من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- خلال الأسبوع الماضي تراجع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في اللحظة الأخيرة، عن خطة لعملية عسكرية استثنائية كان يمكن أن يكون لها انعكاسات بعيدة المدى؛ فقد أوقف نتنياهو هذه الخطوة في أعقاب موقف المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت، الذي رأى أن قراراً كهذا يجب أن يُتخذ بموافقة الطاقم الوزاري المصغر.
- بدأ النقاش الدراماتيكي الذي حصلت "هآرتس" على تفاصيله لأول مرة، مساء يوم الثلاثاء. قبل ذلك بساعات معدودة، عاش رئيس الحكومة تجربة مزعجة؛ فقد كان يحضر لقاءً انتخابياً لليكود في أشدود عندما أُطلق على المدينة صاروخ غراد من قطاع غزة. عندما أطلقت قيادة الجبهة الداخلية صافرات الإنذار، استجاب نتنياهو إلى طلب حراسه الأمنيين من الشاباك وقطع خطابه ونزل عن المنصة متوجهاً إلى مكان آمن، بينما بقي في القاعة مئات المشاركين في الاجتماع. اعترضت بطارية القبة الحديدية الصاروخ، وعاد نتنياهو إلى إلقاء خطابه. بعد الحادثة تعرض نتنياهو إلى انتقاد سياسي حاد من جانب خصومه، فاتهمه زعماء "أزرق أبيض" بالتخلي عن مؤيديه، وحتى الوزير السابق نفتالي بينت (من حزب يمينا) ادعى أن إطلاق النار كان "إهانة وطنية".
- بعد عودته من أشدود، عقد نتنياهو استشارات عاجلة، مع رؤساء المؤسسة الأمنية في الكرياه في تل أبيب. ونشر مكتب رئيس الحكومة صورة عن الاجتماع بعد انتهائه ظهر فيها نتنياهو، ورئيس الأركان أفيف كوخافي، ورئيس الشاباك نداف أرغمان، ورئيس الموساد يوسي كوهين، ورئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات، ورئيس الاستخبارات العسكرية اللواء تامير هايمن، والسكرتير العسكري لنتنياهو العميد آفي بلوت، بوجوه متجهمة. ولم ينشر مكتب رئيس الحكومة تفصيلات عمّا جرى خلال الاستشارات، لكن بعد ساعات على حدوثها هاجم سلاح الجو أهدفاً عسكرية تابعة لـ"حماس" في قطاع غزة.
- كان الهجوم أوسع قليلاً من عمليات قصف أُخرى حدثت في الفترة الأخيرة، لكنه لم تقع إصابات. وثمة شك في أنه أحدث تغييراً حقيقياً في وضع القطاع، أو عزز الردع الإسرائيلي إزاء قيادة "حماس" في غزة.
- واتضح لاحقاً أن الرد الإسرائيلي المحدود له علاقة بتحفظات بعض كبار مسؤولي المؤسسة الأمنية على نمط العملية. لكن في الأساس له علاقة بموقف المستشار القانوني مندلبليت الذي لم يحضر النقاش، ولكنه شارك في الاستشارات الهاتفية التي استمرت أيضاً يوم الأربعاء. وبمقدار ما هو معروف دار النقاش حول طبيعة الرد المطلوب بعد إطلاق الصاروخ على أشدود (وإطلاق صاروخ آخر على أشكلون)، الذي نُسب إلى حركة الجهاد الإسلامي. لدى الجهاد الإسلامي آلاف الناشطين العسكريين المسلحين بآلاف الصواريخ في القطاع، وقيادة التنظيم موجودة في دمشق.
- استند موقف المستشار إلى قانون أساس: الحكومة. في نيسان/أبريل 2018 وافق الكنيست على تعديل هذا القانون في البند الـ40 الذي يفرض موافقة الحكومة على قرار القيام بعملية عسكرية مهمة يمكن أن تؤدي إلى حرب مستوى احتمال حدوثها شبه مؤكد. الحكومة، من جهتها، لها الحق في منح هذه الصلاحية إلى الكابينت (اللجنة الوزارية للأمن القومي). وجرت الموافقة على تعديل القانون بالاستناد إلى توصيات لجنة برئاسة العميد في الاحتياط يعقوب عميدرور، الذي عينه نتنياهو للبحث في صلاحيات الطاقم الوزاري وإجراءات عمله على خلفية استخلاص الدروس من عملية الجرف الصامد في صيف سنة 2014.
