مستوطنو البيت الأبيض
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- الاحتفال الذي جرى في الأمس في نفق يقع تحت الشارع الرئيسي في سلوان كان قبل بضع سنوات يُعتبر مستحيلاً. فقد شارك دبلوماسيان رفيعا المستوى في الإدارة الأميركية، موفد البيت الأبيض إلى الشرق الأوسط جايسون غرينبلات، والسفير الأميركي ديفيد فريدمان، إلى جانب أعضاء في الكنيست، وزوجة رئيس الحكومة ومسؤولين إسرائيليين كبار في حفل تدشين "طريق الحجاج" – نفق قامت بحفره الجمعية اليمينية الاستيطانية "إلعاد" بمساعدة متحمسة من الدولة.
- النفق الذي، بحسب إلعاد، كشف طريقاً يعود إلى فترة الهيكل الثاني كان يسلكه الحجاج من بركة سلوان إلى جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]، هو مشروع مركزي بالنسبة إلى الجمعية في إطار جهودها لتهويد سلوان وجوارها من خلال استخدام علم الآثار والسياحة. وعند فتح النفق أمام الجمهور الواسع، الذي سيجري بعد بضعة أشهر، على ما يبدو، من المنتظر أن يتحول إلى موقع سياحي مركزي.
- إن مشاركة دبلوماسيين أميركيين في مناسبة تقيمها جمعية يمينية في القدس الشرقية هي اعتراف واقعي (de-facto) بالسيادة الإسرائيلية على الحوض التاريخي في القدس. لقد أوضح السفير فريدمان، لمن لا تزال لديه شكوك، في "الجيروزالم بوست" أن "مدينة داود هي مكون حيوي في التراث القومي لدولة إسرائيل. وإعادة مدينة داود تشبه استعادة أميركا تمثال الحرية". خلال المناسبة نفسها أضاف فريدمان "هذا الموقع هو موقع تراثي بالنسبة إلى الولايات المتحدة مثلما هو موقع تراثي بالنسبة إلى إسرائيل".
- هذا الاعتراف لا يضع الإدارة الأميركية في جهة اليمين المتشدد من الخريطة السياسية الإسرائيلية – ويسحب البساط من تحت الادعاء أن الوساطة الأميركية نزيهة وليست منحازة إلى طرف معين - فحسب، بل أيضاً يتجاهل تماماً الواقع المعقد في سلوان في القدس الشرقية وفي المنطقة كلها. والنفق الذي حُفر بوسائل علمية مثيرة للجدل، يضع علم الآثار في خدمة السياسة ويتجاهل الفروق الدقيقة للماضي السابق للقدس.
- بيْد أن المشكلة الأساسية للنفق هي أن الهدف من حفره تحت الشارع هو تجاهُل ما يجري فوق الشارع. ففي سلوان وحدها يعيش 20 ألف فلسطيني، من دون جنسية ومن دون حقوق، ويشعرون عن حق، بأن المشروع الأركيولوجي يهدف إلى طردهم من حيّهم. وحول سلون يعيش 300 ألف فلسطيني من سكان المدينة أيضاً من دون حقوق.
إن كل من يعرف ولو معرفة سطحية الشعب الفلسطيني يدرك أن لا أمل بالتوصل إلى أي تسوية تنهي الاحتلال مع استمرار سيطرة إسرائيل على القدس الشرقية وجبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]. هكذا، بحماقة وفي حفل واحد يقطر عسلاً وابتسامات، حكمت إدارة ترامب على سكان إسرائيل بالعيش في نزاع دائم أو في دولة أبرتهايد، يعيش فيها نوعان من السكان، من لديهم حقوق ومن لا حقوق لهم.