القضاء على العنف مصلحة عربية – يهودية مشتركة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • قبل أسبوعين ذهبت إلى قرية ياسيف لتقديم العزاء إلى عائلة ديراوي، بعد مقتل ابنهم أديب على أيدي مجرمين. هناك، وفي خيمة العزاء، روى لنا الأب نايف بغضب، أن الشرطة بصعوبة اتصلت به بعد دفن ابنه. كل ضحية هو الدنيا وما فيها، لكن الحزن والغضب في القطاع العربي يشارك فيهما بين آلاف العائلات التي فقدت أحباءها – 1386 شخصاً منذ سنة 2000؛ و73 قتيلاً فقط هذه السنة. نحن في حالة طوارىء.
  • هذا الواقع ليس قدراً محتوماً، بل هو نتيجة مباشرة لعجز حكومي ولامبالاة مجرمة من جانب الشرطة. الحلول مطروحة على الطاولة، ونحن نطالب بها منذ سنوات من على كل منبر ممكن: عمليات لفرض القانون، ومراكز شرطة لجمع السلاح، وميزانيات تعليم، هي التي ستوقف تفشي العنف. لقد طلبت القائمة المشتركة عقد جلسة طارئة للكنيست. وجمعنا تواقيع 65 عضو كنيست لمطالبة رئيس الحكومة بتنفيذ خطة منهجية لمحاربة الجريمة. مطالبنا لم تلق آذاناً صاغية.
  • الذين يريدون التنصل من مسؤولية الحكومة عن الأمن الشخصي لمواطنيها يستخدمون حججاً ظلامية لتحميل القتلى أنفسهم المسؤولية. لقد توقفت عن تعداد المرات التي سُئلت فيها عن "ثقافة الجريمة" في المجتمع العربي. يكفي أن نلقي نظرة سريعة على أرقام الجريمة وسط الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة كي ندرك إلى أي حد هذه الحجة باطلة: المعدل السنوي للقتلى في المجتمع اليهودي في إسرائيل هو 8 أشخاص من كل مليون، وهناك أعداد مشابهة في الضفة الغربية، حيث المتوسط هو 9 قتلى، وفي قطاع غزة هو 11 من كل مليون.
  • قبل أحداث تشرين الأول/أكتوبر 2000 كان معدل القتلى العرب في إسرائيل مساوٍ للمعدل في المجتمع اليهودي، لكن منذ ذلك الحين طرأت زيادة، والمعدل حالياً هو 46 قتيلاً من كل مليون، أي 6 أضعاف تقريباً المعدل في المجتمع اليهودي في إسرائيل والمجتمع الفلسطيني في الأراضي المحتلة. نحن مضطرون للاعتراف بالواقع المؤلم: لو كان اسم أديب ديراوي أفيف درشوفيتس، مثلاً، لما تجاهلت الشرطة والده، ولكانت بذلت كل ما في وسعها لمنع نشوء وضع يتحول فيه 3000 ولد يهودي إلى أيتام خلال عقدين - كما جرى في المجتمع العربي. إن القتلى ليسوا فقط ضحايا الجريمة والعنف، هم أيضاً ضحايا عنصرية الحكومة.
  • عندما تكون شوارعنا ملطخة بالدماء، والحكومة ترى فينا أعداء بدلاً من مواطنين، لم يعد أمامنا خيار سوى تحطيم كل القواعد والأحكام. هذا الأسبوع لم نعد ننتظر أن تقرر الحكومة إعطاءنا الحق في الحياة والأمن، وخرجنا إلى الشوارع كي نفعل ذلك بأنفسنا. عشرات الآلاف من المواطنين العرب خرجوا من منازلهم لإجبار الحكومة والشرطة على الاعتراف بمطلبهم بالقضاء على الجريمة. شوارع أُغلقت، ووزير الأمن الداخلي غلعاد أردان الذي لم يسارع حتى الآن إلى الدفاع عن 20% من مواطني الدولة في وجه الجريمة، استيقظ ودعا رؤساء القائمة المشتركة إلى اجتماع. في الأيام المقبلة سنعود إلى الاجتماع وسنكرر طرح مطالبنا باسم عشرات آلاف المتظاهرين في الشوارع.
  • في نهاية الأمر، الحرب على الجريمة ستنجح، لكن الطريق طويل، ويجب علينا أن نقطعه معاً. مستقبل الدولة سيتبلور في صورة النضالات التي نخوضها من أجله. في الانتخابات الأخيرة تحدث كثير من اليهود عن شراكة عربية – يهودية. هذه فرصتنا كي نحول الكلام إلى أفعال. أدعو الجمهور اليهودي الذي يؤمن بالديمقراطية إلى مشاركتنا في نضالنا من أجل مجتمع من دون سلاح.

القضاء على العنف هو من مصلحة جميع المواطنين، والنضال المشترك هو السبيل  إلى بناء مجتمع مشترك.