- خلال عملية التشريع قبل نحو سنة ونصف السنة، اندلع خلاف حاد بهذا الشأن؛ فقد ناشد الليكود، بطلب من نتنياهو، تمرير بند في القانون يسمح أيضاً لرئيس الحكومة ووزير الدفاع، لوحدهما في حالات خاصة، باتخاذ مثل هذا القرار المصيري، الأمر الذي عارضه أعضاء الكنيست من المعارضة، وذلك في مسعى قاده عضو الكنيست عوفر شيلاح – الذي كان حينها في حزب يوجد مستقبل. كما عارضه أيضاً الوزيران نفتالي بينت وأييليت شاكيد، وفي النهاية أزيل البند الإضافي من اقتراح القانون. لذلك ينص القانون القائم على ضرورة حصول قرار من هذا النوع على موافقة المجلس الوزاري المصغر. هذه هي الحجة التي عرضها مندلبليت أمام نتنياهو، ومفادها أن هناك حاجة إلى إشراك الطاقم الوزاري في القرار، وعلى الوزراء الاستماع إلى رأي رئيس الأركان قبل اتخاذ القرار. في نهاية الأمر، وبحسب عدة مصادر تحدثت مع "هآرتس"، أجّل نتنياهو نيّته إعطاء الأمر للقيام بعملية واسعة. ومن المنطقي الافتراض أن موقف المستشار القانوني كان منسقاً مع رؤساء الأذرع الأمنية.
- في "هجمة" المقابلات التي أجراها نتنياهو في الأيام الأخيرة، قبيل الانتخابات، كرر عدة مرات أنه سيأمر بشن حرب ضد "حماس" في قطاع غزة بعد الانتخابات، إذا لم يكن هناك خيار آخر. رئيس الحكومة قال أنه يدير السياسة بصورة مسؤولة، وسيختار الحرب فقط كاحتمال أخير.
- في مقابل التطورات في قطاع غزة، بقي التوتر كبيراً في الساحة الشمالية. في زيارة خاطفة قام بها نتنياهو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مدينة سوتشي يوم الخميس، قال إن "محاولات إيران المس بإسرائيل من أراضي سورية ازدادت بصورة خطرة جداً، وأيضاً محاولاتها وضع صواريخ دقيقة فيها. وهذا تهديد لا يمكننا تحمله، وسنواجهه."
- وجاء من مكتب رئيس الحكومة "عموماً ليس من عادتنا التطرق إلى نقاشات الطاقم الوزاري المصغر." ورفضت وزارة العدل الرد على طلب "هآرتس" توضيح ما جرى.
- رئيس الأركان السابق عضو الكنيست غابي أشكينازي (أزرق أبيض) ادعى أول أمس في مناسبة حضرها في رامات غان، أن نتنياهو يمر بحالة "هستيريا وضغط ورعب." وبحسب أشكينازي "يمكن أن يقوم نتنياهو بأشياء خطرة: أشياء لم يقم بها أي رئيس حكومة."
- الصحافي بن كسبيت تحدث يوم الجمعة في "معاريف" عن اندلاع خلاف صاخب بين نتنياهو ومندلبليت ورؤساء المؤسسة الأمنية بعد ظهر يوم الثلاثاء. وقبل ذهابه إلى أشدود عقد رئيس الحكومة مؤتمراً صحافياً كان سيعلن فيه فرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن (وبحسب رواية أُخرى، على كل المستوطنات الموجودة في المنطقة ج في الضفة الغربية).
بحسب كسبيت، عرض نتنياهو المستجدات على رئيس الأركان ورئيس الشاباك ومسؤولين كبار آخرين، بشأن تصريحه الذي ينوي إعلانه خلال محادثة هاتفية جماعية، لكن هؤلاء حذروه من انعكاسات القرار. وحتى المستشار القانوني حذر من اتخاذ خطوات بعيدة المدى من قبل حكومة انتقالية. وفي نهاية الأمر اضطر نتنياهو، بعد أن أدت الخلافات إلى تأخير عقد مؤتمره الصحافي، إلى الاكتفاء بإعلان أكثر عمومية، إذ أعرب عن نيته ضم غور الأردن بعد الانتخابات، في حال فاز فيها.