الاستيلاء على ناقلة النفط البريطانية: طهران لا تخشى السير على حافة الهاوية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

الاستيلاء على الناقلة البريطانية لم يكن مجرد نزوة عابرة أو مبادرة محلية، وإنما تعبير عن سياسة مرسومة في إيران. التقديرات في إسرائيل أن "حزب الله" لن يسارع إلى الدخول في مغامرات حربية.

 

  • التصعيد الأخير في الخليج، والذي تجسد في نهاية الأسبوع الأخير في استيلاء قوات الحرس الثوري الجمهوري الإيرانية على ناقلة نفط بريطانية، هو علامة إضافية أُخرى على الضائقة الإيرانية، وعلى استعداد إيران للسير على حافة الهاوية والمخاطرة باحتمال حرب في مقابل أميركا. فالاستيلاء على الناقلة ليس نزوة آنية عابرة أو مبادرة محلية، وإنما هي تعبير عن سياسة مرسومة في إيران تقضي بتصعيد العمليات، مرحلة في إثر أُخرى وبالتدريج، رداً على العقوبات القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران.
  • يمكننا رؤية هذا التوجه في الإجراءات المتعلقة بمسارات الملاحة البحرية في منطقة الخليج في محاولة لخلق معادلة تفيد بأنه إذا لم تستطع إيران الاتجار بنفطها، فإن هذا سيكون له انعكاس على سوق النفط بأكمله. وإذا كانت تلك الإجراءات قد استهدفت، حتى قبل أشهر معدودة، دولاً مجاورة في الخليج الفارسي فقط، فقد لمّح الإيرانيون في نهاية الأسبوع الأخير بأنهم سيرفعون سقف الرهان وهم يستهدفون الآن، فعلياً، مصالح دولة عظمى مثل بريطانيا، الحليف المهم جداً للولايات المتحدة.
  • كانت الاستخبارات الإسرائيلية قد توقعت السياسة التي سيعتمدها الإيرانيون رداً على العقوبات الآخذة في التعمق والاتساع تباعاً. لكن، مع ذلك، لا تزال التقديرات الإسرائيلية ترى أنه على الرغم من الوضع المتوتر في المنطقة، فإن احتمال نشوب حرب تكون إسرائيل طرفاً فيها هو احتمال ضئيل جداً. وتفيد التقديرات الإسرائيلية بأن "حزب الله" أيضاً لن يسارع إلى الدخول في مغامرات حربية مع إسرائيل، نيابة عن نظام الملالي في طهران أو بتوكيل منه.
  • في صلب هذه الرؤية، فإن تقدير الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بأن الردع الإسرائيلي في مقابل "حزب الله" لا يزال قوياً. وترى هذه التقديرات أن الاحتمال الأقوى هو اندلاع مواجهة واسعة جرّاء حدث موضعي، مثل العملية ضد التنظيم الإرهابي الشيعي في سورية، والتي نُسبت إلى إسرائيل، بينما احتمال إقدام "حزب الله" على عمل هجومي يشعل فتيل حرب هو احتمال ضئيل جداً.
  • لكن التقرير الصحافي الشامل الذي نشره موقع "ديلي بيست" الأميركي عن "حزب الله" يتحفظ عن هذا التوجه ويضعه موضع التساؤل والتشكيك. فقد تضمن التقرير، بين ما تضمنه، مقابلات مع قادة ميدانيين ومقاتلين من الحزب، بعضهم على الأقل - مثلما ورد فيه - تحدث في المقابلات من دون إذن القادة الكبار. ويشير موقع "ديلي بيست" إلى أنه حين يتحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن حرب فهو يعني مواجهة عسكرية معروفة. لكن من وجهة النظر الإيرانية، فإن ترامب يشن الآن حرباً اقتصادية على إيران ستقود إلى نشوب حرب عسكرية في المنطقة. ويركز التقرير على ما يجري في لبنان، ويدّعي، عملياً، أنه كلما تصاعدت حدة التوتر بين إيران والولايات المتحدة، يزداد أيضاً احتمال اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل و"حزب الله".
  • في المقابلات المتعددة التي يوردها التقرير، يدّعي ضباط من "حزب الله" أن للعقوبات الاقتصادية على إيران آثاراً عميقة ومباشرة في تنظيمهم، ولذا فإنهم سيكونون على أهبة الاستعداد لتنفيذ عمليات حربية ضد إسرائيل، إذا ما أصدر الإيرانيون الأوامر لهم بذلك. إذا سقط صاروخ على إيران، يقول أحد القادة العسكريين في التقرير، فإن التعامل في هذا الأمر سيكون على أساس أن إسرائيل هي التي أطلقته. والرسالة التي تبثّها تصريحات القادة والمقاتلين في التقرير فحواها أن سيناريو الحرب مع إسرائيل محتمل جداً، بل ربما يكون وشيكاً جداً، وسيكون "حزب الله" صاحب الطلقة ألأولى فيها.

صحيح أن التقرير لا يعبّر عن موقف "حزب الله" الرسمي، إلاّ إنه يمكن اعتبار التصريحات الواردة فيه مؤشراً إضافياً آخر إلى التوتر المتصاعد على طول الحدود الشمالية وفي هضبة الجولان، وهو توتر ناجم، أيضاً، عن المواجهة بين واشنطن وطهران. وفي كل ما يتعلق بإيران، فإن إسرائيل تحاول جاهدة، وبناء على طلب أميركي، المحافظة قدر المستطاع على ضبط النفس والهدوء. وعلى الرغم من ذلك، فإن التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وإيران يزيد في احتمال أن تجد إسرائيل نفسها، أيضاً، مجرورة إلى أتون المواجهة.