هل بدأ ترامب يرى في نتنياهو شخصاً فاشلاً؟
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- هذه هي المرة الثالثة هذا الأسبوع التي يفرض دونالد ترامب على بنيامين نتنياهو أن يفعل شيئاً كان رئيس الحكومة يفضّل ألّا يقوم به.
- في البداية كان هناك الطلب الصارم بالامتناع من إقامة علاقات اقتصادية وثيقة جداً مع الصين، وخصوصاً في المجال السيبراني – وهذا طلب ضرراً كبيراً جداً يمس بعدد من الصفقات الضخمة المخطط لها. بعدها جاءت المطالبة غير المسبوقة بالسماح بإعطاء مئات من أذونات البناء للفلسطينيين في المنطقة ج، وهو طلب وافق عليه المجلس الوزاري المصغر الذي يشارك فيه بتسلئيل سموتريتش وسائر مؤيدي الضم؛ أخيراً وقبل بضعة أيام أعلن الرئيس الأميركي على تويتر أن مَن يعارض قيام إسرائيل يجب ألّا يحصل على تأشيرة دخول إليها، لذا على نتنياهو منع دخول العضوتين في الكونغرس الأميركي المؤيدتين لحركة الـBDS، إلهام عُمر ورشيدة طالب.
- أسباب هذه الطلبات مفهومة. ففي الصراع الدائر على السيطرة على التكنولوجيا في العالم، فإن إقامة علاقات وثيقة بين إسرائيل والصين يهدد في رأي الأميركيين المعلومات والقدرات التي تنقلها الولايات المتحدة إلى إسرائيل. أيضاً المطالبة الثانية غير المسبوقة مفهومة في ضوء حقيقة أن ترامب تعهد على ما يبدو أمام السعوديين بأن تُظهر إسرائيل قليلاً من الإرادة الطيبة حيال السلطة الفلسطينية في العملية الصعبة لتحقيق خطة السلام.
- لقد كان نتنياهو يفضل طبعاً اختفاء خطة ترامب للسلام تحت الأطلسي أو أن تتبدد في الفضاء، لكن حلف ترامب ومحمد بن سلمان يضمن أن رغباته في هذا الشأن لن تتحقق، وسواء شاء أم أبى ستقوم دولة فلسطينية ما ضمن حدود ما.
- تدل المطالبة الثالثة من نتنياهو بمنع دخول عضوتي الكونغرس إلى إسرائيل أكثر من أي شيء آخر على شخصية ترامب الذي يُعتبر من كبار أتباع شعار "في الحرب كما في الحرب". وهو لا يغلف كلامه بمسحة لطيفة من اللياقة (باستثناء محاولاته التوصل إلى اتفاق مع كيم جونغ أون الذي لا توجد طريقة لإقامة أي صلة معه غير الحرب)، ولا يتردد في القتال بأسنانه وأظفاره ضد كل من يقف ضده أو ضد إدارته، سواء كان مهماً أو سخيفاً. قبول نتنياهو الالتزام بالقواعد الدولية وعدم مقاطعة عضوتين شابتين في مجلس النواب، يثير بالتأكيد حنق الرئيس الأميركي، ليس فقط لأن العضوتين تعتبران من بين أشد منتقديه، بل لأنه يرى أن مثل هذا التنازل هزيمة، ومعروف عنه أنه يحتقر الضعف.
- بكلام آخر، من المحتمل أن العلاقة الغرامية بين ترامب ونتنياهو تواجه صعوبات. من السابق لأوانه تأكيد ذلك، لكن هل الرئيس الأميركي بدأ يتعامل مع رئيس الحكومة كإنسان فاشل؟ صحيح أن نتنياهو يُعتبر من بين أصدقاء ترامب القلائل في الغرب، لكن اليوم لدى ترامب أصدقاء جدد في الأفق، مثل بوريس جونسون.
- أيضاً بالتأكيد يرى ترامب كيف يتلوّى نتنياهو بعد فشله مؤخراً في تأليف الحكومة، وهو يدرك أيضاً أن المعارضة الشديدة لاستمرار حكم نتنياهو في إسرائيل بدأت تحدث تأثيراتها. تدل مجموعة الطلبات التي جرى الكشف عن أنه حتى لو لم يكن في نيته المس علناً بفرص نجاح نتنياهو، فإنه لم يعد يرى فيه إنساناً لا يُقهر، لذلك لم يعد يستحق معاملة لطيفة وخاصة.
يمكن الافتراض أن فلاديمير بوتين لا يرى الأمور بطريقة أُخرى، وكذلك جزء من الزعماء الآخرين في العالم. ثمة شك هذه المرة في أنهم سيمدون له يد العون بطيبة خاطر. ربما لا يزال نتنياهو قادراً على الفوز في الانتخابات المقبلة، لكن مؤشرات اضمحلاله موجودة فعلاً هنا.