبرة للعالم كله. لديها سجل دولة عدوانية تستخدم الإرهاب للدفع قدماً بمصالحها في كل أنحاء الشرق الأوسط، بدءاً من اليمن، مروراً بسورية ولبنان، وحتى في غزة، ومؤخراً في العراق وفي الخليج الفارسي. ومع ذلك، فإن الهجوم الإيراني على منشآت النفط في السعودية كان مفاجأة مطلقة، لم يتوقعه أحد بصورة مسبقة لمنع حدوثه أو للرد عليه.
  • المفهوم الذي يتمسك به العالم بشأن إيران هو أنها لن تجرؤ على العمل بهذه الطريقة، وذلك لعدة أسباب. أولاً، تحاول إيران التقدم بحذر ومن دون أن تجذب الانتباه غير الضروري إلى مشروعها النووي، وأيضاً للتخلص من العقوبات المؤلمة التي فرضتها عليها الولايات المتحدة. لذلك ليس لديها مصلحة في الانجرار إلى مواجهة مباشرة ومؤلمة مع الولايات المتحدة.
  • ثانياً، تحركات إيران كانت دائماً تُنفّذ من خلال الاستعانة بوكلائها وليس أبداً بصورة مباشرة وبأيدٍ إيرانية يمكن أن يؤدي تعقبها مباشرة إلى طهران. هذا ما حدث في غزة ولبنان، وفي سورية واليمن.
  • ثالثاً، التحركات الإيرانية اتخذت أغلبيتها طابعاً تكتيكياً كعمليات إرهاب محدودة، لكنها لم تتخذ طابع عملية عسكرية شاملة تؤدي إلى إعلان حرب ويمكن أن تورط إيران في مواجهة شاملة.
  • على هذه الخلفية، استند المفهوم الذي مفاده أن إيران لن تجرؤ على توجيه الضربة الأولى بصورة مباشرة وصريحة إلى هذا الحد، فكم بالحري إذا كانت لا تملك سلاحاً نووياً. ضمن هذا الإطار ستظل تتصرف بحذر من أجل تحقيق أهدافها. هذا ما يبدو في سورية في مواجهة السياسة الإسرائيلية الحازمة التي أدت إلى انسحاب إيراني أو على الأقل إلى تباطؤ كبير في تمركز طهران في الساحة الشمالية.
  • لكن في الأشهر الأخيرة انهار المفهوم بشأن تحركات إيران المستقبلية، من دون أن ينتبه أحد إلى ذلك. في البداية وقعت عمليات تخريب ناقلات النفط في الخليح الفارسي، وبعدها جاء الدفع قدماً بعمليات هجوم ضد إسرائيل بواسطة حوامات - الآن، وكخطوة مطلوبة، وبالتأكيد في ضوء صمت الولايات المتحدة، خلعت طهران القناع، وقامت بهجوم واسع النطاق، مع استعداد للمخاطرة بمواجهة شاملة ومباشرة.
  • من المحتمل أن ما يجري هو رهان سيتضح أنه ينطوي على كارثة لطهران، ومن المحتمل أن الأمر ناجم عن الضائقة الاستراتيجية التي يواجهها الإيرانيون بسبب العقوبات الأميركية. وفي الحالتين، ما يجري هو تغيير مهم في توجه نظام آيات الله.

ما يجري هو حوادث وقعت في الخليج الفارسي البعيد عن حدود إسرائيل. يمكن الافتراض أن الإيرانيين يعلمون أن إسرائيل، بعكس السعودية وحتى واشنطن، ليست مستعدة لأن تدير خدها الثاني عندما تتعرض للضرب. ومع ذلك، يجب على القدس أيضاً أن تستوعب الدرس. التهديد الإيراني لا يتعلق فقط بالتقدم نحو السلاح النووي بل أيضاً له علاقة بعمليات عسكرية هجومية، وهذه المرة لم يقم بها وكيل بل قامت بها إيران مباشرة.